بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

وماذا بعد الصوم؟

د. محمد سعيد رسلان
د. محمد سعيد رسلان

أَمَكْتُوبٌ هُوَ قَدَرًا عَلَى الْمَرْءِ أَنْ يَظَلَّ كَكَلْبِ الصَّيْدِ يَتْبَعُ الْفَرَاشَ فِي الْحُقُولِ؟ فَلَا هُوَ بِالَّذِي يَهْدَأُ فَيَرْتَاحُ، وَلَا هُوَ بِالَّذِي يَبْلُغُ مُنَاهُ، وَإِنْ بَلَغَهُ..! وَأَيُّ مُنًى يُحَصِّلُهَا إِنْ بَلَغَ؟!

أَفِي فَرَاشَةٍ مَتَى مَا كَانَتْ هُنَالِكَ عِنْدَ أَنْيَابِهِ انْحَلَّتْ فَلَمْ تَعُدْ شَيْئًا؟

أَمَكْتُوبٌ هُوَ قَدَرًا عَلَى الْمِسْكِينِ أَنْ يَظَلَّ هَكَذَا دَائِمًا وَأَبَدًا مُنْطَلِقًا فِي إِثْرِ شَيْءٍ لَا يُحَصِّلُهُ، بَلْ لَا يَفْهَمُهُ، بَلْ لَا يَعِيهِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يُدْرِكَهُ؟

أَهَكَذَا تَنْقَضِي رِحْلَةُ الْحَيَاةِ بَدْءًا وَمُنْتَهًى؟

أَهَكَذَا تَضِيعُ السُّنُونُ، وَتَنْقَضِي الْأَيَّامُ، وَتَنْطَوِي الْأَحْلَامُ؟

أَهَكَذَا يَمْضِي الْمَرْءُ كَلَمْعَةِ الْبَرْقِ، كَخَطْفَةِ الْبَرْقِ، كَذَلِكَ الَّذِي يَكُونُ كَطَرْفَةِ الْعَيْنِ ثُمَّ لَا يَكُونُ؟

أَمَكْتُوبٌ هُوَ عَلَى الْمَرْءِ قَدَرًا أَنْ يَظَلَّ كَذَلِكَ مُتَلَدِّدًا؟

إِنَّ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ -رَبَّ الْعَالَمِينَ- إِنَّمَا خَلَقَ النَّاسَ لَا لِيُعَذِّبَهُمْ، وَإِنَّمَا لِيَرْحَمَهُمْ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِمُ الرُّسُلَ، وَأَنْزَلَ عَلَى الرُّسُلِ الْكُتُبَ، وَبَيَّنَ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ، وَمَيَّزَ الصَّحِيحَ مِنَ الزَّائِفِ، وَوَضَّحَ الْهِدَايَةَ مِنَ الْغِوَايَةِ؛ فَمَا الْعُذْرُ؟! وَمَا التَّعِلَّةُ؟!

أَمَكْتُوبٌ هُوَ حِينَئِذٍ؟!

وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: أَنْ يَظَلَّ الْمَرْءُ مُنْطَوِيًا صَدْرُهُ عَلَى جُلْمُودِ صَخْرٍ عَلَى قِطْعَةٍ مِنْ حَجَرٍ! وَيَقُولُ القَائِلُونَ: يَنْبَغِي عَلَيْنَا إِذَا مَا شَارَفَ الشَّهْرُ

عَلَى الِانْتِهَاءِ أَنْ نُذَكِّرَ النَّاسَ أَنْ يَظَلُّوا لِلْقُرْآنِ تَالِينَ! هَلْ كَانُوا لَهُ تَالِينَ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ حَتَّى يَظَلُّوا؟! وَإِنَّمَا يَظَلُّوا هَذِهِ تَكُونُ لِامْتِدَادٍ بِدَوَامٍ، فَهَلْ كَانُوا حَقًّا؟!

وَيَقُولُ قَائِلٌ، وَيَقُولُ قَائِلُونَ: يَنْبَغِي عَلَيْنَا أَنْ نُذَكِّرَ النَّاسَ بِصِيَامِ النَّفْلِ وَالتَّطَوُّعِ، الَّذِي يَكُونُ فِي الْعَامِ مِنْ بَعْدِ رَمَضَانَ، وَأَنْ يَظَلُّوا عَلَى الصِّيَامِ دَائِمِينَ! وَهَلْ صَامُوا حَقًّا؟! وَهَلْ أَتَى مِنْهُمْ صِيَامٌ؟!

إِنَّمَا هِيَ طَرْفَةُ عَيْنٍ، وَوَمْضَةُ بَرْقٍ، مَا بَيْنَ فَجْرٍ صَادِقٍ -إِنْ صَدَقَ عِنْدَ أَحَدٍ- وَفَجْرٍ كَاذِبٍ -إِنْ كَذَبَ عَلَى الْجَمِيعِ- إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَهَذِهِ تُطْوَى خَبْطًا فِي الْأَرْضِ، وَوُلُوغًا فِي الْأَعْرَاضِ، وَخَبْطًا فِي أَحْوَالِ الدُّنْيَا بَمَسَالِكِهَا؛ بِمَحْمُودَةٍ وَغَيْرِ مَحْمُودَةٍ، بِمَقْبُولَةٍ وَمَرْدُودَةٍ، فَإِلَى أَيِّ شَيْءٍ يَنْبَغِي أَنْ يُدَلَّ عَلَيْهِ النَّاسُ؟! عَلَى أَيِّ شَيْءٍ؟!