عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

لا أعرف الدكتور عباس شراقى خبير المياه بجامعة القاهرة معرفة شخصية، وإن وددت لو التقيته وتحاورت معه وجها لوجه. فى تصورى أنه يمكن اعتباره المتحدث غير الرسمى لمصر بشأن قضية سد النهضة. أحيانا يخيل إليّ أن لدى الرجل مرصدًا أو كاميرا فى بيته ترصد دبة النملة فى مسار العمل بسد النهضة، لدرجة يرى معها العامل الاثيوبى وهو يرفع شيكارة الاسمنت ليضعها فى الخلاطة لبناء جسم السد. أتصور فى احيان أخرى أنه لا ينام الليل إلا بعد أن يأتى بمقياسه أو مسطرته «المليمترية» لكى يحدد حجم الارتفاع فى منسوب المياه الذى تمكنت اثيوبيا من حجزها خلف السد.

نشر احد المواقع الإخبارية منذ يومين تصريحات خطيرة له، فى تصريحاته يبدو شراقى صريحا إلى حد الثمالة، ويبدو واضحا إلى حد القسوة، ويبدو نزيها إلى حد الحياد، وكأنه يسلخ نفسه من الأزمة أو القضية التى يتحدث بشأنها. تصريحات شراقى جاءت تعليقا على تطورات استعدادات اثيوبيا للملء الرابع حيث اوضح الرجل أن هناك 20 ضررًا – بالتمام والكمال–على مصر والسودان، وأن أضرار التخزين الرابع تتنوع بين مائية وسياسية وقانونية وبيئية.

وقد أوضح حسبما نشر موقع «فيتو» أن من بين تلك الأضرار فرض سياسة الأمر الواقع، والهيمنة الإثيوبية على أنهار دولية، وحريتها فى تحديد كميات التخزين والتشغيل خلال السنوات القادمة دون أى تنسيق مع أى دولة، فضلًا عن إمكانية إثيوبيا بناء المشروعات المائية المستقبلية لديها بنفس أسلوب سد النهضة.

وأوضح أن أضرار الملء الرابع تتضمن إمكانية اتباع دول المنابع الأخرى لنفس النهج الإثيوبى عند إقامة مشروعات مائية على روافد نهر النيل، ووجود خسارة مائية تعادل إجمالى ما تم تخزينه خلال السنوات الثلاث السابقة، وهى 17 مليار متر مكعب، ونقص هذه الكمية من خزان السد العالى، مؤكدًا أن من الأضرار أيضًا نقصًا فى إنتاج كهرباء السد العالى نتيجة انخفاض منسوب بحيرة ناصر، وفقد حوالى 10% من المياه المخزنة على الأقل كبخر وتسريب تحت سطح الأرض. كما كشف «شراقى» عن أن الأضرار الأخرى الناجمة عن الملء الرابع تشمل ارتباك السياسة الزراعية المصرية لعدم المعرفة بدقة كمية التخزين الرابع، وتخفيض مساحات زراعة الأرز وقصب السكر والموز فى مصر.

من فرط الطرح الكابوسى لتفاصيل ما تناوله الأكاديمى المصرى وعلميته فضلا عن واقعيته، شعرت برغبة فى عدم إكمال قراءة الخبر. تمنيت لو أن الدكتور شراقى كان أمامى لأسأله السؤال التقليدى: ما هذه الجرأة يا رجل؟ ألا تشعر بالقلق والخوف على بلادك مما قد يطالها من أضرار؟ شعرت بأننى أحسده، وأن لنا أن نفخر به كخبرة علمية قادرة على التشخيص الصحيح لازمة نواجهها بما يساعد صانع القرار على اتخاذ المناسب للتعامل مع تداعياتها.

رغم تباين مشاعرى تجاهه وتناقضها، ما بين ضيق منه وفرح به.. تذكرت حقيقة أن الطبيب -أى طبيب- ليس له سوى أن يشخص المرض مهما كانت خطورته.. وحاولت تصور أن شراقى طبيب ولكنه طبيب مصر المائي!

[email protected]