بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

ميثاق علي بن أبي طالب في السياسة الشرعية

من عيون تراثنا في السياسة الشرعية، ذلك "العهد" الذي كتبه الراشد الرابع الإمام علي بن أبي طالب ( 23 ق.هـ 40هـ/ 600 – 661م ) إلي واليه على مصر "الأشتر النخعي" ( 37هـ - 65م ).. والذي جاء أطول العهود التي كتبت إلى أحد من الولاة..

كما جاء من أعمق وأغني هذه العهود – وهذا العهد – الذي يمثل وثيقة من وثائق السياسة الشرعية – تقرأ المبادئ التي تظل هادية علي مر الأزمان..

 

نقرأ فيه، أن اختلاف الرعية في الدين لا يصح أن يكون ذريعة للتمييز بينهم في الحقوق والواجبات الاجتماعية والإنسانية ( فالخلق صنفان، إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق )..

 

والمساواة بين الرعية لا تعني "حياد" الدولة بين الطبقات – بين الخاصة والعامة – بل يجب الانحياز للعامة والمستضعفين: ( وليكن أحب الأمور إليك أوساطها في الحق، وأعمها في العدل، وأجمعها لرضا الرعية، فإن سخط العامة يجحف برضا الخاصة، وإن سخط الخاصة يغتفر مع رضا العامة.. وليس أحد من الرعية أثقل علي الوالي مؤونة في الرخاء، وأقل معونة له في البلاء، وأكره للإنصاف، وأسأل بالإلحاف، وأقل شكرا عند العطاء، وأبطأ عذرا عند المنع، وأضعف صبرا عند ملمات الدهر، من أهل الخاصة. وإنما عماد الدين، وجماع المسلمين، والعدة للأعداء: العامة من الأمة، فليكن صغوك إليهم، وميلك معهم).

 

وفي مواجهة واقع التمايز بين الطبقات، توجب السياسة الشرعية العدل والموازنة والتأليف بين الطبقات – بالتكافل – تحاشيا لآفة الصراع بين هذه الطبقات: ( وأعلم أن الرعية طبقات، لا يصلح بعضها إلا ببعض، ولا حتى ببعضها عن بعض ).. وهذا العدل بين الطبقات مهمة عظمي، تحتاج إلي أولي العزم من ولاة الأمور: ( إذا الحق كله ثقيل، وقد يخففه الله علي أقوام طلبوا العاقبة

فصبروا أنفسهم ووثقوا بصدق موعود الله لهم ).

 

ويحذر الإمام علي واليه من أن يتخذ بطانته من الخاصة والأثرياء ( لان فيهم استئثار وتطاول، وقله إنصاف في المعاملة. فأحسم مادّة أولئك بقطع أسباب تلك الأحوال )!.

 

وفي هذا العهد – الوثيقة – دعوة لأن تهتم الدولة بالقوي المنتجة في المجتمع، فهي عماد عمران البلاد وصلاح أمر العباد: ( ..وتفقد أمر الخراج بما يصلح أهله، فإن في صلاحه وصلاحهم صلاحا عن سواهم، ولا صلاح لمن سواهم إلا بهم، لأن الناس كلهم عيال علي الخراج وأهله. وليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج، لأن ذلك لا يدرك إلا بالعمارة، ومن طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد، وأهلك العباد.. وإنما يؤتي خراب الأرض من إعواز أهلها، وإنما يعوز أهلها لإشراف أنفس الولاة علي الجمع، وسوء ظنهم بالبقاء، وقلة انتفاعهم بالعبر!. واستوصي بالتجار، وذوي الصناعات.. فإنهم مواد المنافع.. ذا علم – مع ذلك – أن في كثير منهم ضيقا فاحشا، وشحا قبيحا، واحتكار المنافع، وتحكما في البياعات.. فأمنع الاحتكار ).

إنها إشارات إلي بعض المعالم في "متن" معه "متون السياسية الشريعة " يحتاج إلي "فقه" وشرح وتطبيقه !؟.