يعد صراع المرأة بين الابتذال والتشدد من أهم المواضيع التي تثير الجدل في المجتمعات العربية، حيث تجد المرأة نفسها محاصرة بين تيارين متضادين يحاولان استقطابها والتحكم في مفاهيمها وسلوكياتها. ومن أجل التغلب على هذا الصراع، تحتاج المرأة إلى الحكمة والتميز، والتمسك بقيم الإسلام الحقيقية.
تبدأ المشكلة من مفهوم الابتذال الذي يعني ببساطة ، الخروج عن السلوكيات والقيم الاجتماعية والدينية المتفق عليها في المجتمع. فعندما تميل المرأة لممارسة سلوكيات مخالفة للأخلاق والقيم، تتعرض للانتقادات والانزعاج من المجتمع الذي يروج للتقاليد والعادات الموروثة. ومن الأمثلة على ذلك، ارتداء ملابس فاضحة والتصرف بطريقة غير لائقة في المجتمع.
من جهة أخرى، يعني التشدد الالتزام بتفسيرات متشددة للدين، مما يتسبب في الانغلاق والتقييد في
السلوكيات والأفكار. وفي بعض الأحيان، تتعرض المرأة للظلم والاضطهاد من قبل بعض الأفراد الذين يستغلون هذا التيار لفرض رأيهم ومعتقداتهم على المرأة، وهذا يعد ضررا كبيرا لها وللمجتمع بشكل عام.
للخروج من هذا الصراع، يجب على المرأة التمسك بقيم الإسلام الحقيقية، وتفهم مفهوم الوسطية والاعتدال، وتجنب الانتماء إلى أي من التيارين. وبالإضافة إلى ذلك، يجب على المرأة تحقيق التوازن بين الحفاظ على الأخلاق والقيم الإسلامية، وبين تحقيق طموحاتها وتطلعاتها الشخصية. وبالطبع، يجب على المرأة أن تعتمد على العلم والمعرفة في تكوين رأيها واتخاذ القرارات الصائبة، وعدم الاستسلام للمعتقدات الخاطئة والتيارات المتشددة.
ومن أجل تحقيق هذه الأهداف، يمكن للمرأة الاستفادة من الدورات التدريبية وورش العمل التي تهتم بتنمية الثقة بالنفس وتعزيز المهارات الشخصية والاجتماعية. كما يمكن لها الاستفادة من الثقافة والفنون والأدب لتنمية الحس الإنساني والوعي الثقافي.
كيف توفق المرأة بين ضوابط الشرع والمبادئ والعرف والتقاليد ، وبين تحقيق ذاتها والاكتفاء الذاتي والاستغناء
تحث الشريعة الإسلامية على حقوق المرأة وواجباتها، و على احترامها وتقديرها، وتمنحها العديد من الحقوق والحريات. ومع ذلك، يوجد بعض التقاليد والأعراف والممارسات الاجتماعية التي تتعارض مع هذه الحقوق والحريات.
لذلك، يجب على المرأة السعي إلى تحقيق ذاتها والاستقلالية المادية والمعنوية، وذلك عبر العمل وتعلم المهارات اللازمة لتحقيق ذلك في مختلف المجالات. كما يجب أن تحافظ المرأة على حقوقها الشرعية والمدنية والاجتماعية، وتعمل على التحرر من القيود والعقبات التي تحول دون تحقيق ذاتها وأهدافها.
من جهة أخرى على المرأة أن تحترم الضوابط الشرعية والمبادئ الإسلامية، وأن تتجنب الممارسات التي تتعارض معها، وأن تعمل على تطبيقها في حياتها اليومية. كما يجب عليها الحفاظ على التقاليد الإيجابية التي تتماشى مع الشرع، وتجنب الممارسات السلبية التي تؤدي إلى المذلة والإهانة
المرأة في الإسلام
الإسلام يحث على احترام المرأة وتقديرها، ويمنحها حقوقاً وحريات متعددة ، وبالرغم من أن الصورة النمطية للمرأة المسلمة قد تقتصر على الحجاب والالتزام بالضوابط الدينية، إلا أن هناك العديد من النماذج التي تؤكد على دور المرأة في الإسلام كمحاربة وتاجرة وطبيبة ومعلمة، وذلك من خلال التاريخ الإسلامي.
كانت السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها تاجرة ناجحة قبل أن تتزوج النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكانت تمتلك تجارة واسعة النطاق في مكة المكرمة وخارجها. وكانت تعتبر من أغنى النساء في المدينة.
- السيدة زينب بنت خزيمة كانت من النساء المشاركات في الغزوات والمعارك، وكانت معروفة بشجاعتها وإخلاصها للدين. كانت تقاتل في إحدى المعارك، مدافعة عن النبي وتقوم بنقل الجرحى والمصابين. وكانت السيدة عائشة رضي الله عنها تشهد لها بقولها "كنت أرى النساء يوم بدر يمشين بين الرجال وأنتِ توزعين اللقمة وتحملين الماء على ظهرك ولا يزعجك شيء من ذلك". وبالإضافة إلى السيدة زينب بنت خزيمة، كان هناك العديد من النساء المسلمات اللاتي كانوا يشاركن في الغزوات والمعارك بجانب الرجال، مما يدل على قوة الإيمان والإرادة لدى المرأة المسلمة في الدفاع عن دينها ومبادئها.
- الطبيبة الأندلسية فاطمة المراكشية التي كانت تشتهر بمعرفتها العميقة في علم الطب، وكانت تتلقى الأمراض والحالات الصعبة من الرجال والنساء.
بالإضافة إلى دور المرأة في التجارة والطب والحرف اليدوية، كانت أيضاً تؤدي دوراً هاماً في المجتمع كمعلمة. فكانت الصحابية عائشة رضي الله عنها تعد من أشهر المحدثين في التاريخ الإسلامي، وقد حفظت الكثير من الأحاديث النبوية وقد نقلتها وشرحتها للناس، وكانت تعتبر مرجعاً للعلم والفقه، وكذلك الصحابية فاطمة بنت الخطاب رضي الله عنها تعد من أبرز معلمات القرآن والفقه في العصر الإسلامي، وقد كانت مشهورة بمعرفتها الواسعة في العلوم الشريعة .
كما تتمتع المرأة المسلمة بحقوق عديدة في الإسلام، مثل حق التعليم وحق الإرث وحق التصويت، وتحظى بمكانة مرموقة في المجتمع. ومن الأمثلة الحية على ذلك ، السيدة خديجة التي تزوجها النبي محمد صلى الله عليه وسلم وهي أكبر منه سناً وكانت تمتلك ثروة كبيرة، ولكنها كانت تتميز بالذكاء والحكمة والعطاء ودورها معروف في مساندة النبي والدعوة
وبشكل عام، يؤكد التاريخ الإسلامي أن المرأة تستطيع تحقيق النجاح في جميع المجالات وأداء العديد من الأدوار المختلفة، بشرط أن تتوافر لها الفرص والإمكانيات والدعم اللازم، وأن تتحلى بالعزيمة والصبر والمثابرة. وبالتالي، فإن المرأة المسلمة لا تعد مجرد مواطنة عادية في المجتمع، بل هي شخصية قوية ومؤثرة ومحورية في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
على المرأة العمل على تحقيق الاستقلالية المادية والمعنوية، وتطبيق الضوابط الشرعية والمبادئ الإسلامية في حياتها، وتحترم التقاليد والعرف الإيجابية، وتجنب الممارسات السلبية التي تؤدي إلى المذلة والإهانة.
وفي النهاية، يمكن القول إن المرأة المسلمة تواجه تحديات وصراعات كثيرة في حياتها، بين الانحراف والتشدد وبين الحفاظ على قيم الدين والاعتدال والتوازن. ولكنها قادرة بالتأكيد على تجاوز هذه التحديات وتحقيق النجاح والاستقلالية والاستغناء عن
الرجل المتسلط ، بالاستفادة من العلم والمعرفة والتعليم، وبالاحتفاظ بالأخلاق والقيم الإسلامية السمحة. ومن خلال التمسك بهذه القيم والمبادئ، يمكنها أن تكون مثالاً حياً للنجاح والتميز في جميع المجالات.
مدرس بجامعة قناة السويس