رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صواريخ

هو فعلاً رجل طيب جداً، فى بيانه أمام البرلمان قال رئيس الحكومة: «فى ظل ارتفاع عدد سكان مصر من 77 مليون نسمة فى عام 2009 إلى 90 مليون نسمة فى 2015 على مساحة جغرافية لا تتجاوز 7% من إجمالى مساحة مصر. وفى ظل تراجع الخدمات وتأخر تطويرها بما يتناسب مع العصر لعقود طويلة، تبدت آثار تلك الزيادة السكانية فى ارتفاع نسب الأمية ومعدلات الفقر ونسب البطالة وكفاءة الخريجين مقارنة بما يحتاجه سوق العمل»!

نفهم من ذلك أن رئيس الحكومة لا يستوعب من أسباب تخلفنا إلا الزيادة السكانية!. وبالتالى يؤكد حديثه ألا علم له بالعلاقة الطردية الوطيدة بين التخلف السياسى من جهة، وتخلف الدولة بشكل عام من جهة أخرى!.

يقول تقرير للبنك الدولى «إن مصر تواجه عددا من التحديات، وأن هناك تحديا، نادرا ما تتم مناقشته، وهو الزيادة السكانية الكبيرة». والمقصود هنا مناقشة جادة تستهدف وضع خطط وصياغة مبادرات تخرج منها برامج محددة لمعالجة الأمر. أما الاكتفاء باستدعاء المشكلة، من وقت لآخر، بغرض تبرير فشل السياسات الحكومية، فهذا كلام يشير قطعاً إلى غياب الجدية اللازمة، ودليل قاطع على تخلفنا السياسى عن كل ما وصلت إليه الدول المتقدمة التى نقارن معدلات نموها السكانى بمعدلاتنا المرتفعة.

وعليه، لا نجادل أبداً فى خطورة الزيادة السكانية على مصر. لكن نجاحنا فى مواجهتها لا يمكن أن يتم بمعزل عن حكم رشيد، يخضع فيه كل مسئول لقواعد المحاسبة والشفافية وسيادة القانون. وهو كلام له صلة بحديثنا المتواصل عن بناء دولة حديثة، وهى الدولة الديمقراطية الليبرالية القانونية،. وبالتالى مهم جداً أن يدرك رئيس الحكومة أن غياب ديمقراطية الحكم أخطر وأكثر قسوة على مستقبل الوطن.

وخلاصة الأمر أن المجتمعات تحقق تقدمها فى إطار منظومة متكاملة، تقودها التوجهات السياسية للدولة، وبمستويات تقدم متقاربة بين كافة قطاعات الدولة. فلا توجد دولة تقدمت تكنولوجياً، وهى متخلفة زراعياً. وأخرى نهضت بقوة فى التصنيع واقتصادها الخدمى متراجع. ولا نعرف دولة تفوقت فى التعليم وهى متخلفة فى مجال الخدمات الصحية. صحيح هناك تباينات فى معدلات ما تحققه كل دولة من نجاحات، لكنها فى حدود ضيقة. وبالتالى ينهض المجتمع بكافة محاوره معبراً عن قدرته على إدراك المعنى الحقيقى للتنمية الشاملة.

من هنا نؤكد أن تخلفنا السياسي، صداه يملأ كل محاور المجتمع، ويشيع فساداً وتراجعاً فى كل قطاعات الدولة. ولا أمل فى تقدم حقيقى دون تقدم قوى على المسار السياسي. فيدرك رئيس حكومتنا أن ارتفاع نسب الأمية ومعدلات الفقر ونسب البطالة وكفاءة الخريجين مقارنة بما يحتاجه سوق العمل، وغيرها من مظاهر تخلفنا، وهى أمور لا يمكن مواجهتها بفاعلية دون توفير مناخ ديمقراطي.

والحقيقة أن رئيس الحكومة أهدر فرصة كبيرة، كان من الممكن أن يعبر بها عن تقدمنا خطوة حقيقية على طريق الديمقراطية، لو أن برنامجه الذى قدمه للبرلمان استند إلى المعايير المتعارف عليها فى الدول الحديثة التى نرجو أن نكون مثلها، لا مجرد حديث إنشائي، مشحون بالعواطف والانفعالات، مرهون نجاحه بأدوات لم يشر إليها، وفى مواعيد لم يحددها بدقة. وقتها كنا نصدق أن رئيس الحكومة لديه بالفعل خطط محددة وفعالة لخفض معدلات الزيادة السكانية، لا مجرد اتخاذها مبرراً لإخفاقات فى الطريق... هو فعلاً رجل طيب جداً!