عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ" صدق الله العظيم حين نهانا عن تلك الجريمة الشنعاء التي قد تتسبب في جرح نفسي عميق ربما لن يداويه الأيام.

 

الله - عز وجل- أمرنا بمراعاة طبيعة النفس البشرية، لأنه يعلم مدى تأثير الإيذاء النفسي، حتى أنه فضّل القول الحسن عن تلك الصدقة التي يتبعها أذى، فقال في سورة البقرة: "قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى".

 

فجعني هذا المشهد المخيف لسيدات يحاولن إخباء معالم وجههن عند تصوير إحدى الجمعيات الخيرية لهن وهن يتلقين التبرعات في شهر رمضان المبارك، وانتابني شعور عميق بالقهر والظلم المجتمعي الذي أصبحنا نعيشه في العصر الراهن.

 

أسئلة كثيرة جالت بخاطري منذ رؤية تلك الصور: فهل وضع صاحب قرار التصوير نفسه محل هؤلاء؟ وهل كان سيرضى أن يراه أولاده؟ وهل وصل بنا الحال إلى أن نعرض نفسية الآخرين للدمار حتى يقال علينا أصحاب الفضل؟!

 

يا ويلنا! ظلمات بعضها فوق بعض تغشى إنسانيتنا في واقع مرير، بات فيه حب الظهور والأنانية سمة للأغلبية التي اجتذبتها ظاهرة الـ"شو"، بل ربما أصبحت عادة تنتشر داخلنا كالنار في الهشيم دون أن ننتبه لخطورتها على المجتمع بأسره.

 

أشد ما يؤرقني أن تنتقل تلك العادة الذميمة إلى الأجيال القادمة حتى تصبح أمرًا اعتياديًا، وليدهس كل منا الآخر من أجل نفسه ومصلحته وتحقيق صيت زائف ومؤقت، سرعان ما سيزول؛ لأن الحق جذره راسخ أما الباطل فإنه يترنح.

 

ليست تلك الواقعة الأولى من هذا النوع، ولكنها للأسف وقائع متكررة نشاهدها كثيرًا خاصة خلال شهر رمضان المبارك، حتى سئمت منها إنسانيتنا، وصرخت؛ رأفةً بالبسطاء والمحتاجين، فبدلًا من مساندتهم ودعمهم ندهس كرامتهم ونستبيح إذلالهم. 

 

علّموا أولادكم معني العطاء والبذل وإسعاد الآخرين، علّموهم أن عطاءهم هو الباقي لهم، وأنّ المحتاجين هم أصحاب الفضل علينا، لذا علينا السعي لإرضائهم ثم تقديم خالص الشكر والامتنان لهم على تقبلهم.

 

مَن يسعى لـ"شو" أو شهرة فليفعل ذلك بعيدًا عن نفوس البسطاء، أما من يريد التصدق فليفعلها في الخفاء لينعم بالثواب.