بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

الفرق بين جمعة الشوان‮.. ‬وجلعاد شاليط‮!!‬

بلغ‮ ‬عارنا القومي مداه بعرض مأساة بطل مصري تفخر به أي أمة ولكنه يستدين لكي يتلقي العلاج ويرهن شقته لكي يعيش وأسرته‮.. ‬لم تقدم الدولة للبطل لا كل ولا بعض ما يستحقه نظير خدمته إلا بعد أن صارت فضيحة مصر علي كل لسان،‮ ‬وتجاوزت حدود الوطن لكي تلطخ وجوه مصريين شرفاء يعملون بالخارج فتطالعهم الفضيحة مقروءة ومسموعة أينما ذهبوا‮.‬

بكي البطل من الجحود والتجاهل الذي عاني منه علي أيدي من يعرفون قدره وهو الذي لم يبك من الغربة بعد‮ ‬67‮ ‬وليس في جيبه سوي‮ ‬11‮ ‬دولاراً‮ ‬ينام في شوارع أثينا ويأكل من صناديق الزبالة ويعمل في مهن وضيعة لكي يعيش،‮ ‬ولكنه لم يتردد لحظة حين نادته مصر التي هجرها ضيقاً‮ ‬ويأساً‮ ‬لأن الأبطال بحسهم الوطني لا ينسون فضل أوطانهم ولا يصمون آذانهم عن نداء الواجب‮.. ‬وبعد أن انتهت مهمته التي ساهم بها في محو عار هزيمة يونيه‮ ‬67‮ ‬والتمهيد لنصر أكتوبر العظيم في‮ ‬73‮ ‬عاد لمصر لكي يعيش مواطناً‮ ‬عادياً‮ ‬مثلما كان،‮ ‬يبتعد عن الأضواء ويتوقع من القائمين علي أمور الدولة أن يكفوه ذل السؤال ومهانة الطلب وطرق أبواب المسئولين‮.. ‬حتي حينما استدان ليعالج ودخل مستشفي معقولاً‮ ‬منعه كبرياؤه من أن يعلن عن شخصيته حتي لا يمن عليه أحد أو يسبب إحراجاً‮ ‬لمن لا يملك أن يجامله‮.‬

الإعلام في مأساة‮ »‬جمعة الشوان‮« ‬هو البطل الحقيقي‮.. ‬أبناء وإخوة الشوان من الإعلاميين سلطوا الضوء بشجاعة علي ما يحدث له وبكوا وأبكوا مصر كلها علي ما يحدث له،‮ ‬واتخذوا أكثر من مبادرة لكي تتحول مأساة البطل إلي مشروع قومي يظهر المعدن الحقيقي للمصريين من عامة الناس علي اختلاف فئاتهم وكلهم يحمل للبطل جميلاً‮ ‬لا ينسي واحتراماً‮ ‬وتقديراً‮ ‬لا ينال منهما السنين‮.. ‬لاقي البطل ما يستحقه من تكريم شعبي أرفع وأنبل من أي تكريم أو رعاية يكون المسئولون قد هرولوا لكي يلحقوا بركبها وذلك دأبهم فدائماً‮ ‬ما يتحركون بعد فوات الأوان ودائماً‮ ‬ما يواجهون المواقف علي أنها مفاجآت لا يتوقعونها‮.. ‬الإعلام أعطي الدولة ومسئوليها صدمة كهربية جعلتهم يفيقون بأنهم يغامرون بإهمالهم للشوان بكرامة مصر الوطنية،‮ ‬الشوان لم يكن يحتل جزءاً‮ ‬من منظومة التكريم التي تحفل بها مصر لكل من هب ودب،‮ ‬وعلي هامشها أحياناً‮ ‬تقع‮ »‬غلطة‮« ‬غير مقصودة بتكريم عالم أو بطل في حجم الشوان أو أي من فدائيي مصر الذين واجهوا دولاً‮ ‬عظمي بروح

الفداء أكثر مما واجهوها بالسلاح‮.‬

أعطي الشوان المسئولين في مصر دروساً‮ ‬في الوطنية الحقيقية التي هي جزء من فطرة المصريين حين تمني أن يكون قد قتل ولا يشهد ما يحدث له علي يدي المسئولين في مصر‮.. ‬وأدرك بحسه الشعبي الفطري‮ - ‬وهي الميزة التي كانت تميز زعيماً‮ ‬مثل أنور السادات‮ - ‬ما سوف يحدث لشباب مصر حين يسمعون قصته،‮ ‬وأن إسرائيل قد تكون خططت‮ - ‬هي بالفعل كذلك‮ - ‬لكي يكون الشوان عبرة لمن يتمسك بالشرف ويرفض خيانة وطنه‮.. ‬الشوان مصري بسيط لم يتعلم تعليماً‮ ‬عالياً‮ ‬ولم يدرس علم نفس،‮ ‬ولعل ذلك من حسن حظه،‮ ‬ولكنه أدرك بفطنته الدمار النفسي لشبابنا الذي تخطط له إسرائيل بطريقة منهجية منذ عقود وتنفذه بكل دقة ونحن في‮ ‬غفلة عن خططها لاختراق الانتماء الوطني لمصر‮.‬

أما‮ »‬جلعاد شاليط‮« ‬فأعتذر يا شوان أن وضعت اسمه إلي جانب اسمك‮.. ‬أردت فقط أن أبرز الهوة بين ما نفعله بأبطالنا،‮ ‬وما تفعله إسرائيل بجندي بسيط أسير من جنودها تضع مسألة عودته إلي إسرائيل علي قمة أولويات أي محادثات تجمعها بأصحاب الأرض التي اغتصبت‮.. ‬وحين يعود لإسرائيل سوف يعامل كبطل ويتم تكريمه لتعويضه عن سنوات الأسر وسوف يحمل ذلك في حد ذاته رسالة أخري أكثر مرارة من كل‮ »‬التقصير‮« ‬الرسمي الذي حدث لك والذي عوضك عنه‮ »‬التقدير‮« ‬الشعبي لك كبطل تفخر به مصر وتباهي به الأمم‮.. ‬قصر المسئولون في حقك يا شوان فاقبل عن اعتذارنا عنهم،‮ ‬وقصر في حقك من تاجروا بقصتك وجنوا الملايين من ورائها فلا تقبل اعتذارهم وطالبهم بحقك في الأداء العلني‮.‬