بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

من هنا كانت البداية

كان صباح‮ ‬يوم‮ ‬25‮ ‬يناير هادئاً‮ ‬للغاية لا‮ ‬يوحي‮ ‬بوجود أي‮ ‬شيء لدرجة أصابت الناس بخيبة الأمل بعد الدعوة للمظاهرات تزامنا مع عيد الشرطة‮.‬

وجاءت الساعة الواحدة ظهرا أمام دار القضاء العالي‮ ‬بحمل أول لافتة تطالب برحيل النظام الحاكم وقتها وما هي‮ ‬إلا دقائق لتتوافد المئات حاملين الأعلام والميكروفونات‮.‬

في‮ ‬البداية شعر البعض أن المظاهرة لم تكن تختلف عن وقفة إحتجاجية عادية‮.‬

ثم بدأ المئات والمئات‮ ‬يتوافدون علي‮ ‬المنطقة المحيطة بدار القضاء‮.‬

في‮ ‬الوقت نفسه كانت الجمعية الوطنية للتغيير قد أصدرت بيانا بالمطالب‮.‬

قال أبو العز الحريري‮ ‬النائب السابق في‮ ‬حضور لفيف من ممثلي‮ ‬الأحزاب كان من بينهم محمد شردي‮ ‬ورامي‮ ‬لكح القياديان بحزب الوفد وبعض النواب السابقين‮.‬

وقدمت إلي‮ ‬المنطقة مسيرة حاشدة قادمة من شارع‮ ‬26‮ ‬يوليو أجبرت المتظاهرين أمام الشهر العقاري‮ ‬للسير معهم حتي‮ ‬تكون مظاهرة حاشدة تلفت نظر الناس وتحثهم علي‮ ‬المشاركة في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬فضل فيه البعض الوقوف أمام دار القضاء‮.‬

خرجت المسيرة بالآلاف لتأخذ طريقها إلي‮ ‬كورنيش النيل مرورا بميدان التحرير الذي‮ ‬شهد اقتحام المتظاهرين لكل الحواجز الأمنية وبعض المشادات بينهم وبين رجال الشرطة‮.‬

وصلت المسيرة الي‮ ‬مقر جامعة الدول العربية حيث تمكن رجال الشرطة من إقامة حواجز ضخمة إلا أنها لم تستغرق إلا ثواني‮ ‬وتم اقتحامها بالقوة لتستكمل المسيرة خط سيرها بطول كورنيش النيل حتي‮ ‬توقفت قرابة‮ ‬15‮ ‬دقيقة أمام مقر الحزب الوطني‮ ‬وظلوا‮ ‬يهتفون‮ »‬احلف بسماها وبترابها‮.. ‬الحزب الوطني‮ ‬اللي‮ ‬خربها‮« ‬و»الحزب الوطني‮.. ‬باطل‮.. ‬باطل‮«.‬

بعدها تحرك المتظاهرون علي‮ ‬خط الكورنيش بعد أن انضم إليهم المواطنون المستقلون سياراتهم وبعض المتواجدين علي‮ ‬كوبري‮ ‬15‮ ‬مايو و6‮ ‬أكتوبر لتقف المسيرة مرة أخري‮ ‬أمام مبني‮ ‬الإذاعة والتليفزيون للهتاف ضد النظام الحاكم ورجاله وضد ممارسات الشرطة وزبانيتها وسط مشهد رأسي‮ ‬للوزير أنس الفقي،‮ ‬وزير الإعلام السابق من نافذة مكتبه وإجرائه لبعض الاتصالات التليفونية في‮ ‬ظل رؤيته للمشهد أسفله‮.‬

وصلت المسيرة الي‮ ‬حي‮ ‬بولاق أبو العلا عبر شارع الجلاء لتقف مرة ثالثة امام مبني‮ ‬جريدة الأهرام لتهتف‮ »‬باطل‮.. ‬باطل‮« ‬في‮ ‬إشارة منها إلي‮ ‬بطلان المؤسسات التي‮ ‬ظلت تعمل كبوق للحزب الوطني‮ ‬طوال فترة حكمه‮.‬

رجعت المسيرة مرة أخري‮ ‬إلي‮ ‬بدايتها في‮ ‬دار القضاء العالي‮ ‬لتتحرك في‮ ‬اتجاه آخر عبر شارع‮ ‬26‮ ‬يوليو ومنها إلي‮ ‬العتبة وسط مشاهدات الآلاف من الباعة بميدان العتبة حتي‮ ‬وصلت إلي‮ ‬الموسكي‮ ‬وتحديدا أمام قسم الشرطة لتري‮ ‬صورة كبيرة لحبيب العادلي‮ ‬وزير الداخلية السابق ومعه الرئيس المخلوع

حسني‮ ‬مبارك وما هي‮ ‬إلا ثوان معدودة وكانت اللافتة ممزقة علي‮ ‬الأرض وركلها المتظاهرون بالأحذية في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬لم‮ ‬يتحرك فيه رجال القسم وحرصوا فقط علي‮ ‬تأمين القسم‮.‬

لم‮ ‬يختلف الأمر كثيرا في‮ ‬منطقة شبرا بعد أن شهدت أكبر كمية اعتقالات في‮ ‬ذلك اليوم أثناء ذهاب المسيرة للتجمع في‮ ‬ميدان التحرير،‮ ‬الأمر الذي‮ ‬أشعل ثورة شباب شبرا وازداد عددهم بصورة ملفتة للنظر‮.‬

وشهد ميدان مصطفي‮ ‬محمود مسيرة ومظاهرة حاشدة تضامنا مع مطالب المتظاهرين وسط حصار أمني‮ ‬مشدد ووسط اعتقال المئات الذين ظن رجال الشرطة ان هذا الإجراء قد‮ ‬يخمد الثورة إلا أن آمالهم خابت وانهار ما خططوا له لمدة أيام سابقة علي‮ ‬هذا اليوم‮.‬

وتوافد علي‮ ‬ميدان التحرير عشرات الآلاف من المناطق المحيطة التي‮ ‬جاءت لتشارك المتظاهرين وقفتهم الحاشدة داخل الميدان ليستقر في‮ ‬الميدان قرابة‮ ‬50‮ ‬ألف متظاهر وسط القنابل المسيلة للدموع وإطلاق الرصاص إلا أن عزيمة الشباب كانت هي‮ ‬الأقوي‮ ‬والمستمرة حتي‮ ‬الساعات الأولي‮ ‬من صباح اليوم التالي‮.‬

في‮ ‬هذا الوقت كان المتظاهرون قد أعلنوا المبيت داخل الميدان حتي‮ ‬تتحق مطالبهم إلا أن رجال الشرطة تعاملوا معهم بقسوة وألقوا القبض علي‮ ‬المئات منهم وتم ترحيلهم الي‮ ‬المعتقلات بعد أن استخدموا كميات كبيرة من القنابل المسيلة للدموع التي‮ ‬أجبرت المواطنين علي‮ ‬ترك الميدان بعد أن تبادلوا الصدامات معهم وقذفوهم بالحجارة لكونه السلاح الوحيد أمامهم في‮ ‬مواجهة الشرطة وإمكانياتها التي‮ ‬أثبت الشباب فشلها أمام عزيمتهم فكانت الـ12‮ ‬ساعة من الواحدة ظهرا الي‮ ‬الواحدة صباحا بمثابة دق المسامير الأخيرة في‮ ‬نعش النظام الحاكم ليعلن المواطنون الانضمام للميدان للمشاركة في‮ ‬الاعتصام المفتوح‮.‬