بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

د.محمد سعيد رسلان يكتب : اللهم إني صائم

د.محمد سعيد رسلان
د.محمد سعيد رسلان

هُنَاكَ أُمُورٌ لَا بُدَّ أَنْ يُرَاعِيَهَا الْإِنْسَانُ فِي حَالِ صَوْمِهِ؛ وَهِيَ:

- أَنَّهُ عَلَيْهِ أَنْ يُحَافِظَ عَلَى الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ فِي الْمَسَاجِدِ.

- وَعَلَيْهِ أَنْ يَحْرِصَ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَأَمَّلَ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ».

- وَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَعْتَمِرَ فِي رَمَضَانَ فَهُوَ خَيْرٌ، كَمَا فِي «الصَّحِيحَيْنِ» عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ كَحَجَّةٍ»، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: «كَحَجَّةٍ مَعِي».

- وَالْإِنْسَانُ عَلَيْهِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي الْجُودِ وَالْبَذْلِ وَالْإِنْفَاقِ وَالتَّصَدُّقِ فِي رَمَضَانَ، فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، فَلَرَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرَّيحِ الْمُرْسَلَةِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَالنَّبِيُّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخْبَرَنَا أَنَّهُ فِي رَمَضَانَ «يُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ؛ وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ».

وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُنْقِصُ مِنْ أُجُورِ الصَّائِمِ شَيْئًا».

- وَعَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي الْإِكْثَارِ مِنَ الدُّعَاءِ؛ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ؛ الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ، وَالْإِمَامُ الْعَادِلُ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ».

- وَعَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يُبَيِّتَ النِّيَّةَ لِلصِّيَامِ مِنَ اللَّيْلِ.

وَالْمَقْصُودُ بِالنِّيَّةِ هُوَ: أَنْ يَعْلَمَ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الصِّيَامُ أَنَّ عَلَيْهِ فِي الْغَدِ الصِّيَامَ؛ فَيَعْزِمَ عَلَى الصِّيَامِ مِنَ اللَّيْلِ؛ يَعْنِي: يُبَيِّتُ لِلنِّيَّةِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا أَمْرٌ مُهِمٌ؛ لِأنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ النِّيَّةَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَا صِيَامَ لَهُ»، وَفِي رِوَايَةٍ: «مَنْ لَمْ يُجْمِعِ الصَّوْمَ مِنَ اللَّيْلِ- يَعْنِي: مَنْ لَمْ يُجْمِعِ النِّيَّةَ عَلَى الصِّيَامِ مِنَ اللَّيْلِ قَبْلَ الْفَجْرِ- فَلَا صِيَامَ لَهُ».

وَدَلَالَةُ السُّحُورِ عَلَى نِيَّةِ الصِّيَامِ قَائِمَةٌ، وَإِذَا وَسْوَسَ الْإِنْسَانُ فِي النِّيَّةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَعِيذَ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ.

وَالَّذِي لَا يَعْلَمُ أَنَّ غَدًا هُوَ مِنْ رَمَضَانَ، فَأَصْبَحَ وَاسْتَيْقَظَ فِي

نَهَارِ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ؛ فَعَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ مُبَاشَرَةً مَتَى عَلِمَ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَفْطَرَ بِشَيْءٍ، وَهَذَا اخْتِيَارُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَةَ- رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- وَهُوَ الصَّوَابُ.

مَنْ نَوَى الْفِطْرَ نِيَّةً جَازِمَةً وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ مِنَ الْمُفْطِرَاتِ فَقَدْ أَفْطَرَ، وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ أَوْ يَشْرَبْ أَوْ يُجَامِعْ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُفْطِرًا إِذَا نَوَى الْفَسْخَ، فَفَسَخَ نِيَّةَ الْإِمْسَاكِ عَنِ الصِّيَامِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُفْطِرًا.

وَأَمَّا فِي صِيَامِ التَّطَوُّعِ فِإِنَّ النِّيَّةَ تَكُونُ فِي أَيِّ وَقْتٍ مِنْ نَهَارِ يَوْمِ الصِّيَامِ إِنْ لَمْ يَفْعَلِ الْمُسْلِمُ شَيْئًا مِمَّا يُفْطِرُ بِهِ الصَّائِمُ؛ لِحَدِيثِ أُمِّنَا أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ- رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ يَوْمٍ، فَقَالَ: «هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ»؟

قُلْنَا: لَا. قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنِّي صَائمٌ»، وَهَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

هَلْ يَكْفِي نِيَّةٌ وَاحِدَةٌ لِلشَّهْرِ كُلِّهِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةٍ لِكُلِّ لَيْلَةٍ؟

قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ:

فِي الْعِبَادَةِ الْمُتَتَابِعَةِ الَّتِي تَكُونُ كَالْعِبَادَةِ الْوَاحِدَةِ؛ يَعْنُونَ بِذَلِكَ صِيَامَ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَهُوَ كَالصَّلَاةِ مَثَلًا لَا يَحْتَاجُ الْإِنْسَانُ إِلَى نِيَّةٍ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، وَإِلَى نِيَّةٍ لِلرُّكُوعِ، وَإِلَى نِيَّةٍ لِلرَّفْعِ مِنْهُ، وَإِنَّمَا هِيَ نِيَّةٌ وَاحِدَةٌ لِعِبَادَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِذَا تَتَابَعَ الصِّيَامُ فَيَكْفِي فِيهِ نِيَّةٌ وَاحِدَةٌ لِصِيَامِ الشَّهْرِ، وَلَكِنْ إِذَا قُطِعَ التَّتَابُعُ لِعُذْرٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يُجَدِّدَ النِّيَّةَ؛ إِذَا قُطِعَ التَّتَابُعُ لِمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ فَإِنَّهُ إِذَا أَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَصُومَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَنْوِيَ الصِّيَامَ.