عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أنتمي لجيل ولد في خمسينيات القرن الماضي وعلي مدى ستين عاما أقف أنا وجيلي في منطقة حرجة ما بين الحياة والموت ، والحلم والكابوس ، الحب والعنف ، النجاح والفشل ، الكبرياء والانكسار ، الحرية والقهر .. من أقسى الحالات الحياتية أن يعيش جيل بكامله يخشى الموت غرقا لو قفز في النهر ويخشى الموت عطشا لو هو ابتعد عنه .

 عاصرنا عالما يولد بعد الحرب العالمية الثانية وشعوبا تتحرر وأخرى تحت النار في ميادين القتال من أجل الحرية .. عشنا في وطن أحببناه وعشقنا الكثيرين من رموزه في الفكر والفنون والآداب والرياضة .. أغرانا أم كلثوم وعبد الوهاب وحليم وغيرهم علي السباحة في عوالم الحب والعشق والجمال .. استفزنا الدكتور طه حسين ببريق عقله وجسارة فكره وأغوانا نجيب محفوظ أن نتسلل ليلا إلى الأزقة والدروب في القاهرة القديمة وأن نستأنس الفقر وأحيانا نتلذذ بالحياة تحت خط الانسانية ونعربد في الموالد ونتوه في حلقات الذكر .

 عاصرنا عروشا وعروشا وهتفنا للزعيم الملهم وارتبنا من الزعيم المؤمن  .. أرهقنا الانتظار على محطات التاريخ أملا في أن يحملنا قطار الي مستقبل نتمناه ولم يأت القطار ونسينا أننا انتظرنا جرس التحرك ثلاثين عاما وأفقنا من كهف السكون والكمون علي أصوات أتت من بعيد تبشر بالتغيير وبالعيش الكريم وبالحرية والعدالة ، ومرت السنون ولم يأت القطار. انقسم جيلي بين فريق تسكنه مشاعر الحنين الي مصر التي يهواها وتهواه وفريق آخر تعلق بالسماء مؤمنا أن الأرض لاتعرف العدل وأن الحياة كما منحها الخالق فهي هبة إن ذهبت فإليه حتى لو كانت الحياة تلك رهينة علي سن خنجر جاهز للغوص في رقبة نجيب محفوظ.

 شريط مليء بالصور المتحركة والميتة وكلها تدل وتشير إلي جيل قدره أن يعيش معلقا بين ماضٍ يأبى أن يموت ومستقبل يأبى أن يولد .. على الشاطيء الآخر تغيرت عوالم كثيرة ووجدنا أنفسنا محاصرين بتجارب أمم غادرت عنق الزجاجة ثم كسرتها حتى لا تعود إليها وسألنا أنفسنا حتى اللحظة ما الذي يعجزنا عن أن نفعل كما فعل الآخرون ولايزال السؤال معلقا ومشنوقا بحبال عجزنا .. أنا وجيلي كبرنا وحين كبرنا لم يشعر أحد بأنه يوما كان صبيا صغيرا وكما لو كنا ولدنا والشيب يغزو رؤوسنا ومشاعرنا .. هل لأن طاحونة الزمن هرست صبانا وشبابنا ؟ هل لأن كل ماكتبناه شعرا وعشقا في الحياة سقط كأوراق الخريف من شجرة ذاكرتنا وتركنا في عراء الزمن بلا ذاكرة ؟ الأكيد أننا مازلنا ننتظر القطار .

[email protected]