بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

تأميم المدارس القومية.. إغتيال للتعليم التعاوني

فشلت وزارة التربية والتعليم في‮ ‬تنفيذ مخططها بتحويل المدارس التابعة للمعاهد القومية إلي‮ ‬مدارس تجريبية متميزة والمعروفة باسم المستقبل والتي‮ ‬أثير حولها العديد من علامات الاستفهام‮.

‬ترجع أسباب فشل الوزارة إلي‮ ‬صدور أحكام قضائية ضد الدكتور أحمد زكي‮ ‬بدر وزير التربية والتعليم بوقف تنفيذ القرارات الوزارية الصادرة بشأن حل مجالس إدارات هذه المدارس وتحويلها إلي‮ ‬مدارس تجريبية متميزة‮. ‬جاءت القرارات الوزارية مخالفة للدستور والقانون بسبب حرمان أولياء الأمور من اختيار نوعية التعليم لأبنائهم وقيام الوزارة بفرض نوعية معينة من التعليم علي‮ ‬أولياء أمور التلاميذ وأبنائهم بالمخالفة لرغبتهم الاجتماعية‮. ‬تجاهلت الوزارة الأحكام الصادرة لصالح أولياء الأمور بوقف تنفيذ القرارات الوزارية ولم تقدم الوزارة من جانبها أي‮ ‬مبادرة لتنفيذ هذه الأحكام أو إلغاء القرارات الوزارية الخاصة بتحويل بعض المدارس،‮ ‬ومنها مدرسة النصر والليسيه بالإسكندرية ومجمع المدارس بمحافظة‮ ‬6‮ ‬أكتوبر‮. ‬اكتفت الوزارة بالتزام الصمت تجاه هذه الأحكام وتركت الأمور في‮ ‬مهب الريح‮. ‬استطلعت‮ »‬الوفد‮« ‬آراء بعض خبراء التربية حول هذا الموضوع‮.‬

يري‮ ‬الدكتور شبل بدران عميد كلية التربية السابق بجامعة الإسكندرية والخبير التربوي‮ ‬أنه في‮ ‬خطاب السيد الرئيس محمد حسني‮ ‬مبارك والذي‮ ‬وجهه إلي‮ ‬الحزب الوطني‮ ‬وحكومته في‮ ‬مؤتمره الأخير‮ ‬2010‭/‬12‭/‬25،‮ ‬أكد سيادته علي‮ ‬ضرورة تفعيل المشاركة المجتمعية واللامركزية بوصفها مبدأين أساسيين في‮ ‬تطوير المجتمع المصري،‮ ‬إلا أن هناك بعض الوزراء لم‮ ‬يدركوا ذلك التوجيه،‮ ‬فاتخذوا من الإجراءات والقرارات ما‮ ‬يخالف ويناقض ذلك التوجه‮. ‬والقضية تتمثل في‮ ‬قيام السيد وزير التربية والتعليم بإصدار القرار الوزاري‮ ‬رقم‮ ‬475‮ ‬في‮ ‬2010‭/‬12‭/‬21‮ ‬بتحويل بعض مدارس المعاهد القومية‮ (‬كلية النصر للبنات‮ ‬E.G.C‮ ‬والتي‮ ‬أنشئت عام‮ ‬1936،‮ ‬ومدارس ليسيه الحرية والتي‮ ‬أنشئت في‮ ‬مطلع القرن العشرين بالإسكندرية‮) ‬ويستند القرار إلي‮ ‬أن تلك المدارس ملك لوزارة التربية والتعليم،‮ ‬والمعلوم للجميع أن تلك المدارس كانت ملك الجاليات الإنجليزية والفرنسية،‮ ‬وقد تم تأميمها لصالح الشعب المصري‮ ‬بعد العدوان الثلاثي‮ ‬الذي‮ ‬وقع علي‮ ‬مصر عام‮ ‬1956‭.‬

وفي‮ ‬عام‮ ‬1958‮ ‬تم تكوين الشركة العامة للتربية والتعليم‮ (‬ش.م.م‮) ‬لإدارة تلك المدارس،‮ ‬حيث إنها مدارس ذات مصروفات مرتفعة بالنسبة للغالبية من أبناء الشعب المصري،‮ ‬وفي‮ ‬عام‮ ‬1963‮ ‬قامت وزارة التربية والتعليم ممثلة في‮ ‬السيد‮/ ‬السيد محمد‮ ‬يوسف وزير التربية والتعليم حينذاك ممثلاً‮ ‬للجمهورية العربية المتحدة ببيع تلك المدارس إلي‮ ‬الشركة،‮ ‬وفي‮ ‬عام‮ ‬1979‮ ‬تم تكوين الجمعية العامة للمعاهد القومية لإدارة تلك المدارس،‮ ‬من خلال الجمعيات التعاونية التعليمية التي‮ ‬كانت تدير تلك المدارس وفي‮ ‬عام‮ ‬1990‮ ‬أصدر الأستاذ الدكتور أحمد فتحي‮ ‬سرور وزير التعليم حينذاك القانون رقم‮ (‬1‮) ‬لعام‮ ‬1990‮ ‬بشأن الجمعيات التعاونية التعليمية واللائحة التنفيذية لذلك القانون بالقرار رقم‮ (‬83‮) ‬لسنة‮ ‬1990،‮ ‬ونشر بالجريدة الرسمية،‮ ‬العدد‮ ‬2‮ ‬في‮ ‬1990‭/‬1‭/‬11‮ ‬ولقد تضمنت المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون الجمعيات التعاونية التعليمية ما‮ ‬يلي‮: ‬تضطلع الجمعيات التعاونية التعليمية برسالة عظيمة الشأن جليلة الأثر في‮ ‬النهوض بأمانة التربية والتعليم في‮ ‬قطاع كبير من أنشطة التعليم الخاص منذ وُكلت إليها إدارة المعاهد القومية وجعلت القاعدة في‮ ‬تأسيس المدارس الخاصة وإدارتها أن تركن في‮ ‬ذلك إلي‮ ‬الأشخاص الاعتبارية علي‮ ‬وجه‮ ‬يؤمن لتلك المدارس نوعاً‮ ‬من الدائمية والاستمرار‮.‬

وتواصل المذكرة الإيضاحية تبيان أهمية هذا النوع من التعليم الذي‮ ‬يكفله الدستور في‮ ‬مادته رقم‮ (‬31‮) ‬ويرعاه ويضمن له الإدارة الذاتية،‮ ‬لقد عني‮ ‬المشروع بتشكيل مجلس إدارة الجمعية وجعل اختيار أغلبيته بطريق الانتخاب تأكيداً‮ ‬للإدارة الذاتية للجمعية إضافة إلي‮ ‬ناظر المدرسة بحكم وظيفته وثلاثة من المهتمين بالتربية والتعليم‮ ‬يصدر باختيارهم قرار من الوزير مع ممثل عن النقابة الفرعية للمعلمين ليس له صوت معدود‮ (‬مادة‮ ‬18‮).‬

ومنذ عام‮ ‬1990‮ ‬والمدارس تدار من خلال الجمعيات التعاونية التعليمية ومجلس إدارتها،‮ ‬وهذه الإدارة ديمقراطية في‮ ‬جوهرها،‮ ‬حيث تقوم الجمعية بعقد اجتماع سنوي‮ ‬في‮ ‬شهر ديسمبر لتقدير الميزانية والحسابات الختامية وكذلك الإنجازات التي‮ ‬تمت والمتوقعة مستقبلاً،‮ ‬ويتم في‮ ‬هذا الاجتماع انتخاب مجلس الإدارة والمراقب المالي‮... ‬إلخ‮. ‬هذه الممارسات تتم منذ عام‮ ‬1990‮ ‬تحت رقابة وزارة التربية والتعليم والمديرية التعليمية والمعاهد القومية،‮ ‬رقابة مالية وإدارية علي‮ ‬الجمعية واجتماعاتها،‮ ‬أي‮ ‬أن الوزارة تعلم علم اليقين عن تلك الجمعيات وتراقب أعمالها ونشاطها بصورة دائمة،‮ ‬وذلك بحكم القانون رقم‮ (‬1‮) ‬لسنة‮ ‬1990‭.‬

وكما أوضحت المذكرة الإيضاحية أن ذلك النوع من التعليم الذي‮ ‬يجسد فكرة المشاركة المجتمعية واللامركزية ودعم التعليم التعاوني‮ ‬ليساهم في‮ ‬إتاحة فرص التعليم لأبناء الطبقة الوسطي‮ ‬إلي‮ ‬جانب التعليم الحكومي‮ ‬الرسمي‮. ‬ولقد أكد الدستور المصري‮ ‬في‮ ‬مادته‮ (‬31‮) ‬أن الملكية التعاونية،‮ ‬ملكية الجمعية التعاونية‮ ‬يكفلها الدستور ويرعاها ويضمن لها الإدارة الذاتية،‮ ‬وهذا نص واضح وجليّ‮ ‬ولا‮ ‬يحتاج إلي‮ ‬تفسير أو تأويل،‮ ‬ولقد أكد القانون رقم‮ (‬1‮) ‬لسنة‮ ‬1990‮ ‬في‮ ‬مادته الأولي‮: ‬تعتبر جمعية تعاونية تعليمية كل جمعية تعاونية تنشأ بهدف تأسيس المدارس الخاصة وإدارتها طبقاً‮ ‬للقانون رقم‮ (‬139‮) ‬لسنة‮ ‬1981‮ ‬إذن هذه مدارس تعاونية خاصة وتدار من خلال مجالس إدارات للجمعيات التعاونية المنتخبين من أعضاء الجمعية التعاونية التعليمية‮.‬

والسؤال‮: ‬كيف‮ ‬يتم تحويل هذا النوع من التعليم إلي‮ ‬تعليم تجريبي‮ ‬مميز‮ (‬المستقبل‮) ‬ومن المعروف أن المدارس التجريبية حينما أنشئت في‮ ‬التسعينيات كان الهدف منها التجريب،‮ ‬تجريب تدريس العلوم والرياضيات باللغة الإنجليزية في‮ ‬بعض المدارس المختارة،‮ ‬وكانت في‮ ‬الغالب الأعم أفضل المدارس الحكومية بحكم أنها مدارس بمصروفات بدأت بحوالي‮ ‬200‮ ‬جنيه وتجاوزت الآن الألف جنيه في‮ ‬بعض المدارس،‮ ‬وهي‮ ‬تلبية حاجة بعض الفئات الاجتماعية في‮ ‬المجتمع‮. ‬فكيف نحول مدارس خاصة تعاونية مضي‮ ‬علي‮ ‬تاريخها أكثر من ثمانين عاماً‮ ‬وخرّجت المئات من الشخصيات العامة وذات الشهرة الأوسع في‮ ‬مجال الحياة السياسية والاجتماعية والفنية والتدريس باللغة الإنجليزية‮ ‬يتجاوز التجريبي‮ ‬لأنه به المستوي‮ ‬العادي‮ ‬والرفيع وتكليفات أخري‮ ‬ترتبط بنشأة وتطور تلك المدارس‮.‬

إن المدارس التجريبية هي‮ ‬مدارس تتبع وزير التربية والتعليم مباشرة وتخضع لسلطته وفق قانونها،‮ ‬وهي‮ ‬مازالت تحت التجريب ومحل الدراسة،‮ ‬وإلا كانت عممت في‮ ‬فترة،‮ ‬ولكن السؤال الأكثر دهشة،‮ ‬ما الحكمة في‮ ‬تغيير مسميات تلك المدارس إلي‮ ‬مدارس تجريبية لغات متميزة‮ (‬المستقبل)؟ ما علاقة مدارس المستقبل بالمدارس التجريبية والخاصة،‮ ‬وهل المدارس الحالية هي‮ ‬مدارس تعود للماضي‮ ‬أو الحاضر،‮ ‬وأن السيد الوزير‮ ‬يريد تحويلها إلي‮ ‬مدارس‮ »‬المستقبل‮« ‬ومن الذي‮ ‬اختار هذا المسمي؟‮! ‬ولماذا لم‮ ‬يكن هناك مسمي‮ ‬آخر؟ وما الحكمة من تحويل المدارس إلي‮ ‬تجريبية لغات مميزة؟‮!‬

إن الحجة التي‮ ‬تطرحها وزارة التربية والتعليم هي‮ ‬أن تلك المدارس حدث بها مخالفات مالية وإدارية قام بها أعضاء مجلس الإدارة،‮ ‬وهذا شيء جميل،‮ ‬والمنطق‮ ‬يقول بما أن الوزارة هي‮ ‬التي‮ ‬تشرف علي‮ ‬تلك المدارس إشرافاً‮ ‬مالياً‮ ‬وإدارياً‮ ‬فجيب عليها تحويل المخالفات إلي‮ ‬التحقيق وفي‮ ‬حال ثبوتها‮ ‬يتم حل المجلس أو تغييره،‮ ‬هل هناك علاقة بين مخالفات إدارية وتحويل المدارس إلي‮ ‬نوع آخر مختلف بالمخالفة للقانون والدستور وتغيير مسمياتها؟ هب أن لديك مريضاً‮ ‬هل المطلوب قتله أم تقديم العلاج والرعاية له؟ الذي‮ ‬تم هو سياسة قتل المريض وليس علاجه؟ ما ذنب الطلاب وأولياء الأمور والمجتمع والنظام التعليمي‮ ‬برمته ووجود مخالفات؟ أعتقد لا توجد علاقة منطقية،‮ ‬ولكن النية ليست هكذا‮.‬

إن هناك نية وتوجه وقصد نحو تأميم ومصادرة والاستيلاء علي‮ ‬تلك المدارس والشواهد الدالة علي‮ ‬ذلك أن السيد الوزير حينما قام بحل مجالس الإدارات وهذا حقه في‮ ‬حالة ثبوت المخالفات المزعومة من جهة التحقيق المحايدة،‮ ‬لم‮ ‬يقم بتعيين مجلس إدارة مؤقت لإزالة المخالفات،‮ ‬ولكن كلف مدير مديرية التربية والتعليم بالمحافظة بالقيام بأعمال مجلس الإدارة ومدير مديرية التربية والتعليم بحكم نصوص القانون رقم‮ (‬1‮) ‬لسنة‮ ‬1990‮ ‬هو المشرف والمراقب علي‮ ‬تلك المجالس والمدرسة‮.‬

والسؤال‮: ‬كيف‮ ‬يقوم المراقب والمشرف بالإدارة،‮ ‬من الذي‮ ‬سيراقبه؟ هل سيراقب نفسه؟ تلك البداية الحقيقية للسيطرة وتأميم تلك المدارس،‮ ‬وهذا ما تم في‮ ‬حل مجلس إدارة الجمعية العامة

للمعاهد القومية بالقاهرة،‮ (‬والذي‮ ‬يتكون مجلس إدارتها من‮ ‬15‮ ‬عضواً‮ ‬منهم سبعة‮ ‬يعينهم وزير التربية والتعليم وهم‮ ‬2‮ ‬وكلاء وزارة ومساعد الوزير ومدير هيئة الأبنية التعليمية ونقيب المعلمين إلي‮ ‬جانب نائب رئيس جامعة حلوان والأستاذ مصطفي‮ ‬ثابت عضو مجلس الشوري‮ ‬إلي‮ ‬جانب رئيس المجلس‮)‬،‮ ‬ومدرسة السيد محمد كريم بالإسكندرية وكلية النصر للبنات‮ ‬E.G.C‮ ‬ومدارس الليسيه بالإسكندرية ومدرسة جمال عبدالناصر القومية ومدرسة‮ ‬6‮ ‬أكتوبر بالقاهرة‮.‬

إن القانون رقم‮ (‬1‮) ‬لسنة‮ ‬1990‮ ‬في‮ ‬المادة‮ (‬9‮) ‬ينص علي‮: ‬تخضع الجمعيات التعاونية التعليمية والجمعيات المشتركة والجمعية العامة والمدارس التابعة لها للإشراف المباشر لوزارة التربية والتعليم،‮ ‬ويكون وزير التعليم هو الوزير المختص بالنسبة لها،‮ ‬وتلك المادة توضح أن ولاية وزارة التربية والتعليم تنحصر في‮ ‬الإشراف علي‮ ‬الجمعيات والمدارس،‮ ‬وذلك أمر طبيعي،‮ ‬والسؤال‮: ‬أين كانت الوزارة وأجهزتها أثناء وقوع المخالفات في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬يقوم التوجيه المالي‮ ‬والإداري‮ ‬بالإدارة التعليمية بالمتابعة والمراقبة وتحديد المصروفات الدراسية وكل ما‮ ‬يتعلق بالعملية التعليمية،‮ ‬أين كانت الوزارة أثناء ارتكاب المخالفات إن وجدت أصلاً‮.‬

تأتي‮ ‬بعد ذلك حجة السيد الوزير من أن الوزارة قامت عام‮ ‬1973‮ ‬بشراء تلك المدارس،‮ ‬والسؤال‮: ‬أين كانت الوزارة منذ عام‮ ‬1973،‮ ‬ولمدة‮ ‬37‮ ‬عاماً؟‮! ‬هل لم تكن تعرف أن لديها‮ ‬39‮ ‬جمعية تعاونية ومدارسها؟ وهل الوزارة وكل وزراء التربية والتعليم الذين أداروها خلال‮ ‬37‮ ‬عاماً‮ ‬لم تكن الحقيقة معروفة لديهم؟‮! ‬وإذا كانت معروفة لديهم،‮ ‬فكيف صدر القانون رقم‮ (‬1‮) ‬لسنة‮ ‬1990‮ ‬والذي‮ ‬نظم عمل تلك الجمعيات ومدارسها‮ ‬39‮ ‬مدرسة،‮ ‬وحدد دور الوزارة في‮ ‬الإشراف الفني‮ ‬والمالي‮ ‬والإداري؟ إنه بصدور القانون رقم‮ (‬1‮) ‬لسنة‮ ‬1990‮ ‬والصادر من السلطة التشريعية‮ (‬مجلس الشعب ورئيس الجمهورية‮) ‬قد حسم الأمر في‮ ‬إدارة وملكية تلك الجمعيات ومدارسها بدليل أن تلك الجمعيات تمارس عملها ونشاطها وتتوسع في‮ ‬المدارس وتفتح برامج الدبلومة الأمريكية وIG‮ ‬الإنجليزية بموافقة الوزارة وتحت إشرافها إنها حجة الهدف من ورائها التذرع بتأميم ومصادرة تلك الجمعيات ومدارسها‮.‬

إن الذي‮ ‬أنقذ الطلاب وأولياء الأمور هو الحكم التاريخي لمحكمة القضاء الإداري‮ ‬بالإسكندرية والذي‮ ‬صدر‮ ‬يوم‮ ‬2010‭/‬12‭/‬30‮ ‬في‮ ‬القضية التي‮ ‬أقامها أكثر من‮ ‬312‮ ‬ولي‮ ‬أمر،‮ ‬ناهيك عن قضايا أخري‮ ‬مازالت مرفوعة،‮ ‬ولقد أكد الحكم‮: »‬بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما‮ ‬يترتب علي‮ ‬ذلك من آثار،‮ ‬وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان‮«.‬

هذا هو منطوق الحكم،‮ ‬ولو نظرنا إلي‮ ‬حيثياته نكتشف أن الحيثيات أكدت أيضاً‮: ‬أن البادي من مطالعة تلك المخالفات فإنها ليست علي‮ ‬قدر من الجسامة علي‮ ‬نحو‮ ‬يبرر للوزير سلطة حل وتصفية الجمعية التعاونية لمدرسة النصر للبنات‮ ‬E.G.C‮ ‬بالإسكندرية وتحويلها إلي‮ ‬مدرسة تجريبية متميزة أي‮ ‬إعدام الشخصية القانونية‮ - ‬لاسيما أن له سلطة إشرافية ورقابية سابقة علي‮ ‬تصرفات مجلس الإدارة بمقتضي‮ ‬القانون علي‮ ‬نحو ما سلف بيانه‮ - ‬تخوله حق إلغاء أي قرار‮ ‬يصدر عن الجمعية بالمخالفة لأحكام القانون‮.‬

لقد تهاوت الحجة أمام حكم المحكمة الإدارية،‮ ‬وستتهاوي‮ ‬أيضاً‮ ‬أمام القضايا الأخري‮ ‬المرفوعة،‮ ‬إن وجود مخالفات أيا كان نوعها لا‮ ‬يجيز للوزير حل المجلس أو الجمعية،‮ ‬إن النية في‮ ‬التأميم بدأت حينما حل الوزير مجالس الإدارات وأطلق‮ ‬يد مدير المديرية التعليمية بالمدارس بالاستيلاء علي‮ ‬مواردها المالية وذلك بعد إبعاد مجلس الإدارة،‮ ‬يقوم السيد الوزير بحل الجمعية التعاونية التعليمية دون سند من القانون،‮ ‬وذلك لأن مبررات وأسباب الحل واردة بالتفصيل الدقيق والمحكم في‮ ‬القانون رقم‮ (‬1‮) ‬لسنة‮ ‬1990‮ ‬في‮ ‬المادة‮ (‬33‮) ‬من الفقرة‮ (‬أ‮) ‬إلي‮ ‬الفقرة‮ (‬ز‮)‬،‮ ‬ولا‮ ‬يوجد من تلك الأسباب ما‮ ‬يستدعي‮ ‬حل المجلس أو الجمعية،‮ ‬لكن الحل كان الطريق الأيسر للتأميم والمصادرة،‮ ‬وكان القرار متخذاً‮ ‬مسبقاً‮ ‬ولم‮ ‬يبق إلا التبرير،‮ ‬وهذا ما حدث‮.‬

والمدهش في‮ ‬الأمر أن الحكومة المصرية قامت بتأميم تلك المدارس من الجاليات الأجنبية‮ - ‬الإنجليزية والفرنسية تحديداً‮ - ‬لصالح أبناء الشعب المصري،‮ ‬والآن الحكومة تقوم بمصادرة وتأميم تلك المدارس التعاونية من الشعب إلي‮ ‬الحكومة‮!! ‬وتلك هي‮ ‬المفارقة الكبري‮. ‬ولو انسقنا وراء منطق السيد الوزير بأن المدارس ملك الوزارة منذ‮ ‬37‮ ‬عاماً،‮ ‬فالأولي أن تلك المدارس ملك الجاليات الأجنبية التي‮ ‬اشترت الأرض وأقامت المباني‮ ‬وشيدت تلك المدارس لتعليم أبنائها،‮ ‬والسؤال هل‮ ‬يحق لتلك الجاليات الآن وبعد مرور نصف قرن أن تطالب بمدارسها لأنها لم تقم ببيعها إلي‮ ‬الدولة المصرية؟‮!‬

إن الأمر واضح وجلي‮ ‬وهو تأميم ومصادرة ذلك النوع من التعليم التعاوني‮ ‬الخاص لصالح التعليم التجريبي‮ ‬المميز‮ (‬المستقبل‮) ‬والسؤال الآن إن مصاريف التعليم التجريبي‮ ‬حوالي‮ ‬ألف جنيه ومصاريف تلك المدارس حوالي‮ ‬أربعة آلاف جنيه،‮ ‬وهنا هل سيتم خفض مصاريفها إلي‮ ‬الألف،‮ ‬أم رفع الألف إلي‮ ‬أربعة آلاف ويصبح ذلك مدخلاً‮ ‬ومبرراً‮ ‬لرفع مصروفات التعليم التجريبي‮ ‬حتي‮ ‬يكون في‮ ‬مستوي‮ ‬واحد تحقيقاً‮ ‬للعدالة والمساواة؟‮! ‬وسيظل سؤال‮ (‬مدارس المستقبل‮) ‬وارداً‮ ‬ومشروعاً،‮ ‬ما الحكمة في‮ ‬هذا الاسم،‮ ‬ومن الذي‮ ‬اختاره وما معايير ذلك الاختيار؟‮! ‬ألم‮ ‬يكن من الأجدر سؤال الأطراف المعنية،‮ ‬المستفيدين عن الاسم،‮ ‬وعن تغير المسمي‮ ‬للنظام التعليمي،‮ ‬أليس الطلاب وأولياء الأمور أصحاب المصلحة الحقيقية؟ أين الاعتبارات التي‮ ‬وضعت لكي‮ ‬نحقق مبدأ حرية اختيار التعليم الذي‮ ‬نريده،‮ ‬إن المواطن هو صاحب الحق في‮ ‬أن‮ ‬يختار ولا‮ ‬يفرض عليه اختيارات الآخرين‮.‬