بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

بلبل‮ ‬يبحث عن فتاة أحلامه‮ .


مع كل فيلم جديد‮ ‬يقدمه أحمد حلمى‮ ‬يتساءل الجمهور عن الشخصية التى سوف‮ ‬يقدمها أو اللوك الذى سوف‮ ‬يظهر به،‮ ‬فحلمى من القلائل الذين‮ ‬يحرصون على أن تكون كل شخصية‮ ‬يلعبها لها ملامح خارجية وداخلية تميزها عن‮ ‬غيرها من الشخصيات التى سبق له تقديمها‮! ‬وبلبل شخصية تشبه الكثير من الشباب فهو متردد،‮ ‬يبحث عن نموذج فريد من النساء،‮ ‬ويطمح أن تجتمع فى الفتاة التى‮ ‬يختارها شريكة لحياته،‮ ‬كل المميزات والخصال التى‮ ‬يمكن ان ترضى‮ ‬غرور الرجل،‮ ‬جميلة وجريئة وعصرية وذات شخصية،‮ ‬فإذا عثر على‮ ‬فتاة بها تلك المواصفات،‮ ‬سرعان مايضيق بها،‮ ‬ويشعر أنها لاتهتم به ولا تعتمد عليه وأنه لا‮ ‬يمثل شيئا إيجابيا فى حياتها،‮ ‬وينجذب بسرعة للفتاة التى تغرق فى شبر ميه،‮ ‬قليلة التجربة التى تلقى بأعبائها عليه،‮ ‬وليس لها موقف من الحياة،‮ ‬وطبعا هذا النموذج من النساء‮ ‬يصيب الشاب بالملل والضيق أيضا،‮ ‬فى مشاهد الفيلم الاولى‮ ‬يقدم لنا السيناريست خالد دياب ملامح بسيطة لشخصية بلبل‮ "‬أحمد حلمى‮"‬،‮ ‬الذى نراه راقداً‮ ‬فى مستشفى،‮ ‬وقد أصيب بكسور وجروح وكدمات لا نعرف سببها،‮ ‬وتقوم الطبيبة الشابة أمل‮" ‬إيمى سمير‮ ‬غانم"برعايته وأثناء ذلك‮ ‬يدور بينهما حوار طويل،‮ ‬يحكى لها من خلاله تجربته مع الجنس اللطيف،‮ ‬وتبدأ الحكاية بلقائه بياسمين‮ "‬زينة‮" ‬وهى فتاة جميله وعصرية ولها شخصية مستقلة ومسيطرة احياناً،‮ ‬ويقرر بلبل أن‮ ‬يفسخ خطبته لها،‮ ‬ليبحث عن أخرى بها مواصفات مختلفة ويجد‮ ‬غايته مع هالة‮ "‬شيرى عادل‮" ‬التى تختلف تماما عن‮ ‬ياسمين ويفرح بها بلبل فترة من الوقت،‮ ‬ولكنه‮ ‬يدرك أن قلة خبرتها فى الحياة واعتمادها عليه فى كل كبيرة وصغيرة‮ ‬يمكن أن‮ ‬يصيبه بالجنون ويقرر للمرة الثانية أن‮ ‬يفسخ خطبته،‮ ‬ممما‮ ‬يسبب للفتاه ألماً‮ ‬كبيراً،‮ ‬ويحدث أن‮ ‬يصاب بلبل بفقدان مؤقت للذاكرة ويلتقى مرة ثانية بخطيبته الأولى‮ ‬ياسمين فيعجب بها ويتمناها كزوجة،‮ ‬ولكن الفتاه التى كانت لاتزال تعانى من جرح كبريائها بعد هجره لها،‮ ‬تقرر أن تلقنه درساً‮ ‬بمساعدة خطيبته الثانية هالة‮! ‬يعتمد الفيلم على كوميديا الموقف،‮ ‬وعن كشف جوانب من علاقة الرجل والمرأة ونظرة كل منهما للآخر،‮ ‬وهذه النوعية من الافلام كانت السينما المصرية تقدمها بنجاح فى سنوات مجدها،‮ ‬مثل افلام‮: »‬آه من حواء‮« ‬و»الزوجة‮ ‬13‮» ‬و»إشاعه حب‮« ‬وغيرها وهى أفلام بسيطة وخفيفة لا تطرح اي‮ ‬نوع من القضايا ولكنها رغم ذلك تحقق نجاحا كبيرا،‮ ‬فالعلاقة الازلية بين الرجل والمرأة تؤدى الى حكايات لاتنتهى،‮ ‬وللأسف توقفت السينما المصرية عن تقديم تلك النوعية من الافلام،‮ ‬واستغرقت فى تقديم افلام القضايا الكبرى،‮ ‬أو تلك التى تعتبرها كبرى،‮

‬واختلط الأمر لدى الجمهور والنقاد ايضا حتى أصبح السؤال المكرر الذى‮ ‬يطرحه معظم الصحفيين على صناع الأفلام‮ "‬إيه القضية اللى بتطرحها فى فيلمك؟‮" ‬واختلط الأمر وأصبحت الافلام تنافس الجرائد اليومية وبرامج التوك شو فى عرض القضايا الآنية فقط،مع تجاهل تام لحقيقة كون السينما وسيله للمتعه والترفيه اولا،‮ ‬ثم وسيلة‮ ‬لطرح القضايا ثانياً‮ ‬وثالثاً،‮ ‬أما السينما الامريكية وغيرها من سينما العالم فهى تعى تلك الفروق تماما وتقدم بين الحين والآخر افلاما ترفيهية بحتة،‮ ‬بعضها‮ ‬ينتمى لنوعية الأكشن أو الفانتازيا،‮ ‬أو الكوميديا الاجتماعية،‮ ‬وبلبل حيران من تلك النوعية التى تعتمد على كوميديا الموقف وسوء الفهم،‮ ‬وهى تمنح المشاهد جرعات مكثفة من الضحك‮ ‬يغسل الهموم،‮ ‬ويجعل الحياة أقل كآبة وسخفاً‮ ‬ولو بشكل مؤقت،ويقدم أحمد حلمى أداء شديد البساطة لشخصية بلبل،‮ ‬ولكنها تلك البساطة التى تعبر عن امتلاك الممثل لحرفية الأداء بحيث‮ ‬يحافظ على الشعرة الدقيقة التى تفصل بين الأداء الكوميدى الراقى والأداء الهزلى الذى‮ ‬يميل‮ "‬للاستعباط‮"‬،‮ ‬ويعتبر الحوار من أهم عناصر التميز فى الفيلم خاصة وان البطل‮ ‬يقضى معظم مشاهد الفيلم وهو راقد‮ "‬مربط‮ "‬على فراش مستشفى‮ ‬يحاور طبيبته الشابة‮! ‬ورغم ان المساحة الأعظم من الفيلم كانت لشخصية بلبل إلا أن السيناريو قد رسم بقية الشخصيات،‮ ‬بشكل جيد سمح بتألق زينه فى شخصية‮ ‬ياسمين،‮ ‬الفتاة العصرية،وشيرى عادل فى شخصية الفتاة اللخمة التى تعيش فى ظل شخصية أمها،‮ ‬أما إيمى سمير‮ ‬غانم فهى تكتسب مع كل فيلم تقدمه أرضا جديده تقربها من البطولة،‮ ‬المطلقة وهى تتمتع بوجه هادئ وقدرة مذهلة على الأداء العفوى،‮ ‬فيلم بلبل حيران‮ ‬يقدم حالة من البهجة كنا فى أمس الحاجة اليها،‮ ‬فى ظل تلك الظروف المرتبكة التى نعيشها هذه الأيام‮!‬