بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

"‬الوفد" ‬وأحزاب المعارضة‮ ‬يطالبون بإلغاء‮ "الطوارئ‮"‬

تطالب قوي‮ ‬المعارضة الآن بإسقاط قانون الطوارئ الذي‮ ‬أعاده الرئيس حسني‮ ‬مبارك إلي‮ ‬الحياة السياسية في‮ ‬أعقاب اغتيال الرئىس السادات‮ (‬أكتوبر‮ ‬1981‮) ‬ويظن كثيرون أن هذا المطلب الرئىسى الذي‮ ‬يضعه المتفاوضون مع نائب الرئىس عمر سليمان حالياً‮ ‬بين أهم ستة شروط لإنهاء اعتصام الثوار في‮ ‬ميدان التحرير‮ - ‬يظنون‮ - ‬أن أحزاب المعارضة بمختلف أطيافها لم تطالب به من قبل،‮ ‬وأن الشباب فقط هم الذين فجروا هذا المطلب الآن،‮ ‬إلا أن الحقيقة والواقع‮ ‬يؤكد أن عكس ذلك‮ (‬دون تقليل مما صنعه الشباب‮) ‬فعلي‮ ‬الرغم من استجابة أحزاب المعارضة لدعوة الحزب الحاكم للحوار حول القضايا المصيرية إيماناً‮ ‬منها بمسئوليتها تجاه الشعب ورغبتها الجادة في‮ ‬إخراج البلاد من أزمتها الطاحنة إلا أن الحزب الوطني‮ ‬الحاكم صدم البلاد‮ ‬يوم الأحد‮ ‬20‮ ‬مارس‮ ‬1988،‮ ‬وأقدم‮ - ‬ممثلاً‮ ‬في‮ ‬حكومته‮ - ‬علي‮ ‬مد العمل بأحكام قانون الطوارئ لأكثر من ثلاث سنوات‮.. ‬وضرب مبارك آنذاك أي‮ ‬قبل‮ ‬23‮ ‬عاماً‮ ‬برفض المعارضة لهذا القانون عرض الحائط،‮ ‬وهو ما دفعها إلي‮ ‬إصدار بيان إدانة ورفض للقانون وقع عليه رؤساء ستة أحزاب‮ (‬يمثلون المعارضة آنذاك‮) ‬وهم‮: ‬فؤاد سراج الدين رئىس حزب الوفد،‮ ‬إبراهيم شكري‮ ‬رئىس حزب العمل،‮ ‬لطفي‮ ‬واكد أمين عام حزب التجمع،‮ ‬أحمد الصباحي‮ ‬رئيس حزب الأمة،‮ ‬مصطفي‮ ‬كامل مراد رئيس حزب الأحرار‮.‬

أجمعت أحزاب المعارضة علي‮ ‬تصديها لقضية الديمقراطية والحريات السياسية،‮ ‬وأكدت آنذاك أن إنهاء العمل بحالة الطوارئ‮ ‬يمكن أن‮ ‬يكون بداية إيجابية من جانب الحكومة وحزبها وخطوة جادة لاشتراك الشعب في‮ ‬حل مشاكله التي‮ ‬تزداد تفاقماً‮ ‬يوماً‮ ‬بعد آخر‮.‬

وجاء مد العمل بالقانون صدمة قوية أعلن علي‮ ‬أثرها زعماء المعارضة والقوي‮ ‬السياسية عزمهم علي‮ ‬مواصلة العمل لتهدئة الرأي‮ ‬العام حتي‮ ‬يتوج كفاح الشعب بإلغاء حالة الطوارئ،‮ ‬وإلغاء الأوضاع الاستثنائية وإجراء الإصلاحات الدستورية حتي‮ ‬تعود الحياة الطبيعية إلي‮ ‬البلاد،‮ ‬وذلك انطلاقاً‮ ‬من ثقتهم في‮ ‬وعي‮ ‬الجماهير وإحساساً‮ ‬منهم بالرفض الشعبي‮ ‬لحالة الطوارئ‮.‬

ووصفت المعارضة العمل بقانون الطوارئ مجدداً‮ ‬بأنه استهانة بالرأي‮ ‬العام الذي‮ ‬أجمع علي‮ ‬اختلاف انتماءاته السياسية علي‮ ‬المطالبة بالمزيد من الديمقراطية والحريات السياسية وإلغاء حالة الطوارئ والعودة بالبلاد إلي‮ ‬الحياة الطبيعية،‮ ‬مشيرين إلي‮ ‬أنه‮ ‬يمثل إصراراً‮ ‬من جانب الحكومة وحزبها علي‮ ‬مواصلة سياسة المعاداة للديمقراطية لتغطية فشلها في‮ ‬حل مشاكل الجماهير وتمهيداً‮ ‬لاتخاذ قرارات اقتصادية تزيد من معاناة الشعب واعتبر أحزاب المعارضة تطبيق‮ »‬الطوارئ‮« ‬مجدداً‮ ‬دليلاً‮ ‬قاطعاً‮ ‬علي‮ ‬أن الحكومة تشعر بعزلتها عن الأمة علي‮ ‬الرغم من أغلبيتها البرلمانية المصطنعة التي‮ ‬توصلت إليها بأساليب معروفة مطعون في‮ ‬شرعيتها‮.‬

كما أنه برهان ساطع علي‮ ‬أن الحكومة فقدت مصداقيتها أمام الشعب ونفت حوارها مع أحزاب المعارضة‮. ‬وأضاف بيان رؤساء أحزاب المعارضة‮: »‬أن استمرار العمل بقانون الطوارئ لا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يحقق الأمن والاستقرار‮.. ‬فليس من المعقول أن تكون مدة الرئاسة الأولي‮ ‬بأكملها للرئىس مبارك في‮ ‬ظل حكم عرفي‮ ‬ثم تفتتح المدة الثانية بثلاث سنوات أخري‮ ‬من حكم العرف‮« ‬وقال البيان‮: ‬إن هذه الصورة الشاذة من الحكم الاستثنائى لا تحقق أمناً‮ ‬ولا توفر استقراراً،‮ ‬وإنما تؤجج التوتر والضيق‮. ‬وأشار

البيان إلي‮ ‬أن جميع حوادث الإرهاب عبر التاريخ قد وقعت في‮ ‬ظل الحكم العرفي،‮ ‬كما أنها تحمي‮ ‬أشد صور الفساد والنهب،‮ ‬ولن تطفئ سخط الجماهير بل ستزيده اشتعالاً،‮ ‬ولسوف‮ ‬يفقد المواطنون البقية الباقية من السقوط بالانتماء والرغبة في‮ ‬العمل والإنتاج،‮ ‬وهي‮ ‬فضلاً‮ ‬عن ذلك ستزيد إحجام المستثمرين عن المشاركة في‮ ‬معركة التنمية‮.‬

وأكد المجتمعون قبل ربع قرن من الزمان أن استمرار العمل بقانون الطوارئ لهو نذير بإقدام الحكومة علي‮ ‬اتخاذ المزيد من العصف بالحريات،‮ ‬وهو ما قد تحقق بالفعل طيلة حكم مبارك،‮ ‬مما‮ ‬يؤدي‮ ‬إلي‮ ‬سد القنوات الشرعية أمام العمل السياسي،‮ ‬ويدفع المواطنين إلي‮ ‬المزيد من الشعور بالإحباط والانعزال عن العمل العام،‮ ‬ويفتح باب الفتنة والطائفية والتطرف واستشراء العنف والعنف المضاد‮.‬

وشدد رؤساء أحزاب المعارضة علي‮ ‬أن استمرار قانون الطوارئ سيضعف من قدرة الشعب المصري‮ ‬علي‮ ‬مواجهة التحديات الخارجية والأخطار المحيطة بوطننا والعالم العربي،‮ ‬مؤكدين أن فرض قانون الطوارئ طوال هذه المدة‮ (‬وهو نظام استثنائى بطبيعته‮) ‬قد حوله من استثناء إلي‮ ‬قاعدة،‮ ‬مما‮ ‬يشكل خروجا سافراً‮ ‬علي‮ ‬الدستور والقانون ويشكك في‮ ‬مشروعية الحكومة‮.‬

وحمّل رؤساء المعارضة الرئىس مبارك مسئولية العواقب الوخيمة المترتبة علي‮ ‬استمرار فرض الأحكام العرفية‮.. ‬فالرئىس‮ ‬يحكم الدستور المسئول عن تأكيد سيادة الشعب واحترام القانون وأحكام الدستور،‮ ‬وهو الذي‮ ‬يتولي‮ ‬بحكم الدستور السلطة التنفيذية ويضع بالاشتراك مع مجلس الوزراء السياسة العامة للدولة‮.‬

يذكر هنا أن رؤساء أحزاب المعارضة في‮ ‬ذلك الوقت‮ (‬الثمانينيات‮) ‬وإحساساً‮ ‬منهم بضرورة العمل الإيجابي‮ ‬عقدوا سلسلة من الاجتماعات لتحديد الإجراءات الكفيلة بفضح مسلك الحكومة أمام الشعب،‮ ‬واحتجب آنذاك عدد من صحف المعارضة‮ ‬يوماً‮ ‬لكل صحيفة علي‮ ‬التوالي،‮ ‬كما انسحب بعض نواب المعارضة من مجلسي‮ ‬الشعب والشوري‮ ‬خلال بعض الجلسات،‮ ‬كما عقد رؤساء المعارضة مؤتمراً‮ ‬جماهيرياً‮ ‬أعلنوا خلاله المطالب والخطوات المتكاملة بتوسيع دائرة العمل ضد استمرار حالة الطوارئ،‮ ‬وانطلقوا بمؤتمرات مماثلة في‮ ‬جميع المحافظات شاركت فيها الأحزاب والقوي‮ ‬السياسية الوطنية والشعبية‮.‬

ورغم كل هذه المطالبات والمؤتمرات لم‮ ‬يستجب مبارك واستمر في‮ ‬عناده،‮ ‬واستمرت حكومته ونظامه في‮ ‬إذلال الشعب المصري‮.‬