بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

خدعوك فقالوا.. «شعب واعي»!

قلتها وأقولها دائماً إن نفاق الشارع أخطر ألف مرة من نفاق الحاكم.. لذلك تستفزني أشد الاستفزاز العبارة المحفوظة التي تتكرر في جميع وسائل الاعلام عن كوننا شعباً واعياً.. وشعباً مدركاً.. وشعب حضارة تفوق سبعة آلاف عام!!

وأتساءل: بأمارة إيه إحنا شعب واعي.. أعطوني أمارة واحدة تدل على وعينا وحسن تقديرنا للأمور!!
فعلى المستوى الشعبي.. فنحن شعب به نسبة أمية تزيد على 40٪ حتى أننا نعجز عن التمييز بين المرشحين بأسمائهم، ونلجأ لمنح كل مرشح رمزاً انتخابياً كالجردل والكنكة وحتى البصلة صارت رمزاً للمرشحين.. فهل هذا يعني وعياً للناخبين أم يعني جهلاً مطبقاً وعجزاً عن التمييز بين المرشحين إلا بالرمز الانتخابي أو بشنطة أرز وزيت وصابون أو حتى بورقة من فئة الخمسين جنيها، شعب واعي بصحيح!!
وعلى مستوى النخب وهم كريمة المجتمع تعالوا نطالع سلوكهم، الصحفيون طوال عمرهم يجرون خلف المرشح الحكومي الذي يأتي لهم بمائة جنيه بل وأربعين جنيها فقط في بعض الأحيان دون النظر لكفاءة المرشح وجدارته لشغل المنصب الرفيع، أي أن الرشوة الانتخابية هي سيدة الموقف في نقابة الرأي. نأتي للقضاء، وهم المنوط بهم إقامة العدل بين الناس وهم أول من يهدم كل أساس للعدل والعدالة بأفعالهم وإلا بالله عليكم اخبروني كيف يطالب القضاء بكوتة لأولادهم في قانون السلطة القضائية الجديد.. ورغم أن هذه الكوتة موجودة على أرض الواقع، ومطبقة بالفعل، وهى أكبر مثل لإهدار مبدأ العدالة وتكافؤ فرص العمل بين أبناء الوطن الواحد، إلا أن رجال العدالة يريدونها قانوناً، هل رأيتم ظلماً وعدوناً أكثر من هذا؟! ونأتي لأساتذة الجامعة والمحامين والمدرسين وقد رأينا منذ ايام اعتصاماتهم واضراباتهم.. استغلالا لحالة الفوضى التي تعم البلاد وطمعاً في اضافة جنيهات قليلة الى مرتباتهم دون أن يهتموا بعطل الطلاب والتلاميذ عن دراستهم، فهل هذا هو الوعي؟!..

وغيرها وغيرها الكثير من تصرفات النخبة والتي تتبارى مع تصرفات الجهلة والعوام والذين يقطعون خطوط السكة الحديد والطرقات الرئيسية وإيقاف المصانع والمصالح وخطوط المترو وكلها أمور تؤكد أننا كلنا في الهم سواء، وتنفي تماما أكذوبة الشعب الواعي التي يرددها الاعلام دون ملل أو حقيقة.
الاقتصاد المصري يلفظ أنفاسه الأخيرة، والمصانع أغلقت والسياحة دمرت والاحتياطي النقدي انخفض من 36 مليار دولار الى 22 مليار دولار، الاستثمار الاجنبي المباشر في مصر انخفض من 14 مليار دولار قبل الثورة الى صفر الآن، الواردات أصبحت ضعف الصادرات.. كلها مؤشرات مرعبة لمن يفهم ولمن يدرك ومع ذلك مازلنا ندعو لمليونيات جديدة، وتعطيل الانتاج وإشعال الفتنة، فأي وعي تتحدثون عنه، وعي النخبة أم وعي الشعب الذي يميز بين مرشحيه برموز الجردل والكنكة؟ طالبنا بحق المصري في الخارج في التصويت حتي أصبحت وكأنها قضية عمرنا ولما صدر الحكم وسمحنا لهم ذهب الى القنصلية المصرية بليبيا والتي تضم أكثر من مليون ونصف المليون مصري ثلاثة أفراد بالتمام والكمال ليسجلوا اسماءهم.. فأي وعي تتحدثون.. ومن أي شعب تقصدون.. فنحن لا شعب واعي، ولا شعب مدرك، وكل ما في الأمر أننا أصبحنا نتاجر بحضارة أجدادنا، ونسرق أمجادهم!