بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

أسرار ما قبل السقوط

عندما وقعت أحداث جمعة الغضب وسقط ميدان التحرير في‮ ‬أيدي‮ ‬الثوار اقتنع الرئيس المخلوع بأن الأمر‮ ‬يحتاج إلي‮ ‬إجراء عاجل لاحتواء الموقف‮..

‬لم‮ ‬يكن لدي‮ ‬مبارك الأب ولا مبارك الابن أي‮ ‬شك في‮ ‬استمرار النظام والسيطرة علي‮ ‬الموقف‮.. ‬جمال قال لأبيه‮: »‬أيام قليلة ونسطير علي‮ ‬الموقف‮« ‬وأيقن كل من كان في‮ ‬قصر الرئاسة مساء الجمعة أن الأمور مازالت تحت السيطرة وأن المطلوب فقط هو تهدئة الرأي‮ ‬العام بإجراء تغيير وزاري‮ ‬يخرج فيه رئيس الوزراء ووزير الداخلية والوزراء رجال الأعمال‮.. ‬كانت هذه هي‮ ‬قناعتهم جميعا عندما وجه الرئيس المخلوع خطابا إلي‮ ‬الشعب في‮ ‬منتصف ليلة الجمعة معلنا إقالة الحكومة أو بمعني‮ ‬أدق تقدم الحكومة باستقالتها‮.. ‬وكانت لهجة العناد واضحة في‮ ‬الخطاب وكانت أيضا وراء عباراته التي‮ ‬قال فيها إنه طلب من الحكومة أن تقدم استقالتها ورفض ان‮ ‬ينطق بلفظ إقالة الحكومة لأنه سيظهر في‮ ‬هذه الحالة بمظهر الضعيف المجبر علي‮ ‬التغيير‮.‬

وفي‮ ‬اليوم التالي‮ »‬السبت‮ ‬29‮ ‬يناير‮« ‬بدأ مبارك في‮ ‬تشكيل الحكومة الجديدة بنفس الطريقة التي‮ ‬شكل بها الحكومات السابقة‮.. ‬الغريب أن نجله جمال تدخل أيضا في‮ ‬تشكيل الحكومة كما فعل في‮ ‬تشكيل حكومات سابقة‮ - ‬وتصرف مبارك الأب ومبارك الابن وكأن شيئا لم‮ ‬يكن‮.‬

التطور الوحيد الذي‮ ‬طرأ علي‮ ‬هذا التشكيل هو انضمام علاء مبارك إلي‮ ‬المطبخ واشتراكه في‮ ‬عملية التشكيل علي‮ ‬غير العادة‮.. ‬والغريب ان علاء انضم إلي‮ ‬جمال في‮ ‬هذا الوقت ونسق معه في‮ ‬اختيار الوزراء وظهر الانسجام بينهم وذلك قبل أن تغرق السفينة ويتبادلان الاتهامات‮.‬

اتفق علاء وجمال علي‮ ‬استبعاد بعض الشخصيات التي‮ ‬كان‮ ‬ينوي‮ ‬مبارك الأب ضمها إلي‮ ‬تشكيل الحكومة وإقناع والدهما بأن دخول هذه الشخصيات سيزيد الأمور

اشتعالا واستجاب الرئيس المخلوع لتدخلهما بسبب الضعف والوهن الذي‮ ‬ظهر عليه أثناء التشكيل رغم قناعته بأنها مجرد سحابة صيف وأن كل مقاليد الأمور مازالت في‮ ‬يديه‮.‬

الغريب أن الرئيس مبارك أصر علي‮ ‬استمرار نفس الوجوه الكريهة في‮ ‬الحكومة الجديدة التي‮ ‬كلف الفريق شفيق برئاستها،‮ ‬ورفض كل المحاولات المبذولة لتغيير عائشة عبدالهادي‮ ‬ومفيد شهاب وأنس الفقي‮ ‬وقال بالنص‮: ‬لن أسمح بخروج أنس من الوزارة وكان هذا الرد دفاعا عن الدعاوي‮ ‬التي‮ ‬طالبت بضرورة خروج الفقي‮ ‬الذي‮ ‬أثبت فشلا ذريعا في‮ ‬المنصب‮.‬

ومارس جمال مبارك هوايته في‮ ‬الدفع بوزراء موالية له وكان أغرب الأسماء التي‮ ‬دفع بها هو الدكتور أحمد سامح فريد لتولي‮ ‬حقيبة وزارة الصحة‮.. ‬وجاء إصرار جمال علي‮ ‬ذلك حتي‮ ‬يرضي‮ ‬صهره محمود الجمال الذي‮ ‬تربطه علاقة وثيقة بالدكتور فريد‮. ‬كان جمال‮ ‬يتناقش في‮ ‬تشكيل الحكومة‮ ‬غير عابئ بتطورات الأوضاع علي‮ ‬الساحة،‮ ‬وكان متأكدا من عودة الأمور إلي‮ ‬طبيعتها وكانت الحسنة الوحيدة التي‮ ‬حدثت في‮ ‬التشكيل هي‮ ‬السماح لرئيس الوزراء المكلف باختيار وزير الداخلية الجديد رغم أن هذا المنصب من المناصب التي‮ ‬يختص الرئيس وحده باختيار المرشح له‮.‬