رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كاريزما

لم يعرف من الأشياء الا ظلالها؛ كانت حيلته فى ذلك، انه من كثرة المواجهات تساوت فى عينيه -ترجمة الأشكال الحقيقية ولم تبق الا الرموز فى عينيه- محمود بيرم التونسي- ١٣٠ عاما (١٨٩٣ - ١٩٦١).. حياته سلسلة من الفقد والنفى والكفاح ضد الاحتلال الانجليزى من جهة والقصر الملكى من جهة أخرى، بسرعة كبيرة صارت قصائده على كل لسان، خاصة القصائد التى تنسج قضايا الشعب فى مفردات حادة لاذعة مثل بائع الفجل والمجلس البلدى. وبدأ فى اصدار مجلات الخاصة التى حققت رواجًا كبيرًا لإشعاره. أصدر عام ١٩١٩ مجلة المسلة، وتمت مصادرتها بعد عشرة شهور فأصدر مجلة الخازوق.. ثم مجلة الشباب. وتمادى فى انتقاد الملك والحاشية واتهم بتحريض الجماهير ضد النظام، وتم نفيه إلى باريس وهى السنوات التى سماها شهور الحمل، ولكن النفى السلبى كان فى إقامة تونسى، وصل بيرم إلى وطن اجداده تونس يوم ٢٥ أغسطس ١٩٢٠. لم يجد ذاته فى نفيه هذه المرة؛ أولًا: لأنه وصل وطنه بالإجبار وليس بالاختيار. وثانيًا: انه عاش غريبا فى كل مكان فقد عانى التمرد والجوع والتحقير وكتب قصيدته (الأولة اه والثانية اه والتالتة اه. الأولة مصر قالو تونسى ونفونى

جزاه الخير. والتانية تونس وفيها الأهل جحدونى وحتى الغير والتالتة باريس وفى باريس جهلونى وأنا موليير!  

وحينما عاد إلى مصر هاربا من المنفى ساعده الفنان سليمان نجيب فى الحصول على العفو الملكى، لكن الملك اشترط ان يكتب بيرم قصيدة مدح فى الملك مقابل الحياة الآمنة. واضطر ان يكتب ولكن بذكائه مدح الملك ظاهريا ولكن طغت على مفردات القصيدة استعراضه لمتاعب الناس وأزماتهم وتهميشهم.

لم يكن بيرم حالة خاصة من الإبداع بقدر ما كان ضرورة للمجتمع المصرى والعرب، فقد تمكن من تثوير الفكر الجمعى ولا أحد يمكن أن ينسى دوره الرائد فى ثوره ١٩١٩.. وقد كتب نجيب الريحانى أثناء فعاليات الثورة ان قصائد بيرم كانت البنية الاساسية التى تستبدل واقعنا بشىء من الاعتقاد المجهول والذى نترقبه فى الأيام المطلوبة للتغيير.

عاش بيرم غريبا فحتى اعتراف الدولة به من خلال منحه الجنسية المصرية جاء متأخرا وكان على مشارف الستين.