بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

مصر في‮ ‬ورطة‮!‬



ستظل مصر لسنوات طويلة تجني‮ ‬ثمار فشل سياسات حكومات الحزب الوطني‮ ‬التي‮ ‬ظلت قابعة علي‮ ‬أنفاسنا لأكثر من‮ ‬40‮ ‬عاماً،‮ ‬انشغل خلالها قادة الحزب الوطني‮ ‬بسلب ونهب أموال البلاد،‮ ‬تاركين قضاياها الخارجية والداخلية علي‮ ‬حد سواء،‮ ‬حتي‮ ‬ساءت الأحوال الداخلية،‮ ‬وتطاولت الدول الصغيرة عليها،‮ ‬وكان من نتيجة ذلك تهديد مصالح مصر المائية،‮ ‬وهو ما شهدنا وقائعه خلال العامين الماضيين،‮ ‬حينما أعلنت بعض دول حوض النيل عن توقيع اتفاقية جديدة لتقاسم مياه النيل،‮ ‬ووفقا لما أكده بعض الخبراء‮ ‬،‮ ‬فهذه الاتفاقية لا تفيد هذه الدول بقدر ما تضر بمصالح مصر المائية‮!!‬

وفي‮ ‬الوقت الذي‮ ‬ظلت فيه حكومات الحزب الوطني‮ ‬تهون من شأن المسألة،‮ ‬أخذت أيادي‮ ‬إسرائيل وأمريكا تلعب في‮ ‬منطقة حوض النيل،‮ ‬حتي‮ ‬تم إقرار الاتفاقية من جانب خمس دول وانضمت إليها بورندي‮ ‬مؤخراً‮ ‬ليصبح عدد الدول الموقعة علي‮ ‬الاتفاقية‮ ‬6‮ ‬دول،‮ ‬وبعد تصديق برلمانات هذه الدول عليها ستصبح نافذة لتضع مصر في‮ ‬موقف لا تحسد عليه،‮ ‬خاصة أن حصة مصر ثابتة من مياه النيل عند‮ ‬55‭.‬5‮ ‬مليار متر مكعب وعدد السكان في‮ ‬تزايد مستمر،‮ ‬وهو ما جعل مصر تدخل في‮ ‬حيز الشح المائي‮ ‬وإذا تم تنفيذ الاتفاقية ستفقد مصر نحو‮ ‬15‮ ‬مليار متر مكعب من حصتها وهو ما‮ ‬يدخلنا في‮ ‬مرحلة الفقر المائي‮ ‬ويهدد بمجاعة لا أحد‮ ‬يعلم عقباها‮.‬

كارثة حقيقة تعيشها مصر الآن،‮ ‬فحصتها من مياه النيل التي‮ ‬تقدر بـ‮ ‬55‭.‬5‮ ‬مليار متر مكعب لا تكفي‮ ‬احتياجات السكان الذين‮ ‬يصل عددهم إلي‮ ‬82‮ ‬مليون نسمة‮.‬

وإذا كانت الارقام تؤكد أن مصر دخلت الآن في‮ ‬مرحلة الشح المائي‮ ‬بعد أن انخفض نصيب الفرد من‮ ‬1000‮ ‬متر مكعب إلي‮ ‬ما‮ ‬يتراوح بين‮ ‬700‮ ‬و800‮ ‬متر مكعب‮ ‬،‮ ‬وبدلا من المطالبة بزيادة حصتنا من مياه النيل،‮ ‬لمواجهة الزيادة السكانية،‮ ‬أهملت حكومات الحزب الحاكم طوال تاريخها قضية دول حوض النيل واكتفت بالحقوق التاريخية لمصر في‮ ‬مياه النهر،‮ ‬وتتاست ان هناك أيادي‮ ‬خارجية تلعب في‮ ‬المنطقة لتهديد مصالحنا وكنتيجة لهذا الاهمال لمتعمد فوجئنا بخمس من دول حوض النيل وهي‮ ‬أوغندا وتنزانيا واثيوبيا ورواندا وكينيا تقوم في‮ ‬العام الماضي‮ ‬بالتوقيع علي‮ ‬الاتفاقية الإطارية لتقاسم مياه النيل وهي‮ ‬الاتفاقية التي‮ ‬تسمح للدول الموقعة عليها بإعادة تقسم مياه النيل‮ ‬،‮ ‬وإنشاء مشروعات علي‮ ‬مجري‮ ‬النهر دون الاعتداء باتفاقية‮ ‬1929‮ ‬التي‮ ‬تمنح مصر حق الفيتو أو الاعتراض علي‮ ‬أي‮ ‬مشروع‮ ‬يقام علي‮ ‬مجري‮ ‬النهر،‮ ‬لأن هذا من شأنه التأثير في‮ ‬حصة مصر التي‮ ‬تعتبر دولة المصب والتي‮ ‬ليس لها أي‮ ‬مصدر مائي‮ ‬آخر وتحصل من النهر علي‮ ‬ما‮ ‬يقرب من‮ ‬95٪‮ ‬من احتياجاتها المائية،‮ ‬ورغم أن مصر من أكثر دول الحوض حاجة لنهر النيل،‮ ‬حيث لا‮ ‬يوجد لديها أمطار‮ ‬،‮ ‬وليس لديها أي‮ ‬أنهار أخري،‮ ‬فإن الحكومة أهملت هذا الملف تماماً،‮ ‬بل إنها رفضت في‮ ‬كثير من الأحيان مد‮ ‬يد العون لدول حوض النيل فنياً‮ ‬وليس ماديا،‮ ‬وبالتالي‮ ‬وجدت إسرائيل ضالتها في‮ ‬هذا البعد المصري،‮ ‬وتوجهت بكل قوة إلي‮ ‬هذه المنطقة لا شيء سوي‮ ‬العبث بأمن مصر المائي‮. ‬

وكانت إسرائيل قد حاولت مراراً‮ ‬الحصول علي‮ ‬نسبة من مياه النيل من خلال مصر‮ ‬،‮ ‬حيث تقدم تيورور هيرتزل مؤسس الدول العبرية في‮ ‬عام‮ ‬1903‮ ‬باقتراح للحكومة البريطانية‮ ‬ـ صاحبة الانتداب علي‮ ‬مصر وفلسطين وقتها ـ بفكرة توطين‮ ‬اليهود في‮ ‬سيناء لاستغلال،‮ ‬ما فيها من مياه جوفية،‮ ‬ووافقت بريطانيا علي‮ ‬هذا الاقتراح إلا أنها عادت ورفضت الفكرة فيما بعد،‮ ‬وبعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل أبدت الأخيرة رغبتها في‮ ‬الحصول علي‮ ‬10٪‮ ‬من إيراد نهر النيل ـ‮ ‬8‮ ‬مليارات متر مكعب ـ لحل مشكلة المياه في‮ ‬إسرائيل،‮ ‬وباءت هذه المحاولة بالفشل،‮ ‬ثم أقترح حاييم بن شاهار رئيس تل أبيب تقليل النسبة إلي‮ ‬1٪‮ ‬علي‮ ‬أن تنقل بواسطة أنابيب بهدف استخدامها في‮ ‬مشروعات التنمية الزراعية،‮ ‬داخل قطاع‮ ‬غزة وخارجها،‮ ‬وفشلت هذه الفكرة أيضا‮. ‬ثم فترح بعض خبراء المياه الإسرائيليين ان تمد مصر قطاع‮ ‬غزة بحوالي‮ ‬100‮ ‬مليون متر مكعب سنويا ولما قوبلت كل تلك الاقتراحات بالفشل لم تجد إسرائيل أمامها سوي‮ ‬العبث في‮ ‬الخفاء مع دول حوض النيل بهدف الإضرار بمصالح مصر،‮ ‬وذلك من خلال تحريض تلك الدول علي‮ ‬إقامة سدود بتسهيلات من شركات إسرائيلية وأمريكية‮ ‬،‮ ‬بهدف الضغط علي‮ ‬مصر لتنفيذ رغبات إسرائيل في‮ ‬مدها بمياه النيل وإلا قطعت عنها شريان الحياة من هنا بدأت إسرائيل باللعب في‮ ‬أثيوبيا أولا والتي‮ ‬تمد مصر بحوالي‮ ‬95٪‮ ‬من مياه النهر التي‮ ‬تصل إلينا،‮ ‬ولما كانت الإدارة الأمريكية لا تسعي‮ ‬سوي‮ ‬تحقيق المصالح الإسرائيلية في‮ ‬المنطقة فقد ساعدت إسرائيل في‮ ‬عبثها بمستقبل مصر المائي‮. ‬ورغم علم الحكومة المصرية بكل ما‮ ‬يحدث إلا أنها اهملت هذا الملف الحيوي‮ ‬تماما،‮ ‬وبعد أن كانت سياسة مصر في‮ ‬عهد السادات أن‮ » ‬العبث بمياه النيل ليس له رد فعل سوي‮ ‬اللجوء إلي‮ ‬قوة السلاح‮« ‬وإبان تدهور العلاقات الثنائية بين مصر والسودان عام‮ ‬1995‮ ‬هدد الرئيس السابق مبارك بإن‮ »‬الذين‮ ‬يلعبون بالنار في‮ ‬الخرطوم‮ ‬يدفعون مصر إلي‮ ‬الدفاع عن حقوقها وحياتها‮« ‬حدث تغيرا ملحوظا بعد ذلك في‮ ‬السياسة المصرية،‮ ‬حيث أهملت مصر دول حوض النيل تماماً،‮ ‬وتركت الحبل علي‮ ‬الغارب لإسرائيل تفعل ما تشاء بعقول القائمين علي‮ ‬هذه الدول حتي‮ ‬حينما بدأت الدول الأفريقية باجتماع عنتيبي‮ ‬عام‮ ‬2009‮ ‬والذي‮ ‬ناقش الاتفاقية الجديدة أهملت مصر الأمر تماما،‮ ‬وحتي‮ ‬بعد توقيع‮ ‬5‮ ‬دول في‮ ‬2010‮ ‬علي‮ ‬الاتفاقية أخذت الأمر باستخفاف أيضا،‮ ‬وحينما فكرت الحكومة في‮ ‬إعادة العلاقات بينها وبين هذه الدول قررت تنظيم أول بطولة كروية لدول حوض النيل،‮ ‬وظنت أنها بذلك حسنت العلاقات مع هذه الدول لتقاجأ منذ أيام قليلة بتوقيع بوروندي‮ ‬علي‮ ‬الاتفاقية ليصبح عدد الدول الموقعة‮ ‬6‮ ‬أي‮ ‬حوالي‮ ‬ثلثي‮ ‬الأعضاء،‮ ‬وبذلك قد تدخل الاتفاقية حيز التنفيذ في‮ ‬أي‮ ‬لحظة،‮ ‬لتفاجأ أنها أمام أمر واقع جديد قد‮ ‬يحرمها من حوالي‮ ‬15‮ ‬مليار متر مكعب من حصتها التي‮ ‬لا تكفي‮ ‬عدد السكان،‮ ‬وبالتالي‮ ‬يصبح حوالي‮ ‬60٪‮ ‬من الأرض الزراعية في‮ ‬مصر بدون مورد ماء وبالتالي‮ ‬تعجز مصر عن زراعتها،‮ ‬وتحدث المجاعة‮!!‬

الغريب في‮ ‬الأمر أنه منذ فشل مؤتمر دول حوض النيل في‮ ‬الإسكندرية في‮ ‬العام الماضي،‮ ‬في‮ ‬التوصل إلي‮ ‬اتفاق بين الدول لم تسع مصر إلي‮ ‬تحسين علاقتها بشكل فعلي‮ ‬مع دول حوض النيل،‮ ‬ورغم علم الحكومة بخطورة الموقف إلا أنها تمادت في‮ ‬إهمالها لهذا الملف،‮ ‬ولم‮ ‬يقم الدكتور محمد نصر علام وزير الري‮ ‬السابق بأي‮ ‬دور لحماية مصالح مصر المائية،‮ ‬واكتفي‮ ‬بالبطولة الكروية التي‮ ‬تم تنظيمها في‮ ‬حين تقوم شركات أمريكية وإسرائيلية بتقديم دعم مادي‮ ‬وفني‮ ‬لدول الحوض لإنشاء مشروعات ري‮ ‬وتوليد كهرباء وسدود وخزانات علي‮ ‬مجري‮ ‬النيل،‮ ‬ورغم أن كثيراً‮ ‬من هذه المشروعات لم تدخل حيز التنفيذ إلا أن التلويح بها‮ ‬يعد خطراً‮ ‬حقيقياً‮ ‬يهدد أمن مصر المائي‮. ‬الغريب في‮ ‬الأمر أن وزارة الري‮ ‬في‮ ‬الحكومة ا لانتقالية التي‮ ‬رأسها الدكتور حسن العطفي‮ ‬سارت علي‮ ‬نفس الدرب من النهوين من شأن هذه القضية والتغاضي‮ ‬عنها ثم فوجئ المسئولون بتوقيع بوروندي‮ ‬علي‮ ‬الاتفاقية فخرج الدكتور العطفي‮ ‬ليعلن أنه علي‮ ‬استعداد ليذهب إلي‮ ‬أي‮ ‬مكان ليحمي‮ ‬حق مصر في‮ ‬مياه النيل‮. ‬

فبعد كل هذه السنوات من الفشل في‮ ‬إدارة هذا الملف هل‮ ‬يمكن لمصر أن تفعل شيئاً؟‮!‬

الدكتور عباس زغلول‮:‬  تفعيل الدور السياسي‮ ‬والاقتصادي‮ ‬لمصر خط الدفاع الأول عن مصالحها المائية

الدكتور عباس زغلول أستاذ الأراضي‮ ‬والمياه بهيئة الاستشعار عن بعد أكد أن مصر في‮ ‬أزمة حقيقية،‮ ‬فانتقاص أي‮ ‬جزء من حصة مصر من المياه‮ ‬يهدد الأراضي‮ ‬الزراعية والبشر وينذر بكارثة اقتصادية وإنسانية واجتماعيةم،‮ ‬ومن ثم فلابد أن نبدأ بأنفسنا أولاً،‮ ‬لابد من ترشيد استخدام المياه خاصة

كميات المياه التي‮ ‬يتم توجيهها لملاعب الجولف ففدان الجولف‮ ‬يأخذ كمية مياه تكفي‮ ‬لزراعة‮ ‬10‮ ‬أفدنة بالمحاصيل،‮ ‬كذلك هناك أوجه إسراف أخري‮ ‬مثل حمامات السباحة ورش الشوارع وغسيل السيارات وخطوط المياه التالفة‮ ‬،‮ ‬فكل أوجه الإسراف هذه‮ ‬يجب القضاء عليها،‮ ‬مع ضرورة وضع استراتيجية لترشيد استخدام المياه الجوفية التي‮ ‬تهدر دون الاستفادة منها،‮ ‬بعد ذلك‮ ‬يجب العمل علي‮ ‬تحسين العلاقات مع دول حوض النيل وعدم التعامل مع هذه الدول من منطلق التعالي،‮ ‬وأننا الدولة الأكبر،‮ ‬كما أنه‮ ‬ينبغي‮ ‬العمل علي‮ ‬إعادة الدور المصري‮ ‬الذي‮ ‬تقلص لدي‮ ‬الدول الأفريقية والعربية علي‮ ‬السواء،‮ ‬فلو تمكنت مصر من إعادة دورها السياسي‮ ‬والاقتصادي‮ ‬في‮ ‬المنطقة ستصبح لها كلمة علي‮ ‬هذه الدول سيعمل لها الجميع ألف حساب قبل القدوم علي‮ ‬أي‮ ‬خطوة تضر بأمن مصر المائي‮ ‬ومصالحها‮.‬

الدكتور عصام الحناوي‮:‬ مطلوب تحرك الحكومة الجديدة فوراً

الدكتور عصام الحناوي‮ ‬خبير البيئة بالأمم المتحدة أكد أن الاتفاقية ستصبح واجبة النفاذ إذا صدقت عليها برلمانات الدول الست الموقعة عليها،‮ ‬وبغض النظر عن موافقة مصر عليها سيصبح من حق الدول الاخري‮ ‬إنشاء أي‮ ‬مشروعات علي‮ ‬روافد النيل دون الأخذ في‮ ‬الاعتبار الموقف المصري،‮ ‬فالاتفاقية القديمة فقط هي‮ ‬التي‮ ‬كانت تمنح مصر الحق في‮ ‬الاعتراض علي‮ ‬مثل هذه المشروعات ولن‮ ‬يصبح لهذه الاتفاقية وجود إذا تم اقرار الاتفاقية الجديدة،‮ ‬التي‮ ‬تمنح كل دولة الحق في‮ ‬استغلال مياه النيل‮. ‬

وعن المنطق الخاص بالالتزام بعدم التسبب في‮ ‬ضرر جسيم والذي‮ ‬نصت عليه الاتفاقية الجديدة في‮ ‬بابها الخامس بأن دول المبادرة تستخدم الموارد المائية لمنظومة نهرالنيل داخل أراضيها آخذه في‮ ‬الاعتبار عدم التسبب في‮ ‬اضرار جسيمة لدول الحوض الأخري،‮ ‬وفي‮ ‬حالة حدوث هذا الضرر،‮ ‬عليها اتخاذ جميع التدابير اللازمة في‮ ‬ذلك بالتشاور مع الدولة المتضررة من أجل إزالة الضرر أو تخفيفه أو التعويض عنه،‮ ‬قال‮: ‬إن هذا النص سيتم التحايل عليه حيث ستدعي‮ ‬كل دولة أن من حقها أن تزيد من حصتها من مياه النيل والاستفادة منها علي‮ ‬أفضل وجه،‮ ‬وعلي‮ ‬الدولة المضارة إثبات الضرر الواقع عليها‮. ‬وأضاف‮: ‬مصر تقاعست عن هذا الملف لسنوات طويلة وأهملت دول حوض النيل،‮ ‬ولم تهتم بالعلاقات السياسية والاقتصادية معها،‮ ‬ولم تفكر في‮ ‬ذلك إلا بعد فوات الأوان فقد اصبحنا في‮ ‬موقف حرج للغاية،‮ ‬فمنذ سنوات طويلة،‮ ‬وهذه الدول تنادي‮ ‬بالحوار ولكننا رفضنا حتي‮ ‬جاءت هذه النتيجة السيئة وهو خير دليل علي‮ ‬فشل سياسات النظام السابق‮.. ‬والمشكلة أننا الآن في‮ ‬ظروف‮ ‬يصعب فيها التحرك،‮ ‬وعلي‮ ‬الحكومة الجديدة تحديد خطوات فعلية علي‮ ‬كل المستويات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية للتعامل مع هذه الأزمة،‮ ‬وعدم الاستهانة بها ولابد من التحرك فوراً‮ ‬لانقاذ ما‮ ‬يمكن انقاذه‮.‬

دكتور أحمد عبدالخالق الشناوي‮:‬إسرائيل نقضت اتفاقية السلام‮ ‬ وأضرت بأمن مصر المائي

الدكتور أحمد عبدالخالق الشناوي‮ ‬وزير الموارد المائية بحكومة الظل أكد أن دول حوض النيل لا‮ ‬يمكنها إقامة أي‮ ‬مشروعات زراعية علي‮ ‬مياه النيل‮ ‬،‮ ‬حيث إن نهر النيل‮ ‬يستمد مياهه من فرعين رئيسيين النيل الأبيض ويتميز بميوله الضعيفة بحيث لا‮ ‬يصلح تخزين المياه عليه أو أقامة أي‮ ‬سدود لأن هذا سيؤدي‮ ‬إلي‮ ‬غرق الأراضي‮ ‬المحيطة به تماماً،‮ ‬كما أن اقامة مشروعات استثمار زراعي‮ ‬تتكلف أموالا طائلة لا‮ ‬يمكن لهذه الدول توفيرها‮ ‬،‮ ‬خاصة أنها دولة مطيرة‮ ‬يمكنها الزراعة علي‮ ‬مياه الأمطار،‮ ‬وبالتالي‮ ‬فهي‮ ‬ليست في‮ ‬حاجة لمثل هذه السدود التي‮ ‬تتكلف أموالا طائلة،‮ ‬فدولة مثل السودان حصتها من النيل‮ ‬18‭.‬5‮ ‬مليار متر مكعب تستخدم‮ ‬14‮ ‬مليار متر منها فقط‮. ‬والسبب في‮ ‬تفكير هذه الدول في‮ ‬مثل هذه المشروعات هو التدخلات الإسرائيلية التي‮ ‬لجأت إلي‮ ‬التحريض ضد مصر بعد فشلها في‮ ‬الحصول حصة من مياه النيل،‮ ‬وأضاف بعض الدول تدعي‮ ‬أنها تقيم مثل هذه المشروعات لتوفير مياه النيل للسكان،‮ ‬رغم أن المياه الجوفية هناك قريبة من سطح الأرض ويمكن حفر آبار جوفية علي‮ ‬بعد‮ ‬يتراوح بين‮ ‬30‮ ‬إلي‮ ‬60‮ ‬متراً‮ ‬فقط ليحصلوا علي‮ ‬المياه المخزنة من مياه الأمطار بدلا من اقامة سدود تتكلف المليارات‮ ‬،‮ ‬وكان علي‮ ‬مصر رفض هذه المزاعم بتقديم الدعم الفني‮ ‬وجزء من التمويل لتنفيذ مشروعات مياه الشرب في‮ ‬هذه الدول وهو أمر لم‮ ‬يكن ليكلفنا الكثير ولكنه كان‮ ‬يرفع عنا كل هذا القلق الذي‮ ‬نعيشه الآن‮. ‬

أما الرافد الثاني‮ ‬الأساسي‮ ‬من رافدي‮ ‬النيل فهو النيل الأرزق الذي‮ ‬يأتي‮ ‬من أثيوبيا وأريتريا ويتميز بالميول الشديد جداً،‮ ‬أي‮ ‬سد سينشأ عليه لن‮ ‬يستطيع سوي‮ ‬حجز كمية قليلة من الماء لا تصلح سوي‮ ‬لتوليد الكهرباء،‮ ‬وبما أن اثيوبيا لديها نهر آخر بالاضافة لنهر النيل فيمكنها اقامة أي‮ ‬سدود عليه لتوليد الكهرباء،‮ ‬فهي‮ ‬ليست في‮ ‬حاجة إلي‮ ‬هذه المشروعات التي‮ ‬تهدد بها هذه الدول بهدف‮ »‬العكننة‮« ‬علي‮ ‬مصر بسبب التدخلات الإسرائيلية والضغط علي‮ ‬مصر لتوصيل مياه النيل إليها،‮ ‬وهذا التدخل الإسرائيلي‮ ‬يعد نقضا لاتفاقية السلام لانها تهدف من وراء هذا الإضرار العمدي‮ ‬بمصالح مصر وأمنها وسلامتها،‮ ‬ومن هذا المنطلق‮ ‬يجب علي‮ ‬مصر أن تتحرك علي‮ ‬كافة المستويات وفي‮ ‬المحافل الدولية للمطالبة بحقوقها في‮ ‬مياه النهر،‮ ‬علي‮ ‬ان تضع خطة موازية لتقديم الدعم الفني‮ ‬للدول الافريقية لتنفيذ مشروعات التنمية بها بمالا‮ ‬يضر بأمن مصر المائي‮.‬