رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على الهوا

فى نهاية ستينيات القرن الماضى، وبالتحديد بعد هزيمة 1967 بدأ الحديث عن ضرورة العودة إلى الدين لأن الهزيمة ترجع إلى عدم التزام الجماهير بالسلوكيات التى يدعو إليها الإسلام.

وتحت هذا الشعار تدفقت على مصر مئات الآلاف من الكتب التى تقدم تفسيرًا شديد التخلف للإسلام، وكانت هذه الكتب تباع بأثمان بخسة لا تتجاوز ربع تكلفة طباعتها، وراجت هذه النوعية من الكتب التى تروج لخرافات وتقدم تفسيرات بالغة التخلف للإسلام.

وبدأت ظاهرة «الدعاة» وهم نفر ممن قرأوا بعض هذه الكتب وأدركوا أن المناخ العام مهيأ لأن يقدموا أنفسهم كعلماء وفقهاء لهم باع فى تقديم الفتوى فى كل أمور الحياة!! وظهر «الدعاة المودرن» والدعاة التقليديون الذين يحرصون على أن يرددوا الأحاديث النبوية مقترنة بأسماء الرواة، وكان العامة ينبهرون بهذه الأحاديث ويصدقونها ويرون فى هذه التفاسير المتخلفة طوق النجاة الذى يهديهم إلى الالتزام بتعاليم الإسلام الحنيف طمعًا فى دخول الجنة.

انتشرت هذه التفسيرات المتخلفة وانتشرت معها تجارة رائجة باسم الإسلام وتدفقت الملايين إلى جيوب حضرات الدعاة!

هذا المناخ هو الأرض الخصبة التى نبتت فيها بذور الإرهاب والتعصب البغيض المنافى تمامًا لصحيح الإسلام الحنيف.

منذ فترة تنبه كثيرون لهذه الحقيقة وبدأ الحديث عن أهمية تغيير «الخطاب الدينى» وللأسف فقد تولى أمر هذا التغيير نفس الأشخاص الذين ساهموا بقوة فى نشر الخطاب الدينى المتخلف والمتعصب، من هنا كان التغيير المطلوب مجرد تغيير فى بعض الأمور الهامشية بينما ظل أساس الخطاب الظلامى المتخلف سائدًا ومسيطرًا.

الدليل على ما ذكرته ماثل بشكل واضح فيما يقدمه الإعلام من خطاب يدعو لكل ما هو متخلف ويروج للخرافات والدجل باسم الإسلام.

تخير ما شئت من قنوات فضائية وسوف تشاهد حلقات عن «مس الجن»! وملفات عن قراءة الطالع وعن الأبراج! وحلقات عن تفسير الأحلام! وحلقات عن «العلاج بالقرآن الكريم» إلى آخر هذه البرامج التى تخلق أفضل مناخ لنمو بذور التخلف والتعصب، وبعد أن يستسلم المستمع أو المشاهد لهذه الاتجاهات الفكرية يصبح هذا الشخص  «مشروع إرهابى» بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.

فمن بلغ به الحال حد الاقتناع باستخدام العنف لفرض السلوك الإسلامى من وجهة نظره على المجتمع من بلغ هذه المرحلة تم تجنيده ليلتحق بإحدى الجماعات الإرهابية ومن لم يصل به الأمر إلى حد الاقتناع بالانخراط فى الأعمال الإرهابية فإنه يتعاطف مع العمليات الإرهابية باعتبارها - حسب معتقده - تطبيقًا لشرع الله!

وبهذا تتوفر بيئة حاضنة للإرهاب تساهم فى حمايته وفى إمداده بمتطوعين جدد يعوضون خسائره.

هذه هى الحقيقة التى يجب أن نواجهها بحسم، وليس صعبًا أن تكون هناك وقفة حاسمة مع هذا النوع من الخطاب المتخلف، ولن يستطيع عامل أن يدعى أن «منع» هذه النوعية من البرامج يمثل قيدًا على حرية الفكر، فنشر التعصب والتخلف لا يمت «لحرية التعبير» بأية صلة وإلا كانت الدعوة للتخريب والقتل والعنصرية والتعصب مما يدخل فى إطار حرية التعبير.