رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

اسمحوا لى

كتبت قبل بداية الشهر الفضيل في هذا المكان (ارحموا أطفالنا من الإعلام) ولكن للأسف لم يرحم الإعلام الأطفال بل لم يرحم الشعب المصري كله، وهو الذي تعرض طوال شهر رمضان المعظم لثنائية عجيبة تفصح وبجلاء عن الخلل الذي نعيش فيه؟.. حيث تحولت الشاشات إلي مجموعة من الشحاذين يصرخون (لله يا محسنين.. حسنة قليلة تمنع بلاوي كتيرة)، وذلك في نفس الوقت الذي يعلن فيه (المغني الجبل والممثلة اللطيفة أم دم بينقط سم وفاكرة نفسها عسل مصفي) عن مساكن فخمة تنقذ الشعب المصري من الدوشة ومنتجعات بديعة تجعله يشعر بالسعادة والاسترخاء وعن طعام أم حلموس والسمنة البلدي المصفية والكيلوتات المصرية؟

وفي الإعلانات عن بنك الطعام مع برامج الطبيخ التي تقدم الفول باللوز والبسطرمة؟.. والملوخية المحشية فستق؟.. والديك الرومي المحبش بالتفاح والعسل؟.. والقطايف بالجبنة البرمزان؟

وتعرض الشعب المصري في رمضان شهر الرحمة والقرآن إلي كمية عنف وغضب وضحك علي مآسي الغير في البرامج والمسلسلات غير مسبوقة.. فكأنما توقفت قريحة مبدعي برامج التسلية الخفيفة عند العنف الغليظ الذي تجاوز كل الخيالات السابقة فهذا برنامج فوق طيارة ستقع وهذا زلزال يزلزل الاستوديو وهذا برنامج عربات سريعة؟.. وهي برامج قد تجلب الضحك ولكنه الضحك المريض القائم علي الخداع (حتي ولو كان متفقاً عليه) والسخرية من الآخر والضحك علي الناس في الملمات والأزمات.

وكانت المسلسلات كلها كابوسية دون أن تعلن ذلك مثل مسلسل (الكابوس) الذي كان صادقاً معنا فقد وضع عنوانا يليق بما يحدث فيه بالفعل!.. إلا أن المسلسلات الأخري بالرغم من تعدد العناوين فإن أغلبها كوابيس يعيش فيها الأبطال ويعيش معها المتفرجون في البيوت مع المدمنين والرجال غلاظ القلب في تحت السيطرة، والبحث عن ابن أحمد السقا في ذهاب وعودة؟.. وملاعيب وقذارة أزواج البنات  ومن حولهم في ولي العهد؟.. وعذاب حسن الرداد في حق ميت؟.. والظلم الذي يتعرض له طارق لطفي في (بعد البداية) الذي يجعله يلهث من حلقة لحلقة ونحن معه؟.. وكسرة نفس ليلي وكسرة نفس المصريين في حارة اليهود؟.. أما سيد بوخاريست البطل التراجيدي القادم في الدراما المصرية فهو يحارب في كل الاتجاهات يا ولداه وكل من حوله متآمرون ضائعون تائهون؟.. حتي مسلسل طريقي الذي بدأ هادئاً ويحكي قصة لطيفة هي صعود نجمة، لا يكتفي بهذا الخيط المضمون ليتحول إلي عنف غير مبرر قتل وعصابات وعالمة وابنتها؟

إن أغلب الأبطال إما بلطجية أو غلابة مجروحون أو متآمرون أشرار؟.. إن الدراما المصرية تعرض وبكثافة المجتمع المصري المريض.

أم هي ثنائية المجتمع المصري الذي نعيش فيه انتقلت بالتالي إلي الشاشة؟

أم هو استسهال لعرض كل ما هو مثير وخارج علي القانون والمجتمع دون الصنعة والإحساس فمن يملك صنعته وحرفته يستطيع أن يقدم كل النماذج ويناقش كل الظواهر السلبية دون أن يخدش ويجرح.

متي نشاهد المجتمع المصري الطبيعي الذي فيه أشرار وأخيار متساوون ومؤثرون نجد فيهم بعض الحب وبعض السلوي دون مباشرة أو دعاية فجة؟

هل انتهي زمن الكوميديا اللطيفة والأعمال الرومانسية من حياة المصريين، وهل مكتوب عليهم التيه والعنف في الحياة والفن؟

أين سحر الفن؟