رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

تحت هذا العنوان نشر موقع «إنفورميشن كليرنج هاوس» في 16 مايو مقالاً لكاتبه الشهير بيبي إسكوبار شارحاً فيه بوضوح ما يتغير علي الساحة العالمية التي اعتاد الاستعمار الأمريكي اعتبار قوته القوة الأولي فوقها التي تحدد قواعد اللعبة التي تظن أن علي الجميع الالتزام بها. يقول إسكوبار في سخرية:

إن السادة الحقيقيين في العالم القاطنين في أمريكا ليسوا علماء أرصاد جوية، ومع هذا بدأوا يشعرون باتجاهات الرياح، ربما يسجل التاريخ أن الموضوع بدأ بالرحلة إلي سوتشي هذا الأسبوع، بوفد يقوده وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذي قابل وزير الخارجية الروسي لافروف ثم قابل الرئيس بوتين، ومن المطروح للمناقشة أن آلة التنبيه قرعت الأجراس لسادة العالم الحقيقيين، ففي الميدان الأحمر بموسكو للاحتفال بيوم النصر سارت كتائب من الجيش الصيني إلي جانب الجنود الروس، وهو شيء لم يحدث حتي في أيام الحلف بين ستالين وماو تسي تونج.

ومما دفع للقلق الشديد الذي يزيد علي القلق الذي سببته نظم الصواريخ الروسية s-50 أن العقلاء ربما أجروا حساباتهم فوصلوا لنتيجة مؤداها أن روسيا والصين ربما تكونان علي وشك توقيع حلف عسكري سري مماثل للحلف الذي وقعته روسيا مع ألمانيا النازية قبيل اندلاع الحرب العالمية الثانية، فاللعبة الجديدة للكراسي الموسيقية من المؤكد أنها ستذهل الخبير الأمريكي الشهير الدكتور برزينسكي صاحب كتاب «لوحة الشطرنج الكبري» وتربك تماماً كل تنبؤاته عن منطقة أوراسيا التي تسيطر تماماً علي فكره.

وفجأة وبدلاً من الإصرار علي تشويه صورة روسيا وترديد حلف الناتو لما يسمي بالعدوان الروسي نجد كيري وزير الخارجية الأمريكي يقول إن احترام اتفاقية فينسك 2 هي الوسيلة الوحيدة لحل مشكلة أوكرانيا، وأنه شخصياً سيحذر بقوة العميل الغربي بوروشنكو «رئيس أوكرانيا» ضد تهديداته المتواصلة بقصف مطار دونتسك وإعادة المقاطعة المنفصلة عن أوكرانيا إلي سيطرة حكومته.

أما لافروف وزير خارجية روسيا المتزن في تصريحاته فقد وصف لقاءه مع كيري بأنه كان لقاء ممتازاً، وصرح دميتري بسكوف الناطق باسم الحكومة الروسية بأن التقارب الجديد بين أمريكا وروسيا هو شيء إيجابي جداً.

والآن فإن إدارة أوباما الشهيرة باتخاذ القرارات الغبية يبدو أنها أفاقت مؤخراً إلي حقيقة أن سياستها في محاولة عزل روسيا لن تجدي، وأن روسيا لن تتراجع عن خطين أحمرين رسمتهما في سياستها، وهما عدم السماح بأي حال من الأحوال بانضمام أوكرانيا لحلف الناتو، وعدم السماح إطلاقاً بسحق الإقليمين المنشقين في شرق أوكرانيا اللذين تعيش فيهما الأقلية الروسية واللذين أعلنا انفصالهما عن أوكرانيا وكونا جمهوريتي دونتس ولوجانسك في عدم سماح روسيا بأي حال بسحق استقلالهما سواء بقوات أوكرانيا أو قوات حلف الناتو أو غيرها.

وبذلك يكون ما تم في الواقع مناقشته ولم تتم إذاعته في اجتماع سوتشي بين وزيري خارجية أمريكا وروسيا جون كيري ولافروف هو كيفية إعطاء إدارة أوباما مخرجاً ينقذ ماء وجهها تخرج به من المستنقع الجيوبولوتيكي علي الحدود بين روسيا والغرب والذي خلقته لنفسها في المقام الأول.

حكاية هذه الصواريخ:

أوكرانيا حالياً دولة فاشلة تحولت إلي مستعمرة كاملة لصندوق النقد الدولي، ولن يقبلها الاتحاد الأوروبي أبداً كعضو في الاتحاد، كما لن يدفع عنها ديونها التي بلغت عنان السماء، أما العمل الحقيقي بين أمريكا وروسيا فهو حالياً إيران، وليس من باب المصادفة أن المفاوض الأمريكي المتمرس وندي شيريمان الذي كان رئيس المفاوضين الأمريكيين في المحادثات النووية مع إيران ليس من المصادفة أنه كان أحد أعضاء الوفد المرافق لكيري في مباحثاته مع الجانب الروسي في سوتشي، فلا يمكن الوصول لصفقة متكاملة مع إيران دون تعاون مع روسيا في كل مفردات الصفقة من كيفية التخلص من الوقود النووي المستهلك إلي سرعة إنهاء العقوبات الغربية علي إيران.

فإيران عامل أساسي في طريق الحرير الصيني الجديد ومشروعه الجاري تنفيذه ولذلك فلابد أن سادة العالم الحقيقيين قد أدركوا أخيراً أن كل ما يحدث علي الساحة هو في حقيقته نتيجة الصراع علي أوراسيا «أوروبا وآسيا» وأن أوراسيا بالضرورة كانت نجم احتفالات النصر في الاستعراض العسكري في موسكو يوم 9 مايو، فبعد توقفه في موسكو الذي كان ذا مغزي قوي قام رئيس الصين كي جنينج بالتوقيع علي 32 اتفاقية مختلفة ثم توجه من موسكو إلي كازاخستان وروسيا البيضاء لتوقيع اتفاقيات أخري.

والآن مرحباً بالنظام العالمي الجديد المبني علي طريق الحرير من بكين إلي موسكو بالقطار فائق السرعة، من شنغهاي إلي ألماتي ومينسك وما وراءها، من وسط آسيا إلي غرب أوروبا، فالآن نعرف جميعاً رحلة هذا الخط السريع جداً الجيوبولوتيكي الذي لا يمكن إيقافه، الذي تقوده الصين وتدعمه روسيا لبناء البنية التحتية الآسيوية عن طريق بنك الاستثمار الجديد وبنك التنمية لدول البركس «البرازيل وروسيا والهند والصين» وتنساق دول وسط آسيا منغوليا وأفغانستان التي خسرت فيها دول الناتو مؤخراً حرباً، تنساق هاتان الدولتان راغبتان نحو هذا القطب التجاري الجيوسياسي الذي يغطي كل وسط وشمال وشرق أوراسيا.

تتكون حالياً ما يمكن أن نسميه آسيا الكبري، ليس فقط من بكين إلي موسكو، ولكن أيضاً من المركز التجاري في شنغهاي إلي سان بطرسبرج بوابة أوروبا، إنها النتيجة الطبيعية لعملية معقدة كنت أفحصها لفترة مؤخراً وهي التزاوج بين اقتصاد طريق الحرير الضخم الذي تقوده الصين وبين اقتصاد اتحاد أوراسيا الذي تقوده روسيا، وقد وصفه بوتين بأنه مستوي جديد للشراكة.

وربما لاحظ سادة العالم الحقيقيون أيضاً المحادثات الحميمة التي دارت بين وزير دفاع روسيا سيرجي شويجو وبين نائب رئيس المجلس العسكري الصيني الأعلي الجنرال فان تشانجلونج، وموضوعها أن روسيا والصين ستقومان بتدريبات بحرية مشتركة في البحر الأبيض المتوسط وبحر اليابان، وستعطيان أولوية أولي لوضعهما المشترك تجاه شبكة الدفاع الأمريكية العالمية الصاروخية.

اكتشفت وزارة الدفاع الأمريكية أن الصين لديها ستون مخزناً تحت الأرض لصواريخ عابرة للقارات وصواريخ css-4 التي تستطيع الوصول لأي نقطة في أمريكا باستثناء فلوريدا.

وأخيراً وليس آخراً هناك الصواريخ الروسية فائقة التطور من طراز s500 الدفاعية التي تحمي روسيا من هجوم أمريكي شامل، فكل صاروخ منها يستطيع تتبع عشرة صواريخ نووية أمريكية عابرة للقارات ويسقطها رغم سرعتها التي تصل إلي 15480 ميلاً في الساعة وعلي ارتفاع 115 ميلاً ومداه 2174 ميلاً، وتصر روسيا علي أن منظومة صواريخها هذه لن تكون مكتملة حتي عام 2017، وإذا أنتجت روسيا عشرة آلاف من هذا الصاروخ تستطيع تتبع وإسقاط مائة ألف صاروخ نووي أمريكي عابر للقارات عند وصول رئيس أمريكي جديد للبيت الأبيض.

مرة ثانية نقول إن سادة العالم الحقيقيين قد أجروا حساباتهم وعلموا أنهم لن يستطيعوا سحق روسيا، ولا يستطيعون النصر علي طريق الحرير الجديد والنظام العالمي الجديد، وربما يكون الأفضل لهم أن يتفاوضوا علي حل سلمي للعالم، ولكن لا تستبعدوا أن يقامر المحافظون الجدد في أمريكا بمصير العالم.

وإلي هنا ينتهي هذا العرض الواضح المدعم بالأرقام لحقائق القوة في العالم، فهل يستمع محافظو أمريكا الجدد لصوت العقل حرصاً علي حياتهم نفسها؟.. أم هل يلجأون إلي خيار شمشون: «عليّ وعلي أعدائي».. الله وحده أعلم.

 

الرئيس الشرفي لحزب الوفد