رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قبل أن تهدأ عاصفة إصدار قانون الإرهاب ومواده المثيرة للجدل والغضب.. لما تمثله من تقييد لحرية الصحافة والإعلام.. بل وارتداد عن الحصانة التي منحها «دستور الثورة» للإعلاميين والصحفيين بمنع حبسهم في قضايا النشر.. فوجئنا بتشريع قانوني آخر.. صادم ومثير للجدل والعواصف السياسية.. يجيز لرئيس الجمهورية عزل رؤساء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية.. وهم الذين تردد إبان أزمة المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات مع بعض مؤسسات الدولة.. أنهم لا يجوز عزلهم وفقاً لنص الدستور.

وللإنصاف نقول: إنه لا يوجد تعارض- من ناحية الشكل- بين النص الدستوري الخاص بهذه الهيئات، وبين القرار بقانون الذي أصدره الرئيس أمس الأول، بجواز عزل رؤساء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية في أربع حالات حددها القرار.

فالدستور لم يتضمن منعاً مطلقاً لإعفاء أي من هؤلاء الرؤساء.. إنما نص علي ألا يعفوا إلا «في الحالات المحددة بالقانون».. وهذا هو ما يحدث الآن.. الرئيس بوصفه قائماً بأعمال السلطة التشريعية يصدر قانوناً منفذاً لأحكام الدستور.. يحدد الحالات التي يجوز فيها الإعفاء.

ولكن....

كيف صدر هذا القانون؟ وبأي آلية يطبق هذا «الإعفاء»؟ وما الحالات التي يجوز فيها؟ تلك هي المسألة.

الدستور ينص علي أن تعيين رؤساء تلك الهيئات والأجهزة يصدر بقرار من رئيس الجمهورية.. لكنه قرار مشروط ومقيد بموافقة مجلس النواب بأغلبية أعضائه.. أي أن سلطة المنح «التعيين» غير مطلقة.. ولذلك فإن المنطقي والموائم دستورياً وقانونياً.. هو أن تكون سلطة المنع «الإعفاء» أيضاً غير مطلقة.. ومشروطة ومقيدة بموافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب.

هذه واحدة.. أما الأمر الثاني فهو يتعلق بآلية التنفيذ.. فالظاهر شكلاً من نص القانون الصادر أمس الأول، هو أن الرئيس سيصدر قرار الإعفاء منفرداً.. ودون صدور حكم قضائي.. في حالات فقد الاعتبار والثقة، والإخلال بواجبات الوظيفة، وفقد شروط الصلاحية للمنصب، وقيام «دلائل جدية علي ما يمس أمن الدولة وسلامتها».. بينما لا ينص القانون علي أن يكون تحقيق هذه الحالة التي تستوجب الإعفاء مبنياً علي صدور حكم بات ونهائي من محكمة الاختصاص في حق من يصدر بشأنه قرار الإعفاء.. خاصة أن الظاهر من الحالات الأربع المحددة بالقانون انها فضفاضة ومطاطة وتحتمل التأويل الذي قد يدخل في دائرة الاشتباه بالانحراف في استخدام السلطة.. وهنا مكمن الخطورة.

يضاف أيضاً.. أن من صاغ القانون نسي.. أو تناسي.. أن هناك قوانين خاصة لهذه الهيئات والأجهزة.. ومنها ما يوجد به نص واضح علي عدم جواز عزل رئيسه أو أعضائه.. حتي لو كان بقرار من رئيس الجمهورية.. وهذا النص موجود علي سبيل المثال في قانون الجهاز المركزي للمحاسبات.. وبقاء هذا التعارض يجعل القانون الجديد موصوماً بعدم الدستورية.. وفقاً لقاعدة أن القانون الخاص يقيد العام.. وكان حرياً بالمشرع في هذه الحالة أن يضمن القرار بقانون ديباجة خاصة بإلغاء كل ما يتعارض مع النص الجديد من مواد في القوانين الخاصة بهذه الهيئات والأجهزة.

وفوق ذلك كله.. نتساءل لماذا صدر القرار بقانون بهذا الشكل المفاجئ؟ ولماذا لم يأخذ مسار الاجراءات المعتادة.. من عرضه علي جهات التشريع والاختصاص.. ثم عرضه للحوار المجتمعي.. شأنه شأن باقي القوانين التي تصدر الآن في غيبة البرلمان.. حتي لا تثار من حوله الشكوك والاجتهادات؟

من هنا نري.. وهذا رأي شخصي.. ضرورة أن تتدارك القيادة السياسية سريعاً هذه المثالب التي أوضحناها في القانون.. وتعيد طرحه للدراسة والعرض علي الأحزاب والقوي السياسية والاجتماعية.. لكي يصدر نقياً شفافاً.. غير موصوم بشبهات الترصد والتصيد وتصفية الحسابات من جانب من اقترحوه وأعدوه وصاغوه.. وهو ما نربأ بالدولة عنه.. ولا نرضاه منها مطلقاً.