التكفير بأثر رجعي
عندما اكتسح الاخوان المسلمون والسلفيون الانتخابات وشكلوا أغلبية مجلس الشعب تضاربت الأقوال واختلفت التوقعات.. فمن قال: «عليه العوض ومنه العوض».. ومن قال: «انتظروا حتي نري ما سوف يحدث» ومن قال «هكذا تكون الديمقراطية وقد أتوا بفعل الصندوق ولابد أن نقبل نتائج الصندوق» وعموما هي فترة أربع سنوات أو أكثر أو أقل حسب إن شاء الله ما يقول الدستور وإن فشلوا سوف يسقطهم الصندوق..
المهم.. جاء الإخوان إلي البرلمان.. وبدأت الجلسات بوصلات من الهتاف والمزايدات ومغازلة الثوار وأهل التحرير حتي وصل المدح والمؤازرة لبلطجية وألتراس «محمد محمود» أصحاب المولوتوف والشماريخ والطوب والزلط الذي أرسلوه في اتجاه مبني الداخلية بلا سبب واضح.. ورغم ان هذه الأفعال أبعد ما تكون عن أي فعل ثوري و أي حريات أو حقوق مكفولة لأي مواطن في أي دولة ديمقراطية علي وجه الأرض.. إلا أن المجلس الموقر طالب بنقل مبني الداخلية لأن مكانها مضايق الأولاد ومش عاوزين فلقة دماغ.. وكانت أعجب توصية في تاريخ البرلمانات الحديثة والقديمة.. أما الاخوة الليبراليون فقد قرروا الاعتصام داخل البرلمان حتي تتوقف الداخلية عن العنف المفرط.. وجاءوا بوزير الداخلية وهات يا استجواب وتحقيق وتهديد ووعيد بسحب الثقة وربما طالب البعض بالحساب والتحقيق والحبس الاحتياطي.. والحقيقة أول مرة أعرف أن عمل النائب المنتخب من الشعب هو الانتقام من الداخلية وهي سلطة البرلمان التنفيذية اذا كان ناوي يكون سلطة تشريعية مع سلطة القضاء بعد الدستور ما يتكتب لو لينا عمر أو أن تكون شغلانة النائب هي الاعتصام حتي يحققوا مطالبه زي ما كان بيعمل في ميدان التحرير.. لكن الكلام حلو الحمد لله وعرفنا كل حاجة عن مهمة البرلمانات وشغلانة النائب المنتخب وبعد حادثة بورسعيد المؤلمة والمريبة.. طبعا خطبوا في وزير الداخلية والداخلية نفر نفر.. ثم قرروا لجنة تقصي حقائق وقبل أن يظهر أي شيء قرروا طلب توزيع أهل طرة علي عدد من السجون وإبعادهم عن بعض لماذا؟ لا توجد اجابة إلا المزيد من المزايدة والانتقام، والظاهر وصلت أخبار أن أهل طرة عندما يجتمعون فانهم يحضرون عفاريت تعمل كل البلاوي اللي نازلة ترف علي دماغنا ودماغ البلد.. ومش عارفة ايه اللي مخليهم قاعدين في السجون مادامت لديهم هذه القدرات الخفية الجبارة وبدل العمايل دي ما يخرجوا نفسهم من السجون ومن البلد بحالها.. المصيبة أن الاعلام يعزف خلف السادة النواب عزفا منفردا وجماعيا علي هذه الأنغام ومازلت لا أعرف هل قرار تفريق المساجين قرار قضائي.. أم برلماني أم اعلامي؟
وفي سكة تنظيم المجتمع أخلاقيا وتعليم المصريين الأدب اللي هو أحسن ميت مرة من العلم قرر الاخوان دبح القطة قوام قوام للفن والفنانين وأصحاب الابداع من كل نوع وصنف ولون ورفعوا قضايا بالجملة علي الفنانين.. وكان أولهم الفنان عادل امام وفوجئنا جميعاً بأنه قد صدر ضده حكم حبس ثلاثة شهور بتهمة ازدراء الدين الاسلامي في أعماله الفنية والسخرية من الجلباب واللحية «في أفلام الإرهابي ومرجان و الزعيم وحسن ومرقص».
وهكذا تم فتح شهية باقي المحامين المنتمين للجماعات الاسلامية باقامة دعاوي قضائية علي الباقين بتهم التحايل علي الشرع وافساد الأخلاق وتقديم نماذج منحرفة في المجتمع بطرق جذابة لإغراء الشباب.. غير طبعا اتهام «ايناس الدغيدي» باشاعة
هذا هو البرلمان السياسي القادم.. ما شفناش حاجة غير كده ولكن أين الفنانون وأهل الفن؟ البعض مازالوا مشغولين في المزايدات والهتاف ومحاولات التطهر من أي علاقة بالنظام السابق الذي ظلم الفن والفنانين وهبط بمستوي الدراما الي الحضيض وقضي علي الابداع ثلاثين عاما كما قالت من كام يوم احدي الفنانات.. وتعجبت لماذا لم يسألها المذيع امال سيادتك ابدعت امتي؟ والبعض خائف ومتردد.. والبعض مازال يمسك بالقوائم السوداء والبيضاء وقوائم الشرف والعار ويهدد كل من في هذه القوائم بالتشريد والجوع والتسول في الشوارع.. ومن لم يصفق للثورة والثوار راح في داهية سودة يبدو أن الجميع يظنون ان ما حدث لعادل امام لن يحدث لهم وان الهتاف والتأييد والحكايات العديدة عن ظلم النظام للفنانين واحد واحد في صفحات المجلات والجرائد سوف تعفيهم من التكفير بأثر رجعي وإذا لم يتنبه أهل الفن لهذا المصير القادم و إذا لم يقفوا وقفة جادة قوية جماعية.. في مواجهة هذه الهجمة المنظمة التكفيرية القادمة بسرعة البرق.. قولوا علي الفن السلام.
----------
د. لميس جابر