بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

«السيلفوس» قرص الموت السريع

بوابة الوفد الإلكترونية

تحقيق - أمانى زايد: اشراف: نادية صبحى

 

«تعددت الوسائل.. والموت واحد».. وآخر هذه الوسائل وأسهلها هى حبوب «السيلفوس»، فقد اعتاد الفلاحون على تخزين الغلال باستخدام الحبة الفسفورية «سيلفوس» للقضاء على الحشرات والسوس والفئران، دون أن يتوقعوا أن تلك الحبة التى تقتل الحشرات ستصبح وسيلة للموت.

ورغم أن هذا المبيد يحظر استخدامه فى أغلب الدول، إلا أننا ما زلنا نعتمد عليه فى تخزين القمح. الخبراء يحذرون من خطورته.. لكن المسئولين «ودن من طين وأخرى من عجين»، لتظل تلك الحبوب مصدراً للقتل ما دامت تباع علناً وبلا أى رقابة.

مديرية الشئون الصحية بمحافظة البحيرة كشفت مؤخراً عن وفاة «420» شخصاً منذ العام الماضى حتى الآن، بسبب تناولهم أقراص حفظ الغلال التى تعرف بالأقراص الفسفورية التى تتوافر داخل محال البقالة، هذا فضلاً عن وقوع العديد من حالات التسمم، والتى تمكن الأهالى من إنقاذها، وتعد محافظة البحيرة من أكثر المحافظات التى شهدت حالات وفاة بسبب هذه الحبوب خلال الفترة الماضية، كان آخرها انتحار فتاة منذ أيام بعد تناولها الحبة الفسفورية، وفشل محاولات إنقاذها.

ويضاف لتلك الحادثة، قيام «4» أشخاص بمركز إيتاى البارود بالانتحار الجماعى عن طريق تناول تلك الحبة خوفاً من عقاب الأهالى لهم بعد مضايقتهم الفتيات فى القرية، إضافة إلى طالب آخر عمره «19 سنة» لقى مصرعه بعد تناول الحبوب عن طريق الخطأ.

كما أنهت طالبة وعامل زراعى حياتهما بتناول نفس الحبوب، وشهدت محافظة أسيوط «3» حالات لطالبين بكليتى الحقوق والصيدلة وأخرى لبائع خضار.

ولقى «3» أشخاص مصرعهم بمحافظة الدقهلية بعد تناول حبوب الغلة، فى حين شهدت محافظة المنوفية «4» حالات فى مركز شبين الكوم فى فترة زمنية لا تتجاوز شهرين فقط.

وتنتشر حبوب الغلال أو الأمونيوم فوسفيد المعروفة بـ«سيلفوس» فى أغلب المناطق الزراعية، وتباع بمحلات بيع المبيدات، ويقبل على شرائها أغلب الفلاحين لوضعها مع الحبوب المراد تخزينها لمواجهة انتشار الحشرات والفئران التى تهاجم الأرز والقمح.

ويتم وضع حبة بكل جوال للحفاظ عليه من السوس والحشرات والفئران، ويصل سعر الحبة منها لـ50 قرشاً».

والخطير في الأمر أنه بعد تناول هذه الحبة يصاب المتعاطى بهبوط حاد فى الدورة الدموية وضيق فى التنفس، وفى الوقت الذى تحظر فيه أغلب الدول استخدام تلك المادة السامة، ما زلنا نتعامل معها دون أى محاذير ويسمح باستيرادها ودخولها البلاد مثل باقى المبيدات الضارة.

كما أن هناك عبارة على العبوة تؤكد أنها شديدة السمية، وأنه فى حالة التناول الخاطئ للمبيد فليس له إلا غسيل المعدة إذا تم إسعاف المتعاطى بسرعة.

الدكتور محمود عمرو مدير المركز القومى للسموم بقصر العينى، يقول: حبوب الأمنيوم فوسفيد تستخدم لتخزين القمح، وهى عبارة عن مبيد حشرى وأغلب المبيدات الحشرية يحظر استخدامها إلا بشروط معينة وينبغى ألا تتاح لأى شخص يقبل علي شرائها لما لها من خطورة على الصحة، فهى من المواد السامة التى تشكل خطورة على من يستنشقها وتسبب حالة

من القىء والغثيان وضيق التنفس.

ويرى «عمرو» أن هذه الحبوب عند تناولها ونزولها إلى المعدة تتحول إلى «الفوسوجين»، حيث يحدث انتفاخ بالمعدة والتهابات، كما أنها تعد مادة كاوية مثل الأحماض، فيتحول الأمنيوم إلى حامض فوسفورى يحرق الكبد، وعندما يتم امتصاصه فى الدم يؤثر على القلب والأوعية الدموية والكلى والمخ، وأضرارها تكون على الفلاح إذا لم يرتد الأقنعة الواقية لحمايته أثناء وضع تلك الحبوب خلال عمليات التخزين، فعند ملامسة المبيد للجلد، فإنه يمتص ويؤثر على حياة مستخدمه وكأنه تناوله، أما المواطن العادى فليست هناك خطورة على صحته إذا تناول حبوب القمح المخزنة والتى بها تلك الحبة، نظراً لأن القمح يتم غسله قبل طحنه لإزالة آثار هذا المبيد وآثار ملوثات الحشرات.

ويؤكد أن المسئولية الكبيرة فى حالات الانتحار التى حدثت مؤخراً تقع على وزارتى الصحة والزراعة، لأنهما مسئولتان عن توعية الفلاحين بمخاطر  تلك المبيدات السامة.

من جانبه أكد الدكتور سيد عبدالبارى أستاذ الكيمياء بكلية العلوم جامعة المنصورة، أن أى مواد كيماوية تعد خطراً على صحة الإنسان، والأزمة تتلخص فى استخدام الشعوب الفقيرة تلك المبيدات السامة من أجل الحفاظ على القمح، لكن الخطير فى الأمر أن القمح عند تخزينه تتربى عليه بكتيريا خطرة تسمى «أفلاتكسيل» وهى لا تقتل بالحرارة، لذا يتم القضاء عليها عن طريق المادة الكيماوية.

ويضيف: للأسف فى مصر يتم تخزين القمح بصورة خاطئة، لذا نجد أن نسب الإصابة بالأمراض فى تزايد مستمر لأن آثار المبيدات لا تظهر إلا بعد فترة من الوقت، وهذا ما جعل العديد من الدول تحظر استخدام تلك المبيدات الضارة بالصحة، ويرى أن خطورة الحبة الفسفورية تكمن فى عدم وجود علاج للمتعاطى. فإذا تناول الإنسان تلك الحبوب ولم يتم إسعافه بسرعة، وإجراء غسيل معدة له فى أسرع وقت فإنه يصاب بالتسمم ويموت فى الحال، لذا يجب على الفلاحين توخى الحذر أثناء التعامل مع تلك المبيدات لأنها قاتلة.