بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

فِى وَدَاعِ رَمَضَانَ، وَسُنَنُ العِيدِ وَآدَابُهُ 29

بوابة الوفد الإلكترونية

الْحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

أَمَّا بَعْدُ:

فَقَدْ شَرَعَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- فِى خِتَامِ شَهْرِكُمْ هَذَا عِبَادَاتٍ تَزِيدُكُمْ مِنَ اللهِ قُرْبًا، وَتَزِيدُ فِى إِيمَانِكُمْ قُوَّةً، وَفِى سِجِلِّ أَعْمَالِكُمْ حَسَنَاتٍ.

فَشَرَعَ اللهُ لَكُمْ زَكَاةَ الْفِطْرِ.

وَشَرَعَ لَكُمُ التَّكْبِيرَ عِنْدَ إِكْمَالِ الْعِدَّةِ، وَيَبْدَأُ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْعِيدِ إِلَى صَلَاةِ الْعِيدِ.

قَالَ اللهُ - جَلَّ وَعَلَا-: {وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البَقَرَة: 185].

وَالتَّكْبِيرُ شَعِيرَةٌ مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ فِى الْعِيدَيْنِ، وَصِفَتُهُ أَنْ يَقُولَ المسْلِمُ: (اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ).

وَيُسَنُّ جَهْرُ الرِّجَالِ بِالتَّكْبِيرِ فِى الْمَسَاجِدِ وَالْأَسْوَاقِ وَالْبُيُوتِ؛ إِعْلَانًا بِتَعْظِيمِ اللهِ، وَإِظْهَارًا لِعِبَادَتِهِ وَشُكْرِهِ وَحَمْدِهِ.

وَيُسِرُّ بِهِ النِّسَاءُ؛ لِأَنَّهُنَّ مَأْمُورَاتٌ بِالتَّسَتُّرِ، وَالْإِسْرَارِ بِالصَّوْتِ.

وَإِذَا مَا جَلَسَ الْإِنْسَانُ فِى الْمُصَلَّى عَلَيْهِ أَنْ يُكَبِّرَ وَحْدَهُ.

وَشَرَعَ اللهُ سُبْحَانَهُ لِعِبَادِهِ صَلَاةَ الْعِيدِ يَوْمَ الْعِيدِ، وَهِيَ مِنْ تَمَامِ ذِكْرِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-.

وَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النِّسَاءَ أَنْ يَخْرُجْنَ إِلَى صَلَاةِ الْعِيدِ، مَعَ أَنَّ الْبُيُوتَ خَيْرٌ لَهُنَّ فِيمَا عَدَا هَذِهِ الصَّلَاةَ.

وَمِنَ السُّنَّةِ فِى الْعِيدِ: أَنْ يَأْكُلَ قَبْلَ الْخُرُوجِ إِلَى الصَّلَاةِ فِى عِيدِ الْفِطْرِ تَمَرَاتٍ وِتْرًا؛ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، يَقْطَعُهَا عَلَى وِتْرٍ؛ لِقَوْلِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: (كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمْرَاتٍ، وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا). رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَيَخْرُجُ مَاشِيًا، لَا رَاكِبًا إِلَّا مِنْ عُذْرٍ كَعَجْزٍ وَبُعْدٍ.

وَكَانَ الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا خَرَجَ إِلَى المُصَلَّى يَذْهَبُ مِنْ طَرِيقٍ، وَيَعُودُ مِنْ طَرِيقٍ؛ قَالَ العُلَمَاءُ -رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمْ-: (إِنَّهُ أَرَادَ تَكْثيرَ الشُّهُودِ يَومَ الْقِيَامَةِ).

وقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: (إِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى أَهْلِ الطَّرِيقَيْنِ).

وَيُسَنُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَجَمَّلَ، وَيَلْبَسَ أَحْسَنَ الثِّيَابِ.

وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَتَخْرُجُ إِلَى الْعِيدِ؛ لَا مُتَجَمِّلَةً وَلَا مُتَطَيِّبَةً، وَلَا مُتَبَرِّجَةً وَلَا سَافِرَةً؛ لِأَنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِالتَّسَتُّرِ، مَنْهِيَّةٌ عَنِ التَّبَرُّجِ بِالزِّينَةِ، وَعَنِ التَّطَيُّبِ حَالَ الْخُرُوجِ.

وَمِنَ السُّنَّةِ الَّتِى لَا خِلَافَ عَلَيْهَا أَنْ تَكُونَ صَلَاةُ الْعِيدِ فِى الْمُصَلَّى،

وَلَمْ يُصَلِّهَا الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِى الْمَسْجِدِ قَطُّ، لَا فِى عِيدِ فِطْرٍ وَلَا أَضْحَى، مَعَ أَنَّ مَسْجِدَ النَّبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الصَّلَاةُ فِيهِ بِأَلْفِ صَلَاةٍ.

فَيُؤَدِّى الْمُسْلِمُ الصَّلَاةَ بِخُشُوعٍ وَحُضُورِ قَلْبٍ، وَيُكْثِرُ مِنْ ذِكْرِ اللهِ وَدُعَائِهِ، وَيَرْجُو رَحْمَتَهُ وَيَخَافُ عَذَابَهُ، وَيَتَذَكَّرُ بِاجْتِمَاعِ النَّاسِ فِى الصَّلَاةِ فِى الْمُصَلَّى اجْتِمَاعَهُمْ فِى الْمَقَامِ الْأَعْظَمِ بَيْنَ يَدَيْ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- فِى صَعِيدِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

وَلَيَكُنِ المسْلِمُ فَرِحًا بِنِعْمَةِ اللهِ عَلَيْهِ بِإِدْرَاكِ رَمَضَانَ، وَعَمَلِ مَا تَيَسَّرَ فِيهِ مِنَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ، وَالْقِرَاءَةِ وَالصَّدَقَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الطَّاعَاتِ.

فَالْمُؤْمِنُ يَفْرَحُ بِإِكْمَالِهِ الصَّوْمَ وَالْقِيَامَ، وَلِتَخَلُّصِهِ بِهِ مِنَ الْآثَامِ.

الْعِبَادَةُ لَا تَنْقَطِعُ بَعْدَ رَمَضَانَ:

إِنَّهُ وَإِنِ انْقَضَى شَهْرُ رَمَضَانَ فَإِنَّ عَمَلَ المُؤْمِنِ لا يَنْقَضِى قَبْلَ المَوْتِ، قَالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحِجْر: 99].

وَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا مَاتَ الْعَبْدُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ».

فَلَمْ يَجْعَلْ لِانْقِطَاعِ الْعَمَلِ غَايَةً إِلَّا المَوْتَ.

فَلَئِنِ انْقَضَى صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّ المُؤْمِنَ لَنْ يَنْقَطِعَ عَنْ عِبَادَةِ الصِّيَامِ بِذَلِكَ.

هَذِهِ الْأَيَّامُ قَدْ أَدْبَرَتْ، وَمِنَ الْمَوْتِ قَرَّبَتْ، وَالسَّعَادَةُ فِى اجْتِنَابِ الذُّنُوبِ وَالْآثَامِ، وَفِى طَاعَةِ الْمَلِيكِ الْعَلَّامِ.

فَأَقْبِلُوا عَلَى رَبِّكُمْ، وَاتَّقُوا السَّيِّئَاتِ وَالذُّنُوبَ، وَاعْلَمُوا أَنَّ لِلذُّنُوبِ آثَارًا مُعَجَّلَةً وَمُؤَجَّلَةً، وَلَا بُدَّ مِنَ اسْتِيفَائِهَا.

اتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ-، وَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ، وَارْجِعُوا إِلَيْهِ، وَاغْتَنِمُوا هَذِهِ الْأَوْقَاتِ.

وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.