رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاوى

ما زلت أبدى إعجابه الشديد بالكاتب العظيم والمؤرخ النابغة عباس حافظ الذى سكر حروفًا من نور عن حزب الوفد. والمعروف أن تاريخ حزب الوفد كان متناثرة فى العديد من المراجع، الا أن عباس حافظ يعد الوحيد الذى جمع مادة علمية فى هذا الشأن حتى باتت مرجعا مهما وأمل من يتحدث عن الوفد. ثم جاء من بعده كاتبنا العظيم والمؤرخ الرائع جمال بدوى الذى كان له أفضال على تكوينى الفكرى، ومعه المؤرخ العظيم يونان لبيب رزق ليصدرا أهم مرجع عن تاريخ حزب الوفد. ومن بعد ذلك صدرت عدة كتب متفرقة بعدد من الباحثين والصحفيين وكان آخرها كتابا الوفد قبل 23 يوليو قراءة فى مقالات أمين عز العرب سكرتير مجلس النواب، وثورة 1919 إرادة أمة وكفاح شعب للدكتور وجدى زين الدين كاتب هذه السطور.

نعود لحضرة الكاتب الكبير عباس حافظ الذى خطّ أهم كتاب عن زعيم الفقراء مصطفى النحاس، يقول عن نشأته وتكوينه:

كان «سعد» من أهل الريف، وجاء «مصطفى» كذلك منه، بل من الإقليم ذاته، ولم يكن بين مولد سعد ومنبت مصطفى غير مسافة قصيرة، وأميال معدودة، وكلا المنبتين طيب، خصيب فى الزرع، والحرث والنسل معاً، حتى ليعد أخصب أقاليم مصر على الجملة منابت، وأكثرها فى النوابغ معدًا، وأغناها بالمشهورين والأذكياء ثراء.

من مديرية الغربية كان مجيء الزعيمين، كأنما أريد لهذا الإقليم أن يفخر بما ندر أن يتهيأ لإقليم سواه، وإن كانت أقاليم مصر فى المنابت والموالد والمساقط أجوادًا طيبة كرائم، ولم يكن الناس يعرفون مولد سعد على التحقيق، أيام حياته، فقد شغلتهم عظمته عن كل شيء خارج عن دائرة نفسه ونطاق بطولته. ولكنهم عرفوا حين مرتحله من هذا العالم «القرية» الصغيرة التى كانت أول ما شهد فيه نور هذه الحياة، فاشتهرت منذ ذلك الحين، وترددت على الشفاه، وقام لها فى الناس ذكر كريم.

ولكن مولد مصطفى عرف من نبوغه، واشتهر معه من كثرة اختلافه إليه وبره به، ومزاره فى كل عام، وجعل الناس إذا ذكروا المنبت الذى أنبته أقروا له شهرته، وارتضوا له إنجابه، ولم يتعجبوا له أن يكون للزعامة منبتًا.

وبين القرية التى ولد سعد فيها، والبندر الذى جاء مصطفى منه–مع التماثل فى الإقليم، والتشابه فى التربة، والجوار فى الجو والأفق–وجه شبه آخر فى التاريخ، يردهما إلى عصور فيه زاهرة، وقرون فيه حفلت بالعظائم واشتهرت بأعجب الحضارة، وهى عصور الفراعنة، وبداية مصر القديمة ذات المجد العظيم.

أما إبيانه، موطن سعد، فكانت فى أيام الفراعنة من جملة بحر الروم–البحر الأبيض المتوسط–فلما انحسرت أمواهه عنها، بسبب «طمى» النيل، ارتفع ونشز من الأرض أو بقاع فى البحر، أنشئت فوقه تلك القرية، وكانت أرضها تصل إلى بحيرة البرلس، كما كانت يومئذ تابعة لمدينة «فوه» كشأنها الآن.

وكذلك كانت «سمنود» معروفة فى عصور الفراعنة، وكانت تدعى قديمًا «جمنوت»–وهى قريبة فى الغنة من سمنود–كما كانت تسمى أيضًا فى التواريخ القديمة «سبنيت» وقد ذكر العلامة المؤرخ مارييت أن فراعنة الأسرة الثلاثين كانوا من سمنود، وكان جلوس أول ملك من ملوكها على السرير قبل ميلاد المسيح بثلاثمائة وثمان وسبعين سنة، وفى أواخر زمن فراعنتها استولت الفرس على مصر للمرة الثانية، فأقاموا بها بضع سنين حتى أجلاهم الإسكندر الأكبر عنها، وانتزع الملك من أيدى الفراعنة الأصليين.

وكانت سنمود مولد المؤرخ «مانيتون» الذى نقل عنه الرومان ما نقلوه من تاريخ قدماء المصريين.

رحم الله عباس حافظ وكل الذين سطروا حروفا من نور عن الوفد.