عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تصدعت رؤوسنا بعد الثورات المجيدة، من برامج تصدرت تليفزيوناتنا لم يكن لها وجود قبل ذلك، برامج تفرض آراء هنا وهناك، يشاركها فى ذلك مئات من رسائل أخذت طريقها إلى ما يسمى بالتواصل الاجتماعى، وعشرات من مقالات احتلت مساحات من صحف ومجلات، وكان المفروض من هذا كله أن يكون الهدف هو إصلاح البلد، وإغاثته من عثرته والتقدم به إلى الأمام مع مشروعاتها القومية وإصلاحاتها التى تزيح المعوقات جانباً، ولكن الذى حدث أن ركب هذه الموجة أناس غير مؤهلين، ولا ضالعين فيما يبثونه من آراء، فرأينا الاقتصادى يدلى بدلوه فى التعليم، والحقوقى لا يتورع عن الكلام فى الرياضة، والرياضى لا يألو جهداً فى التحدث عن التعمير بدلاً من الرياضة، بل وأكثر من ذلك شاهدنا من ليس له علاقة بالدين يفتى فيه ويرغى ويزبد ناقداً أحلامه وثوابته، وتنافست القنوات فى تلميع هؤلاء وسموهم بالنخبة أو الخبراء العالميين، وأضافوا إليهم بعد ذلك بعض النواب بعدما تأسس المجلس وتثبيت أركانه، وهكذا أصبحنا لانسمع إلا تناقضات فى كل شىء يجرى لإصلاح البلد، وبتنا نسمع عن وجوب اللجوء إلى مهندس لإصلاح المرور بدلاً من ضباط المرور، وعن فتح مراكز للتربية بدلاً من المدارس تحاكى مراكز الرياض فى السعودية حتى ولو استعانت بمعلمين متواضعى الكفاءة.

وعن وجوب توقف العاصمة الإدارية رغماً عن كونها لم تخلق إلا لتكون متنفساً للناس، ومهرباً من الزحام القاهرى واصفين تشييدها بالانتحار الاقتصادى، خاصة بعد تراجع الشركة الإماراتية عن تمويل 45 ملياراً من الدولارات، وكذلك شبكة الطرق ذات الـ3500 كيلومتر التى قيل إن تصليحات المطبات أولى قد خلقت للإسكان الآمن حواليها، بدلاً من العشوائيات، ولخلق زراعات تجذب عمالاً عاطلين وتمنحنا طعاماً يغنينا عن الاستيراد ويصد عنا سطوة دولاراته، والأدهى من ذلك رأينا من بعضهم هجوماً فورياً عن التغيير الوزارى، وعجبنا هل استبانوا فى هذه السرعة ماهية كل وزير، هل عرفوا كفاءته وسرعة إنجازاته أو تيقنوا من مدى رؤياه المستقبلية أو وطنيته وإخلاصه، الله أعلم ولكن الذى نعرفه أن هذه الخصال لا تقاس إلا برؤى مؤسسيته، ولا تحس إلا باستقراء التاريخ الذى يبحث عنه المتخصصون دائماً، تاريخ حياته وأعماله الكاملة لا المنقوصة.

وهكذا وجدنا الإعلام ينشغل بإشاعة التيئيس، ويحرم الجموع من مساحات كان أولى بها أن تشغل بما هو مفيد، فتزاد البرامج الدينية مثلاً، وتشوق للمشاهدين من خلال قصص متعددة تبنت فيها حياة الأنبياء والصالحين، وتتوالى برامج للأطفال هؤلاء الذين تنتظر منهم الكثير بعد أن يشبوا عن الطوق، فنبث فيهم حب الخير، والتهافت على الجد والعمل.

وتفتح الشاشات والصحف، و«النت» على حضارات العالم، وعلى الدول الناجحة كسنغافورة تلك التى كان شعبها يشارك بنفسه فى جمع القمامة من الشوارع، واليابان التى يظهر فيها أبناؤها، وكأنهم لا يعرفون الراحة، والذين لا يجدون متعة تعادل متعة العمل، برامج تفتح لها الأبواب على مصراعيها لتلبى الغرض منها، ذلك الغرض الذى تدرسه كليات الإعلام فى شتى بقاع الأرض، والذى نادت به هيئات إعلامية بدأت فى سنة 1918 واستمرت حتى الآن، بدءاً من محكمة الشرف الدولية وحتى جمعية محررى الصحف الأمريكية، الغرض الذى يشير إلى أن الإعلام ما خلق إلا لبث المعرفة ونشر الأخلاق الحميدة، والترفيه الذى لا يشوبه شائبة، فهل يستوعب المعدون والمذيعون هذا الغرض، وهل من أجله يستطيعون التغيير فى اختيار النخبة المزعومة، والمفكرين العالميين.

 

الأستاذ بطب بنها