بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

حكايات من تاريخ ..الظلم تكفير الخليفة بعد قتله

بوابة الوفد الإلكترونية

مصطفى عبيد

كان الخليفة الوليد بن يزيد هو أول من تعرض للاغتيال من خلفاء بني أمية، حيث تم قتله وقطع رأسه والطواف بها على أسنة الرماح فى شوارع وطرقات دمشق.

لم تكُن سيرة الرجل حسنة، ورويت عنه مرويات عديدة حول تهتكه وانشغاله بالشراب،غير أن أخطر تهمة رماه بها خصومه كانت الزندقة.

كان والده الخليفة يزيد بن عبد الملك قد استخلف شقيقه هشام وليًا للعهد، على أن يكون الوليد بن يزيد - ابنه - وليًا للعهد من بعده، ومات يزيد والوليد عمره 15 عامًا، فتولى هشام بن عبد الملك الخلافة، وفكر فى خلع الوليد مرارًا، لكنه كان يفشل بسبب معارضة أهله وبسبب الميثاق الذى أقسم عليه أمام شقيقه.

وكان هشام يرى فى الوليد شخصًا متهتكًا خليعًا، يقضى جل وقته سكرانًا مع الجوارى والمغنيات، لذا كان يرى أنه لا يجوز بقائه وليًا للعهد وتوليه الخلافة من بعده وحاول فضح ابن شقيقه فعهد إليه بالحج.

ولم تنجح محاولات هشام فى عزل ابن أخيه وتولية ابنه مكانه، ومات قبل أن يتم أمله، وهو ما جعل الوليد يعسف بأبناء عمه ويهينهم، وهو ما دفعهم إلى تأليب الناس عليه، وإطلاق شائعات تفيد رميه بالزندقة وتنسب له أشعارًا تتضمن كفرًا وتجديفًا.

ومن بين ما رووه عنه أنه كان سكرانا فى يوم ما ففتح المصحف فوقعت عينه على آية «واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد. من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد» فعلقه ورماه بالسهام وقال « أتوعد كل جبار عنيد .. فها أنا ذاك جبار عنيدُ . إذا لاقيت ربك يوم حشر . فقل لله مزقنى الوليدُ » .

وقالوا إنه أمر حاجبًا أن يشرب يومًا فقال له إنه لا يفعل، فأجبره على الشراب حتى السكر.

وقالوا إنه كان من ندمائه القاسم بن الطويل العبادى، وهو أديب وشاعر ظريف، فكان لا يصبر عنه، وفى يوم ما سكرا معًا وأفاق الوليد فلم يجد ابن الطويل العبادى فقال للخادم:

اذهب وائتنى برأسه، فذهب وقتله وقطع رأسه وأحضرها فى الطست فرآها الوليد فبكى وقال شعرًا فى رثاء صديقه وقال لجواريه: إنه لن يعبأ بأى شئ بعد فقدان صديقه.

والحقيقة إن تلك المرويات قد تكون مجرد قصص مختلقة لتبرير قتله، إذ يجمع المؤرخون على أن اغتياله كان البداية الحقيقية لسقوط دولة بني أمية.

وخرج عليه يزيد الناقص بن الوليد بن عبد الملك بن مروان وجمع الناس لقتله فى دمشق فاجتمع له المئات وأعطاهم أموالا وساروا إلى قصر الوليد فأغلق القصر عليه وقال: يومًا كيوم عثمان. وكان عنده المغنى عمر الوادى يغنيه، وتسوّر الحائط عدد من الثوار وضربوه فى رأسه بالسيف فسقط صريعًا فحزوا رأسه وذهبوا به إلى يزيد وهم يقولون: أبشر بقتل الفاسق.

ولما قتل الوليد جعل أبو محجن يدخل السيف فى دبر جثته، وقال: لو شاهدوا حد سيفى حين أدخله فى إست الوليد لماتوا بعده كمدا.

وأيا ما كان من أمر الوليد فإن تهمة الزندقة كانت إحدى أدوات الساسة لمحو خصومهم. وقيل إن سيرة الوليد فتحت أمام الخليفة المهدي فى الدولة العباسية وكان يحب شعره، وإن البعض رماه بالزندقة فدافع عنه قائلاً: إن الله لم يكن ليضع خلافته فى يد زنديق. وقيل إن هارون الرشيد كان يلعن قاتليه عندما يذكرونه أمامه.

 

[email protected]