رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

 

تعتبر الانتخابات التشريعية لمجلس النواب هي الخطوة الثالثة والأخيرة من خطوات خارطة المستقبل السياسي التي ارتضاها الشعب المصري لنفسه، التي سبقتها الانتخابات الرئاسية والاستفتاء على الدستور وذلك بعد أن تأجلت هذه الخطوة لأسباب دستورية وقانونية، وتثير الانتخابات النيابية المتوقعة مجموعتين من العوامل المتعلقة بتوقعات وطموحات المواطنين ومطالبهم من المجلس القادم وتؤثر على قدرته كمؤسسة سياسية من ناحية أخرى، إضافة إلى التساؤل حول البيئة السياسية التي تدور فيها الانتخابات القادمة وارتباط ذلك بعملية التثقيف السياسي للمواطنين، وفيما يلي توضيح ذلك:

أولاً توقعات وطموحات المواطنين من المجلس القادم، حيث إن المجلس التشريعي القادم يأتي في فترة تتسم بتطورات مهمة تشهدها البلاد على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية، كما يأتي في فترة تتصاعد فيها وتيرة الإرهاب الأسود سواء الموجه ضد القوات المسلحة أو ضد قوات الأمن أو ضد المواطنين العاديين والمرافق العامة، بالإضافة إلى أن المجلس المتوقع يأتي أيضاً في ظل ضغوط وتهديدات وتحديات سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، وفي ظل محاولات يائسة لتهديد الأمن القومي المصري، ويمكن القول إن هذه التحديات المختلفة والمتعددة الأبعاد والمستويات يترتب عليها ارتفاع سقف توقعات وطموحات المواطنين من مجلس النواب القادم، وربما يمكن تفسير ذلك بخصوصية المرحلة التي تمر بها البلاد، فضلاً عن خصوصية المجلس التشريعي القادم باعتباره المجلس الأول عقب ثورة 30 يونية، الذي تقع على كاهله العديد من المسئوليات التشريعية والرقابية وتنفيذ المشروعات القومية العملاقة واستحداث القوانين والتشريعات المنفذة للمبادئ العامة للدستور حتي تصبح هذه القوانين واقعاً معاشاً يشعر به ويتأثر به المواطن العادي، فالمواطن في أي دولة وفي أي نظام يحكم على البرلمان والمؤسسات السياسية والنظام بأكمله بقدر ما يشعر به من تحسن في أموره الحياتية والمعيشية، وما تقدمه الدولة من مرافق وخدمات وخصوصاً خدمات التعليم والصحة وما تنطوي عليه من جودة، بالإضافة إلى محاربة البطالة وإيجاد فرص للتوظيف والتشغيل، والقدرة على تحقيق الدرجة المرضية والمتوقعة من الأمن بالإضافة إلى القدرة على جذب الاستثمارات وتوسيع قاعدة الاستفادة من ثمار التنمية وبحيث تتساقط ثمار التنمية على أكبر شريحة ممكنة من المواطنين، فبالإضافة إلى المعدلات والمؤشرات الكلية للنمو الاقتصادي مثل تقليل الديون الخارجية وتقليل عجز الموازنة وجذب الاستثمارات ونمو الناتج الإقليمي الإجمالي، فإن المواطن يركز في المقام الأول على تحسن ظروفه المعيشية الاقتصادية والاجتماعية وانخفاض مؤشر التضخم وزيادة دخله الحقيقي وكل ذلك يمثل طموحات وآمال المواطن من المجلس التشريعي القادم.

ثانياً: تحديات تواجه مجلس النواب القادم، فالمجلس التشريعي المتوقع الذي تعقد عليه الآمال والطموحات المرتفعة من جانب المواطنين يمكن أن يواجه بعض التحديات والمصاعب التي قد تؤثر على قدرته على الأداء وعلى الاستجابة بالدرجة المنشودة لتوقعات المواطنين المتزايدة من المجلس التشريعي وتدور هذه التحديات حول عوامل قانونية وسياسية ودستورية واقتصادية وحزبية ويمكن القول إن أهم هذه التحديات التي تعترض المجلس القادم تتمثل فيما يلي:

أ- عدم حصول أي حزب أو اتجاه سياسي على الأغلبية البرلمانية ويقصد بذلك أغلبية مقاعد البرلمان حيث إن هذه الأغلبية لازمة لإصدار القوانين والتشريعات واتخاذ القرارات المهمة بما في ذلك إدخال تعديلات على الدستور إذا لزم الأمر ودعت الحاجة إلى ذلك، بالإضافة إلى أن الأغلبية لازمة لتشكيل الحكومة، ولعل التحدي هنا هو أنه مع الكثرة المبالغ فيها في الأحزاب السياسية (قرابة مائة حزب) فإنه من المحتمل ألا يستطيع أي حزب الحصول على الأغلبية المطلوبة وهو ما يثير تحدياً حقيقياً أمام المشهد السياسي بأكمله.

ب- حصول المستقلين على الأغلبية، حيث إن قانون تقسيم الدوائر الانتخابية يخصص قرابة 80% من مقاعد البرلمان القادم (488) للنظام الفردي وهو ما يتيح إمكانية حصول المرشحين المستقلين على الأغلبية وهذا احتمال وارد، والمشكلة هنا تتمثل في أن المستقلين لا يمثلون تياراً سياسياً واحداً، فهناك من المستقلين من ينتمي إلى نظامين سبق أن أسقطهما الشعب (الحزب الوطني والإخوان)، بالإضافة إلى المستقلين الحقيقيين، إذا المشكلة هنا تتعلق بكيفية تشكيل الحكومة وإصدار القوانين والتشريعات إذا حصل المستقلون على الأغلبية، بالإضافة إلى المشكلة التي يمكن أن تثار نتيجة لحصول المنتمين إلى نظام سبق أن أسقطه الشعب على الأغلبية وهو احتمال وارد من الناحية النظرية.

ج- التثقيف السياسي والاختيار الجيد لأعضاء البرلمان، فقوة أي مؤسسة ترتبط بطبيعة أعضائها ومدى توافر الشروط والمتطلبات اللازمة لأدائهم لأعمالهم، وبالنسبة للبرلمان فإن أعضاءه منتخبون من الشعب (فيما عدا نسبة 5% بالتعيين)ولذلك يتطلب الأمر أن يحسن الشعب اختيار الأعضاء الذين يمثلونه في هذا البرلمان، وبحيث يختار الأفضل والأصلح والأطهر يداً، وألا يتأثر الشعب بالشعارات أو الدعاية الجوفاء أو برأس المال السياسي، ولتحقيق ذلك فهناك دور مكثف يفترض أن تقوم به الأجهزة والمؤسسات المختلفة وخصوصاً الأحزاب السياسية ووزارة الثقافة، ووسائل الإعلام والاتصال الجماهيري للتثقيف السياسي، وتعريف الشعب بطبيعة وأهمية مسئوليات عضو مجلس النواب، وإنه يمثل الأمة ككل وليس دائرته فقط وإن حسن اختيار النواب الذين يمثلون الشعب يضمن قوة وكفاءة البرلمان القادم.

ونأمل ونتوقع في النهاية أن يكون البرلمان القادم على مستوى وآمال وطموحات شعب مصر العظيم وأن تكون لديه القدرة والكفاءة المطلوبة للتغلب على التحديات المتعددة التي تواجه الوطن في هذه المرحلة من مراحل تطوره.

أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة