عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

عاشت مصر بعد ثورة 1919 حراكاً سياسياً كبيراً وقد أدى هذا الحراك إلى أول انتخابات نيابية حقيقية شهدتها البلاد فى تاريخها. فى 12 يناير 1924، انطلقت أول انتخابات برلمانية نزيهة فى مصر بمشاركة ثلاثة أحزاب وهى الوفد والأحرار الدستوريين والحزب الوطنى، كان يحيى إبراهيم باشا يشغل منصب رئيس الوزراء ووزير الداخلية آنذاك، وكان مشرفاً على الانتخابات وتنظيمها، كما خاض الانتخابات عن دائرة منيا القمح بمحافظة الشرقية، بينما مثل الوفد أمامه فى نفس الدائرة والد المهندس سيد مرعى.

كانت البلاد فى هذه الفترة تتلهف إلى النظام الدستورى، وكل فريق من أحزابها يسعى للفوز بالأغلبية أو على الأقل بأكثر عدد ممكن من المقاعد النيابية، نظم حزب الوفد حملاته الانتخابية فى المدن والأرياف، وكان رئيس حزب الوفد سعد باشا زغلول يتمتع بثقة لا حدود لها من أهل البلاد بعد مواقفه المشهودة، وقد حقق حزب الوفد فى هذه الانتخابات فوزاً ساحقاً على منافسيه وحصل على أكثر من 90٪ من مقاعد المجلس البالغ عددها 214 مقعداً، وخسر الانتخابات يحيى باشا إبراهيم، رئيس الوزراء، ووزير الداخلية فى دائرته الانتخابية أمام والد سيد مرعى، وتدل خسارة رئيس الوزراء للانتخابات على قوة حزب الوفد ونزاهة الحكومة والتزامها الحياد فى الانتخابات.

وعندما سئل سعد باشا زغلول عما يترتب على نتائج الانتخابات بعد فوزه، قال: «إذا اتبعت القواعد الدستورية وجب على يحيى باشا أن يستقيل أمام حقيقتين الأولى: أن البلاد أوضحت رأيها بشكل لا يمكن الشك فيه، والثانية: أن رئيس الوزراء قد هزم فى الانتخابات وفاز عليه مرشح الوفد، وحول مدى قبوله تشكيل الوزارة إذا كلفه الملك بها، وكان ملك مصر آنذاك فؤاد أجاب: «سأعمل عندئذ ما أراه واجبى نحو الأمة».

وتقدمت حكومة يحيى باشا باستقالتها وتم قبولها يوم 27 يناير 1924، ثم تقابل الملك مع سعد زغلول فى 28 يناير وسط حشد جماهيرى غفير، وفى الواحدة ظهراً خرج سعد باشا من السراى الملكية وسط هتاف إلى أن وصل داره وتلا الأمر الملكى الصادر له بتشكيل الوزارة.

وعقب محمد حسين هيكل، رئيس حزب الأحرار الدستوريين آنذاك على الانتخابات قائلاً: «جلست إلى مكتبى وبدأت التليفونات تدق، يا لها من ليلة ما كان أعجبها وما كان أقساها! لقد كنا على ثقة من نجاح أشخاص بذواتهم فى دوائرهم، لما لهم فيها من عصبية، ولم يكن يخالجنا أقل ريب فى هذا النجاح، لكن النتائج التى بدأت تصلنا لم تلبث أن زعزعت من ثقتنا إلى غير حد، يدق التليفون ويذكر اسم واحد من هؤلاء الموثوق بنجاحهم، فإذا به قد سقط أمام خصومه.

وشكل سعد زغلول حكومته بعد الانتصار الساحق فى أول معركة برلمانية شهدتها البلاد، ووسط تعجب وذهول من كبار الساسة الذين لم يتوقعوا فوز الوفد بالأغلبية، واستمرت وزارة سعد فى عملها حتى واقعة الاعتداء على السير لى ستاك سر دار الجيش المصرى، وحاكم السودان العام وقتها فى 19 نوفمبر 1924، ما أثار حفيظة الحكومة البريطانية وهاج معها الرأى العام فى إنجلترا، وهو ما ترتب عليه تقديم سعد باشا استقالة وزارته فى 23 نوفمبر من نفس العام، بعد رفض بعض المطالب الإنجليزية التى جاءت رداً على مقتل السردار وقال فى نص استقالته إلى الملك: «أتشرف بأن أرفع إلى جلالتكم أنى لم أقبل مسئولية الوزارة إلا لخدمة البلاد وتنفيذ المقاصد السامية، ولكن الظروف الحالية تجعلنى عاجزاً عن القيام بهذه المهمة الخطيرة.

وكان أول برلمان عقد فى مبنى مجلس النواب الحالى الذى يحمل فى قلب القاهرة قيمة تاريخية ومعمارية شامخة، ويعد مزاراً لقيم ومبادئ كافح من أجلها الشعب المصرى سنين طويلة، حيث عقدت بداخل المبنى الجلسة الأولى لمجلس الشيوخ والنواب فى يوم السبت 15 مارس عام 1924. هذا المبنى شاهد حى على وقائع أكثر من 100 عام من الحياة السياسية والنيابية فى مصر ويحمل قيمة فنية ومعمارية عامة، وشيد على طراز جمع بين الأساليب المعمارية الأوروبية فى أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين وبين التأثيرات الإسلامية فى العمارة والفنون.