تجشم عناء المشاركة لكن الله لم يمهله !
لم تمنع حرارة الجو أو الإزدحام الشديد الناخبين المسنين من النزول الى لجان التصويت وتجشم عناء الوقوف بالساعات فى الطوابير للإدلاء بأصواتهم ، فرأينا من يستند على عكازه ، من أحضر معه كرسيا صغيرا ليجلس عند الضرورة إذا تكالبت عليه آلام الركبة والمفاصل ،
وهناك من إصطحب معه حفيده ليتبادل معه حوارا شيقا ، يحكى له أن اليوم هو أسعد أيام حياته قاطبة ، فالجد الذى عاصر ثلاث رؤساء ، لم يفكر ولو مرة واحدة فى الإدلاء بصوته ، لأن التزوير كان منهجا مطبقا الغش كان سمة تلك العصور والنسبة المخادعة التى يخرجون بها على الشعب والتى تؤكد أن نسبة 99% من الشعب موافقون على التجديد للرئيس ، كانت النتيجة المعلومة مسبقا مدعاة للتندر والسخرية ، كنا لانملك إلا وأد الكلمات فى جوف الصبر ، نخرس الصوت خوفا من المجهول ، ولايسعنا إلا تقديم أسمى آيات العرفان ورفع التهانى والتبريكات الى صاحب المقام العالى نقول له : أننا نشكر الله كثيرا أنك مازالت تحكمنا وتتحكم فى مستقبلنا حسبما يتراءى لك (وبالروح وبالدم نفديك يارئيس ) أيا كان إسم الرئيس ، أيا كان إستبداده وتسلطته حتى لو حكمنا بالحديد والنار فجعنا وظمئنا والنيل يجرى من حولنا ، حتى لو صادقنا الحيات والعقارب فى عشش الصفيح ، أو عقدنا صداقة بيننا وبين الموتى فى القبور ، ولم لا فالأحياء منا هم أيضا موتى بلا روح ، كان الرئيس مفروض علينا فى كل حين ، حتى صوره فلتعلق فى المدارس والجامعات ، فى الطرقات والميادين ، فى كل القاعات والمؤسسات ، فى قاعات الكنائس أيضا كنوع من الولاء للحاكم ، ندعو له فى نهاية القداسات بالعمر المديد مثلما كنا ندعو لمصر والزرع والنيل ، كنا نشكر الحاكم عندما يلهينا عن التخطيط لمصائرنا فيمنعنا من ممارسة الحرية ولانعرف معنى للديمقراطية ، فهل كنا لانرى مساوئا ؟ وهل حقا كنا موافقون راضون ؟ بالطبع لا..... لكنه الخوف الذى يتغلغل فى أفئدتنا ، الرعب إن جاهرنا بمكنونات أنفسنا ، فكلنا يعلم نتيجة السير بالعكس ، جميعنا نردد فيما بيننا ( خلينا جنب الحيط ) و(عندنا عيال محتاجه نربيهم ) ، لو جاءت ( أمن الدولة ) وأنتزعت إبنى من حضنى فى الفجر ، ولم يعد إبنى الى داره ، فليس من حقى أن أسأل عن مكانه ربما مصيرى يكون كمصيره ، وربما أخذوا العائلة بأكملها عنوة ليمارسوا علينا كل أنواع الإذلال والضغوط ، ومؤخرا تم إعداد مشروع التوريث لنظل بين المنحدر والهاوية