رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ما يحدث فى السودان موجع ومقلق ومحزن، فالحرب الدائرة مريرة وخسائرها تضر الجميع، ولا شك أن أشقاءنا فى الجنوب يدفعون ثمن صراعات قاسية تزيد من معاناتهم، وتلتهم طموحات وآمال الأجيال القادمة فى التنمية.

لقد كان البلد الشقيق منذ استقلاله على موعد متكرر وشبه دائم مع الصراع والاضطرابات وعانى السودانيون طويلا جراء ذلك، حتى انفصل جنوب السودان عن شماله سنة 2011 ثم تجدد الصراع السياسى مؤخرا فى ظل أوضاع اقتصادية شديدة الصعوبة، ومعدلات تضخم غير طبيعية.

ولا شك أن الشأن السودانى يمثل أولوية مهمة فى السياسة الخارجية المصرية، لعدة أسباب ربما أولها التاريخ المشترك بين الشعبين المصرى والسودانى، واتحادهما السياسى خلال العصر الملكى، لدرجة دفعت الزعيم الوفدى مصطفى النحاس أن يقول يوما عبارته الشهيرة «تقطع يدى ولا تفصل السودان عن مصر».

وثانى الأسباب يخص المصالح المشتركة بين البلدين فى مصدر المياه الأهم وهو نهر النيل، وتأثر تلك المصالح بتصورات مستقبلية عديدة حول موجة فقر مائى تسود كثيرًا من المناطق فى العالم نتيجة التغيرات المناخية، فضلا عن توجهات أثيوبيا لبناء سدود على مجرى النهر لتوليد الطاقة، ما يؤثر على حصتى مصر والسودان من المياه.

ثالث الأسباب يرجع إلى أن العلاقات والروابط بين المصريين والسودانيين عميقة ومتشعبة وقوية لتجعلهما أشبه بشعب واحد، قاسى على مر تاريخه فيضانات النهر العظيم، وواجه التحديات العظيمة، وحارب الاستعمار، وناضل من أجل لتحرر الوطنى. ومَن يقرأ سير كثير من الشخصيات العظيمة فى العسكرية المصرية الحديثة والنخبة الوطنية قبيل ثورة يوليو 1952 يجد السودان حاضرة بقوة، فكثيرون عاشوا أو خدموا لفترة ما فى البلد الشقيق، وكذلك الأمر بالنسبة للنخبة السودانية التى تعلم كثير من أفرادها فى مصر.

فى الوقت ذاته، فإن هناك جالية مصرية كبيرة فى السودان تضم أساتذة جامعات، مدرسين، مهندسين، أطباء ومسئولين، فضلا عن وجود جالية سودانية كبيرة فى مصر تتمتع بحقوق الإقامة والحركة والعمل تماما.

يضاف إلى ذلك أن السودان هى البوابة الجنوبية للحدود المصرية، وتأمينها يستلزم استقرار الأوضاع وسيادة الأمن والسلام فى كافة ربوعها، وهو ما يُمثل أهمية كبيرة فى منظومة الأمن القومى المصرى.

ولاشك أن موقف مصر من الأزمة يستحق التقدير والإشادة حيث أكدت القيادة السياسية حرصها على الدعوة إلى الحوار والتسوية السلمية للصراع بين القوى السودانية، وهو ما يُعبر عن رؤية متوازنة وحرص شديد على مصالح الأشقاء السودانيين ومستقبل بلادهم فى ظل موجات تشتت وتفتت تضرب كثيرًا من الدول العربية على مدى العقد الأخير.

لقد نجحت مصر فى تأمين رعاياها فى السودان، وبذلت وأعلنت جهودها فى سبيل تهدئة الأوضاع والسعى لرأب الصدع، إيمانا منها بأن آثار الحرب موجعة لكافة الأطراف وخسائرها تعم الجميع.

إن الحكمة تقتضى من كل محب للسودان الشقيق أن يرفع راية السلام ويتبنى كل طرح ممكن للتسوية السلمية للصراع، لأننا جميعا نعرف أنه لا غالب فى هذا الصراع، فالكل مغلوب، والشعب السودانى هو الأكثر تأثرًا وتضررًا. فقلوبنا كمصريين مع أشقائنا فى الجنوب.

وسلامٌ على الأمة المصرية..