رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صواريخ

ليس من الشك أن الثورات تأتى نتاج تراكمات سياسية وفكرية بالية بكل ما تحمله من فساد واحتكار ومحسوبية، لتبدأ بعدها عملية التحول الديمقراطى وترسيخ قيم الحرية والعدالة وسيادة القانون.

والواقع أن المرحلة التالية لانفجار أى ثورة هى أخطر المراحل التى تمر بها المجتمعات، وإذا أضفنا إلى ذلك أن المجتمع المصرى ذو خصوصية كونه مجتمعًا لدوله مركزية عميقة ترسخت فيه بعض المفاهيم والثقافات المجابهة أحيانًا لعمليات التغيير.. فإننا ندرك الأسباب الحقيقة لعملية الضباب السياسى الذى تعيشه مصر، وحالة الريبة التى يعشها السياسيون وبعض المثقفين، تجاه ما يحدث فى مصر على شتى المستويات منذ انفجار ثورة يناير ثم موجتها التصحيحية فى يونيو وحتى الآن.

وعليه فإن الدعوات للتظاهر سواء فى يوم تحرير سيناء أو قبلها بدعوى تنازل مصر عن جزيرتى تيران وصنافير للسعودية ما هى إلا تكئة وحجة من بعض القوى الشبابية أو السياسية التى علا سقف طموحها بعد الثلاثين من يونيو فى دولة الحريات والحداثة وسيادة القانون، ولم تتيقن بعد من الوصول إلى هذه المرحلة.. بل وتشعر أحيانًا بضآلة حجم المنجز حتى هذه اللحظة فى ظل اكتمال كل مؤسسات الدولة خاصة التشريعية التى ربما رآها كثيرون جاءت خصمًا من الثورة بعد أن عادت وجوه كثيرة إلى مجلس النواب كانت تمثل الأنظمة الفاسدة السابقة.

والواقع أن تصحيحًا لذلك الأمر لا يمكن أن ندركه إلا إذا أدركنا تداعيات التشابك والاختلاط بين الروابط السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية التى تمثل فى نهاية المجمل المجتمع المصري، وينقسم فيما بينه حول أولويات المرحلة.. فالنظام يرى ويؤمن أن الوضع الاقتصادى والأمنى يأتى كأولوية قصوى على كل ما عداه خاصة أن الوضع الاقتصادى المصرى على المحك، كما أن الحالة التى تموج بها منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية أمنيًا، تدعو إلى اليقظة والحذر ومزيد من الاجراءات بعد أن شكل الإرهاب حلقة لولبية حول معظم الدول العربية وفى القلب منها مصر، وإذا أضفنا إلى ذلك وهى حقيقة واقعة أن المتربصين بالنظام المصرى كثر ويأتى على رأسهم كل من ينتمى لجماعة الإخوان المسلمين بأعمالهم الإرهابية والإجرامية داخليا والداعمين لهم خارجيًا، وعملية الخنق الاقتصادى سواء بتجفيف منابع العملة الأجنبية من خلال ضرب السياحة أو وقف تحويلات المصريين بالخارج أو تهريب البقية الباقية من الداخل، سوف ندرك أسباب تجاهل النظام لباقى الملفات أمام تحديات اللحظة الراهنة.. الا أنه فى المقابل ترى القوى الحية فى المجتمع والشباب فى القلب منها أن قيام مصر الحديثة لن يكون الا بقيم الحرية والعدالة الاجتماعية وسيادة القانون وكافة القيم المعبرة عن مبادئ الحكم الرشيد وهذا يستدعى فك التشابك والروابط بين الناحية الاقتصادية والأمنية من جانب، والناحية السياسية والاجتماعية من جانب آخر.

من هنا وجب على النظام الذى ما زال يحظى بشعبية كبيرة تؤهله للعبور بسفينة الوطن نحو الحداثة والنمو وتحقيق الطموحات الشعبية إذا أدرك عناصر القوة الشاملة للدولة المصرية وفى القلب منها القوى السياسية الحية.