رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

ثورة 1919 تعتبر انعكاسًا لحالة من النضج الاجتماعى والثقافى والسياسى الذى حققته مصر التى تواكب معها نمو الوعى الوطنى لدى الجماهير، وهى البداية الحقيقية للعديد من الثورات المستنيرة فى المجتمع المصرى، كما كانت ثورة 30 يونيو 2013 آخر الثورات التى مر بها الشعب المصرى والتى تلاقت مع ثورة 1919 وجمع بينهما العديد من أوجه الاتفاق والتشابه.

فى ثورة 1919 خرجت جميع طوائف الشعب، فى تلاحم كبير من عمال وطلبة وفلاحين ومرأة، فهى المناسبة التى اعتلى فيها القمص سرجيوس منبر الأزهر الشريف من أجل إلقاء خطبة فى المحتشدين بالجامع، كما أرسل الأزهر عددًا من الشيوخ ليخطبوا فى الكنائس المصرية. هزت المظاهرات التى قام بها المصريون المجتمع، وانقض الفلاحون على خطوط السكك الحديدية والبرق فقطعوها.

وجاءت ثورة 30 يونيو 2013 لتعيد إلى الذاكرة هذا التلاحم الشعبى فى سبيل تحقيق إرادة الوطن، وكان أهم ما يميزها أنها ثورة كل المصريين ساند مطالبهم جيش قوى يعرف معنى الوطنية جيدًا، كما لم تكن مثل الثورات التقليدية التى يقودها فى الغالب النخبة بل شارك فيها جميع أفراد الشعب مثقفين وعمالًا وفلاحين ومرأة، الجميع تكاتفوا لإنقاذ مصر من الجماعة الإرهابية وهى بذلك تعد الثورة الأولى ضد المتاجرين بالدين.

تلاقت أيضاً ثورتا 1919 و30 يونيو فى الاهتمام والحرص على جمع تفويضات وتوكيلات لدعم وتحقيق الحرية والاستقلال، حيث بدأت شرارة ثورة 1919 عندما قام الزعيم سعد زغلول ورفاقه بعمل حملة لجمع التوقيعات من أجل تمثيل الشعب المصرى فى مؤتمر باريس للسلام وعرض القضية المصرية عالميًا، والمطالبة بالانفصال عن الحماية الإنجليزية التى كانت مفروضة على مصر حتى تكون للزعيم سعد زغلول صفة الوكالة عن الشعب فى المطالبة بحقوقه.

وفى 30 يونيو أعاد «شباب تمرد» ذكريات ثورة 1919 بأمجادها وقوة المشاركين فيها، حينما التف جميع الشعب وقتها حول هؤلاء الشباب لتوقيع استمارات نهاية حكم جماعة الإخوان الإرهابية، كما استغل المصريون الوسائل التكنولوجية الحديثة استغلالًا إيجابيًا.

خلال ثورة 30 يونيو، وكان لإرادة المواطنين وعظمة شباب الوطن والدولة المصرية اليد العليا فى تحقيق آمال الوطن.

تعد مشاركة المرأة فى ثورة 30 يونيو شبيهة بمشاركتها الفعالة فى ثورة 1919 خلال المظاهرات الرافضة للاحتلال، وقدمت احتجاجًا مكتوبًا إلى السفراء «معتمدى الدول» وقتها، لتكون ثورة 1919 أول ثورة تشترك فيها النساء فى مصر، بقيادة صفية زغلول وهدى شعراوى، كما تصدرت المرأة المصرية، المشهد بقوة خلال أحداث ثورة 30 يونيو، ولعبت دوراً مؤثرًا وكبيرًا لا يمكن إغفاله أو تجاهله، رافضة «المرأة» التنازل عن المكتسبات التى حصلت عليها طوال تاريخها، متمسكة بمبادئها وأهدافها وهويتها وهو ما جعلها تحظى بمكانة كبيرة بين أطياف المجتمع.

برز دور الأزهر خلال ثورة 1919، فقد كان الأزهريون فى مقدمة صفوف التظاهر، ومن أكثر الطلبة جرأة وحماسة وتضحية، ومن أشد العاملين على بث روح الثورة بين طبقات الشعب. وكان دور المؤسسة الدينية فى ثورة 30 يونيو شبيهًا بذلك الدور كداعم ومساند للدولة المصرية فى كل الأوقات، حيث انحاز الأزهر إلى مطالب الشعب بقوة ووقف بجانبه. ودعا الرئيس عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع فى ذلك الوقت، الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر لعقد اجتماع فى الثالث من يوليو 2013، مع عدد من الشخصيات بحضور البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية وممثلين عن الأحزاب لإعلان بيان عزل الرئيس الإخوانى محمد مرسى، الذى تم بمباركة الأزهر الشريف.

أفرزت ثورة 1919 دور سعد زغلول كزعيم وطنى لمصر ارتضته وحددت مواصفاته، لخوض ميدان الزعامة الرحب، وليصبح من أكثر زعماء مصر الحديثة شعبية ونفوذًا، وعزز سعد زعامته باللجوء للجماهير بمطالبته بتوكيلها له، فقد أرادت مصر زعيمًا واختارت سعدًا، وكان سعد واعيًا بذلك الاختيار وهذه الأمانة.

وجاءت ثورة 30 يونيو لتذكر بذلك الدور وتلك الأمانة وظهر ذلك فى خروج المظاهرات المناهضة للإخوان، وأثناء الاحتفال برحيل حكم الجماعة الإرهابية، وهى تحمل صورة الرئيس عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع فى ذلك الوقت وهتف المتظاهرون: «الجيش والشعب إيد واحدة»، ودعموا «السيسى» على شبكات التواصل الاجتماعى، كما غير آلاف المصريين صور صفحاتهم الشخصية إلى صورة السيسى بينما بدأ آخرون حملة تطالب بترقيته إلى رتبة المشير، وتمنى آخرون ترشحه فى الانتخابات الرئاسية، وحملت الكثير من قوالب الحلوى، والشيكولاته والقلادات ذات حرفى «C C»، كما ظهرت صوره فى المدونات والمقالات وبرامج التليفزيون، وبدأت الكثير من الحملات والمبادرات مثل: «كمل جميلك» و«مطلب الشعب»، و«السيسى رئيسًا» فى جمع توقيعات تطالب السيسى بالترشح للانتخابات الرئاسية، وهو ما نفذه استجابة لمطالب الشعب المصرى، وقد عكس التفاف الجماهير حول السيسى وحبهم له مدى الشعبية التى تمتع بها ووعيه التام بالأمانة الملقاة على عاتقه تجاه أبناء الوطن وإعادة وضعه على الطريق الصحيح.