بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

عبدالخالق: الدولة الدينية‮.. ‬أكذوبة

دكتور فريد عبدالخالق‮.. ‬أحد القيادات التاريخية لجماعة الإخوان المسلمين،‮ ‬ورفيق درب‮ »‬حسن البنا‮« ‬مؤسس جماعة الإخوان المسلمين كان رئيساً‮ ‬لاتحاد الطلبة،‮

‬وعضو مكتب الارشاد،‮ ‬والمسئول عن جريدة‮ »‬الإخوان المسلمين‮« ‬قاد الجماعة في‮ ‬عهد‮ »‬عمر التلمساني‮« ‬دون ضجيج‮.. ‬حاورنا الرجل الذي‮ ‬كان قريبا من الرئيس‮ »‬جمال عبدالناصر‮« ‬قبل الثورة ويعدها‮.. ‬وممن‮ ‬يسمح لهم بمناداته بـ‮ »‬جمال‮«.. ‬ذهب مع المجموعة التي‮ ‬قابلت المرشد العام في‮ ‬الاسكندرية ليفاتحوه في‮ ‬أمر الاستيلاء علي‮ ‬السلطة والاشتراك في‮ ‬الانقلاب العسكري‮ »‬23‮ ‬يوليو‮ ‬1952‮« ‬وإلي‮ ‬الحوار‮..‬

* ‬عد مرور‮ ‬57‮ ‬عاماً‮ ‬علي‮ ‬قرار الرئيس عبدالناصر بحل جماعة الإخوان المسلمين في‮ ‬يناير‮ ‬1954‭.‬‮. ‬كيف كان قرار الحل؟

‮** ‬صدر بيان مجلس قيادة الثورة بحل جماعة الإخوان المسلمين في‮ ‬13‮ ‬يناير‮ ‬1954‮ .. ‬وجرياعتقال الإخوان،‮ ‬وصدرت بيانات زائفة تزعم اتفاق مرشد الإخوان مع الانجليز من وراء ظهر الحكومة‮.. ‬وتهماً‮ ‬أخري‮ ‬مختلفة‮ .. ‬فكانت السبب المباشر في‮ ‬اعتقال الإخوان‮.‬

‮* ‬ولكنكم بالفعل كنتم علي‮ ‬اتصال بالانجليز‮.. ‬لماذا اتصلتم؟

‮** ‬لا‮ .. »‬الإخوان المسلمون‮« ‬لم‮ ‬يتصلوا بالانجليز،‮ ‬بل هم الذين اتصلوا بنا وأخبرنا‮ »‬عبدالناصر‮« ‬بذلك ووافق لأنه كان‮ ‬يناقش اتفاقية الجلاء‮ .. ‬المهم انه وافق لسبب أو لآخر حتي‮ ‬يتدخل الأمريكان في‮ ‬المفاوضات،‮ ‬وعندما انتقدنا ذلك اعتبر عبدالناصر النقد بمثابة إعلان حرب‮ .. ‬فأصدرنا بياناً‮ ‬موضوعياً‮ ‬بذلك ونشرته الصحف في‮ ‬تلك الفترة،‮ ‬وكان رأينا في‮ ‬هذه الاتفاقية أنها‮ ‬غير ناجزة،‮ ‬لأنها كانت اتفاقية مشروطة بشروط ليست في‮ ‬صالح البلد،‮ ‬فإذا حدثت حرب ستعود القوات البريطانية مرة ثانية،‮ ‬فطالبنا بجلاء تام ليس به أبواب مفتوحة من الخلف،‮ ‬فاتهمنا‮ »‬عبدالناصر‮« ‬بأننا نتصل بالانجليز‮.. ‬وقلت له اتصالنا بالانجليز كان بناء علي‮ ‬إخطارك أو موافقتك لانه عندما إتصل بنا الانجليز أخبرنا‮ »‬عبدالناصر‮« ‬فقال‮: ‬موافق وطلب منا أن نشترك معه حتي‮ ‬تكون ورقة ضغط معه علي‮ ‬الانجليز كمفاوضين‮.. ‬وبعدما إنقلبت علينا اتهمنا بأننا اتصلنا بالانجليز من خلفه‮.. ‬وهذا ما لم‮ ‬يحدث فقد حدث الإذن والاخطار بكل ما تم وكان لصالح المفاوض ولصالح الوطن‮.‬

تصدع العلاقة

‮* ‬هل من أسباب أخري‮ ‬غير الاتصال بالانجليز جعلت العلاقة تتأزم وتتصدع وتتحول إلي‮ ‬عداء سافر بين جماعة الإخوان وبين رجال الثورة؟

‮** ‬كانت هناك أسباب جعلت الإخوان تتحمل ضربات وحشية سردها عبدالناصر إلي‮ ‬جماعة الإخوان إلي‮ ‬أن توفاه الله أولا‮: ‬في‮ ‬اللقاء الأول بين المرشد وجمال عبدالناصر دار الحوار بينهما حول شكل الاصلاح وتأكد من خلاله تنصل‮ »‬عبدالناصر‮« ‬من التزامه السابق بالتشاور مع الإخوان حول القضايا الكبري‮.. ‬وهذا الموقف كان صدمة ونقطة تحول مبكرة في‮ ‬العلاقة بين الإخوان والثورة‮.‬

ثانياً‮: ‬في‮ ‬10‮ ‬سبتمبر‮ ‬1952‮ ‬صدر قانون بتسجيل جميع الاحزاب وتقديم المستندات التي‮ ‬يجري‮ ‬التسجيل بموجبها‮.. ‬ثم أرسلوا لنا خطاباً‮ ‬يستفسرون فيه عن أهداف الجماعة وهل من أهدافها السعي‮ ‬للوصول إلي‮ ‬الحكم؟ وسؤال آخر عن قيادة الجماعة إذا أرادت أن تسجل نفسها حزباً‮.. ‬فقررت الهيئة التأسيسية عدم تسجيل الجماعة كحزب سياسي‮ ‬بأعتبار أنها هيئة إسلامية وفوجئنا في‮ ‬يناير‮ ‬1953‮ ‬بقانون حل الاحزاب وكان‮ ‬يراد منه حل الجماعة إذا وقعت في‮ ‬المحظور وسجلت نفسها حزباً‮.‬

ثالثاً‮: ‬تأخر المرشد العام في‮ ‬التوجه إلي‮ ‬مقر قيادة الحركة للتهنئة بنجاح الانقلاب،‮ ‬كما فعل رؤساء الاحزاب والهيئات،‮ ‬وأبلغ‮ ‬عبدالناصر بعض الاخوة استياءه من تأخر المرشد‮. ‬وعندما قام بالتهنئة كتب في‮ ‬سجل الزوار كلمات قليلة متحفظة من أنها حركة إصلاحية‮ ‬يرجي‮ ‬منها الخير للبلاد وتقويم ما اعوج من أمرها وفسد من أحوالها واختتمها بعبارة‮ »‬طالما كانت لوجه الله‮« ‬وغضب عبدالناصر من العبارة التي‮ ‬اختتم بها المرشد كلمته‮.‬

رابعاً‮: ‬رفض الإخوان الاشتراك في‮ ‬الوزارة والتي‮ ‬شكلها‮ »‬عبدالناصر‮« ‬ليضيف إلي‮ ‬الأزمة التي‮ ‬حاقت بالصلة بين الإخوان وعبدالناصر مزيداً‮ ‬من الوقود‮.‬

خامساً‮: ‬رفض الإخوان النزول عن رغبته في‮ ‬الذوبان في‮ ‬هيئة التحرير أي‮ ‬أن‮ ‬يحل الإخوان جماعتهم بيدهم ليوفروا عليه ما قام به حينما أصدر قراراً‮ ‬بحل الجماعة في‮ ‬يناير‮ ‬1954‭.‬

الأحرار والإخوان

‮* ‬وما علاقة الضباط الأحرار بجماعة الإخوان المسلمين قبل انقلاب‮ ‬يوليو‮ ‬1952؟

‮** ‬فيما‮ ‬يتعلق بالإخوان المسلمين كقوة موجودة،‮ ‬وحركة الضباط الاحرار فكان‮ ‬يوجد علاقة بيننا وبين بعض الضباط منهم،‮ ‬وقد ذكر ذلك في‮ ‬مذكرات‮ »‬عبداللطيف البغدادي‮« ‬و»كمال الدين حسين‮« ‬و»السادات‮« ‬المهم أن الضباط الأحرار عايشوا الإخوان المسلمين،‮ ‬بل وصل بعضهم إلي‮ ‬حد المبايعة

للاخوان علي‮ ‬أن‮ ‬يعملوا للاهداف العامة التي‮ ‬يعمل لها الإخوان المسلمون،‮ ‬وهو الاصلاح الذين‮ ‬يكون له مرجعية دينية‮.‬

‮* ‬وما شكل هذه المرجعية الدينية؟

‮** ‬هذه المرجعية عبارة عن وقفة عند الحاجات الحياتية للمجتمع بمعني‮ ‬أن الاسلام أقر مبادئ أساسية لا‮ ‬غني‮ ‬عنها للإنسان،‮ ‬وللمجتمع الكريم كالعدالة والمساواة،‮ ‬واحترام القانون والمشاركة،‮ ‬وليست مرجعية دينية أن نضع الشعب في‮ ‬قيود أو أن نشل حريتهم وأفكارهم‮.. ‬بأن‮ ‬يعيشوا في‮ ‬مجتمع ديني‮ ‬مغلق،‮ ‬لأن الانسان كائن مدني‮ ‬بطبيعته‮.‬

ومن ناحية أخري‮.. ‬الضباط الأحرار شاركوا في‮ ‬تدريب بعض شباب الإخوان علي‮ ‬العمليات القتالية للمشاركة في‮ ‬حرب فلسطين،‮ ‬وتفجيرات القناة التي‮ ‬كانت قبل‮ ‬1952‭.‬

بيان أغسطس

‮* ‬بعد نجاح الانقلاب‮.. ‬لماذا أسرعت‮ »‬الإخوان المسلمون‮« ‬بإصدار بيان ونشرته الصحف؟

‮** ‬بالفعل أصدرنا بياناً‮ ‬في‮ ‬أول أغسطس‮ ‬1952‮ ‬ونشرته الصحف،‮ ‬يوضح الاصلاح الذي‮ ‬نرجوه في‮ ‬العهد الجديد وطالبنا بالغاء الأحكام العرفية والقوانين المنافية للحريات،‮ ‬وتحريم ما حرم الله،‮ ‬والاصلاح الدستوري،‮ ‬واستلهام مبادئ الاسلام في‮ ‬شئون الحياة،‮ ‬وضروب الاصلاح الاجتماعي‮ ‬والزراعي‮ ‬والعسكري‮ ‬والديني‮.. ‬والعناية بالجوانب العسكرية والتجنيد والتدريب العسكري‮ ‬وإنشاء مصانع للأسلحة والذخيرة،‮ ‬وخروج الإنجليز من مصر والسودان،‮ ‬وكل مستعمر من بلاد الاسلام‮.‬

‮* ‬هذا البيان الذي‮ ‬أعلنته‮ »‬الإخوان المسلمون‮« ‬جعل أمريكا تحذر من التيار الديني؟

‮** ‬الامريكان كانوا قريبين من الاحداث،‮ ‬وحدثت لقاءات بين السفير الأمريكي‮ ‬والخارجية الامريكية مع رجال الثورة،‮ ‬وكان الامريكان‮ ‬يتوجسون خوفاً‮ ‬من التيار الديني‮.‬

لو كان قوياً‮ ‬حيث انه من الممكن أن‮ ‬يتعارض مع المصالح الامريكية‮.‬

فقال‮ »‬عبدالناصر‮« ‬لهم ان ما حدث هو حركة عامة وشعبية وكل القوي‮ ‬الوطنية مشاركة فيها،‮ ‬فاطمئنوا،‮ ‬وأبلغوا المسئولين الامريكان بأن ما حدث ليس به ما‮ ‬يخيف أو‮ ‬يهدد المصالح الأمريكية،‮ ‬فأعطوا الثورة الدعم والتأييد،‮ ‬وهذا كان ذكاء عبدالناصر‮.‬

‮* ‬ولماذا أعلن لكم الرئيس‮ »‬عبدالناصر‮« ‬أن الثورة لا تقبل وصاية من أحد؟

‮** ‬كان هذا في‮ ‬30‮ ‬يوليو‮ ‬1952‮ ‬في‮ ‬أول لقاء بين المرشد وجمال عبدالناصر‮.. ‬ودار الحديث بينهما من منطلق‮. ‬ما اتفق عليه‮ »‬عبدالناصر‮« ‬مع الاخوة الذين كانوا‮ ‬يجتمعون به قبل قيام الانقلاب‮ ‬غير أن‮ »‬عبدالناصر‮« ‬بدأ‮ ‬يتنصل شيئاً‮ ‬فشيئاً‮ ‬من بعض الالتزامات التي‮ ‬تقتضيها المشاركة المتفق عليها‮.. ‬فعندما قيل له بوجوب التشاور مع الإخوان في‮ ‬الامور الرئيسية في‮ ‬السياسة العامة في‮ ‬النواحي‮ ‬السياسية والاقتصادية بوصف الإخوان شركاء في‮ ‬المسئولية هنا رفض‮ »‬عبدالناصر‮« ‬وقال عبارته‮: ‬إنه لا‮ ‬يقبل وصاية من أي‮ ‬جهة علي‮ ‬الثورة‮.. ‬فسأل المرشد الاخ‮ »‬حسن العشماوي‮« ‬ألم تتفقوا‮ ‬يا حسن؟ فكان الجواب نعم إتفقنا‮.. ‬فقال المرشد هذه مشاركة وليست وصاية فصمم عبدالناصر علي‮ ‬رأيه حيث اعتبر المشاركة وصاية وهذا الحدث هز الثقة وكان رد فعل سيئاً‮ ‬علي‮ ‬الجماعة وأذكر أن المرشد العام طوال الجلسة لم‮ ‬يتكلم،‮ ‬ولم‮ ‬يشارك في‮ ‬الحوار‮. ‬لأنه لم‮ ‬يجد ترحيباً‮ ‬حسب الاتفاق القديم أو حسب ما أخبرناه نحن وهو في‮ ‬الاسكندرية‮.‬