بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

الأمر جد خطير

رفضنا مظاهرات الأقلية فى ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء ، ولكننا وعلى التوازى رفضنا رفضاً أشد معالجة المجلس العسكرى لهذه المظاهرات ، كما رفضنا مظاهرة تعبر عن أقلية صغرى جداً من الإسلاميين قامت بها مؤخراً فى العباسية ،

ولكننا وعلى التوازى أيضاً رفضنا رفضاً أشد معالجة الإدارة نفسها لها.
منذ فترة كتبت مقالين متتاليين تحت عنوان «إستلام السلطة» بدأتهما بقولى ، هل فكرنا فعلاً فى موضوع إستلام السلطة ، لا أقصد إستلامها الآن ، ولا أود كذلك فى ذلك ، ولكنى أقصد فى الأول من يوليو بإذن الله؟
ثم أردفت بسؤالٍ آخر قائلاً:
وهل فكرنا فى الحياد «السلبى» المحتمل للجيش ، بعد احتضان الدولة المدنية للسلطة فى أول يوليو ، وكيفية معالجته من الآن لكى يكون إيجابياً «مؤتَمِراً» من الدولة المدنية؟

وظننت أن الأمر سيجذب اهتمام القوى السياسية الرائدة ، ولكن لم يحدث ذلك الاهتمام ، واستمر الحال كما كان منذ عام وإلى الآن! ـ ـ
واليوم أقول ، أن فصيلة أو سرية أو كتيبة أو ربما لواء البلطجية التابع للنظام السابق ، لم يغادر حياتنا المصرية بعد الثورة أبداً.
كان يمكن للمجلس العسكرى رغم رفضنا ، أن يعلن أثناء اليوم الأخير من مظاهرة العباسية ، أنه خلال ثلاث ساعات من الآن ، إن لم يغادر المتظاهرون شرق القاهرة إلى التحرير ، سنتعامل معهم متدرجين لفضهم وصولاً للتعامل بالرصاص الحى حال اللزوم ، وكان ذلك رغم رفضنا له ، سيكون أشرف من التعامل عبر «جهاز البلطجية» الذى لم نعد ندرى عنه ، هل هو خالص لشرطة النظام البائد الذى لم نُطهره عبر إعادة هيكلته بعد ، وتستدعيه الإدارة حال اللزوم تعويضاً لارتباكها ، أم أنه «كوكتيل جديد» من البلطجية من أكثر من جهة أمنية ؟
نحن نتفهم ، وبحكم طبيعة الدولة اللمستبدة أو الفاشلة ، أو الطائفية المتحاربة  فى الدول الهشة كلبنان ، أن يكون هناك تنظيم سرى لدى فصيل معارض مثلاً ، لكننا لا نتفهم حتى فى لبنان أن يكون لديها جهاز للبلطجية أو الشبيحة تشكله الدولة اللبنانية ويتبعها!
بل يجب أن يكون لها ، فى طريقها للتخلص من هشاشتها ، جيش قوى وجهاز أمنى داخلى كذلك ، أقوى مما لدى الفصائل المتحاربة وقادر بل وساعٍ إلى القضاء على هذه الفصائل العسكرية غير الشرعية ، ولكن أن ترعى الدولة بنفسها البلطجية والشبيحة ، فذلك مرفوض للبنان بل هو غير موجود لديها بالفعل ، فما بالنا بمصر ، مصر الثورة التى قامت على الاستبداد والفساد والجهاز الأمنى القذر

الفاجر؟!
وما بالنا ، وهذا الجهاز موجود ومستمر ، ونحن على أعتاب إستلام الدولة المدنية لسلطاتها الكاملة «المفترضة»؟!
وهل سيظل هذا الجهاز كامناً لدى جهة بعينها ، حتى بعد 30 يونيو القادم؟! ـ ـ
صدقونى هذا ما شغلنى منذ أحداث ماسبيرو ، أقصد هذا التعامل الأمنى المرتبك مع الأحداث ، واللجوء إلى وسائل بعينها «البلطجية» ، عكس لدىَّ شخصياً ، مفهوماً غاب للأسف عن الجميع ، ومازال.
الأمر جد خطير ، ومعقد ، فضلاً عما يخلفه بشعور لدى الناس تجاه قواتنا المسلحة ، ما كان يجب أن يكون ، فالجيش فى ضميرنا عظيم ، وما كنا نتمنى لما كان أن يكون ، ونخشى من تصاعد هذا النوع من المعالجات الأمنية ، أن يُخِلِف على مصر نتيجة لهذه الدماء ، إرهاباً جديداً ، لما تتركه المشاهد فى نفوس الكثيرين من المصريين بتنوعهم ، حتى خارج الفئات الصغيرة التى تتظاهرت فى الأحداث الأربعة المختلفة.
أقول الأمر جد خطير ومعقد ، ولكن حله متاح ، ولكن القوى السياسية كلها للأسف ، فى هذا النطاق الفكرى «خارج الخدمة» ، ولدىَّ دلائل عدة على كونها «خارج الخدمة» فكرياً فى أكثر من موضوع ، ولكن هذا الموضوع بالذات هو الأعظم ، ومن هذه الدلائل الكثيرة التى تثبت عندى أن القوى السياسية جميعها خارج الخدمة ، أن الموضوع ليس على البال ، وتفاقم تصاعدياً طوال شهور العام المنصرم ، وظل عند القوى السياسية كلها «مش على البال ولا على الخاطر» ، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
مرة ربما تكون الأخيرة ، الأمر جد خطير للغاية ويتعقد كل يوم جديد ، وله علاج بالتأكيد ، اللهم قد بلغت اللهم فاشهد.
[email protected]