عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

لا شك أن العالم يمر الآن بلحظات فارقة فى عمر الزمن حيث يبلغ الصراع الحضارى بين القوى العظمى صورة لم يبلغها من قبل فيما بعد انتهاء حقبة الحرب الباردة بين القوتين العظميين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى، فلقد مضى إلى غير رجعة فيما يبدو عصر المهادنة والهدوء والتعاون الذى كان بين أمريكا وروسيا وريثة الاتحاد السوفيتى السابق، ولا شك أن التجاذب بين أطراف النزاع أو بالأحرى الحرب الروسية الأوكرانية يهدد بنشوب حرب عالمية ثالثة ستمتد آثارها المدمرة بلا شك إلى كل بقعة فى العالم. والحقيقة التى ينبغى أن نتنبه إليها أن التطورات المتلاحقة بين أطراف تلك الحرب ونتائجها غير المتوقعة حتى الآن ستنتهى بإعادة رسم خريطة القوى العالمية وإعادة تشكيل النظام العالمى الذى لم يعد عالماً أحادياً تتزعمه أمريكا كما فى الحقبة السابقة، ولا حتى ثنائى القطبيه يتجاذبه– كما هو حادث الآن– الولايات المتحدة وروسيا، بل سيصبح متعدد الأقطاب حيث أصبحت الصين من الآن فصاعداً هى اللاعب الأهم فى اعتقادى رغم أنها لم تكشف بعد عن انحيازها الكامل لروسيا ولم توقف مناوشتها التجارية والعسكرية مع الولايات المتحدة!

أن مراكز صنع القرار فى العالم يتجاذبها الآن خطط واستراتيجيات عديدة لاستشراف صورة المستقبل والتساؤلات المطروحة حول المستقبل تنبئ بأننا أمام عصر جديد ستكشف عنه التفاعلات الحضارية المقبلة سواء تمت هذه التفاعلات من خلال المهادنة واللجوء للمفاوضات والحوار بين كل الأطراف المعنية بالصراع الساخن الآن لوضع حد للحرب الحالية والوصول إلى حل يرضى أطرافها أم تمت عن طرق الحوار بين جميع القوى العالمية بحيث يتمخض عن ذلك نظام عالمى جديد أكثر عدالة يقوم على توازن القوى والتمثيل العادل لقارات العالم داخل مجلس الأمن الدولى وإلغاء حق الفيتو لقوى بعينها!

وبالطبع فإنه فى الوقت الذى ينشغل فيه السياسيون والعسكريون بإدارة الصراع وفق الآليات المتاحة والمستجدات اليومية التى تحدث على الأرض فى مناطق الصراع فإن فلاسفة السياسة وفلاسفة التاريخ والحضارة فى هذه الدول الكبرى التى تتنازع وتحاول أن تتقاسم السيطرة على العالم معنيون بما هو أهم وأشمل، مشغولون بالإجابة على تساؤلين اثنين كبيرين لا ثالث لهما هما: ما صورة العالم التى ستتمخض عنها هذه الصراعات؟ وما الدور الذى ينبغى أن يقوم به هذا الطرف أو ذاك حتى يحقق المكانة الأفضل فى هذا النظام العالمى الجديد؟ وفى ضوء الإجابة التى يقدمها هؤلاء الفلاسفة والاستشاريون الذين يستشرفون صورة المستقبل يضع السياسيون والعسكريون سيناريوهات تفصيلية للتعامل مع تحديات الظروف المتجدده فى المستقبل القريب وكذلك فى المستقبل الأبعد.

والسؤال الذى يشغلنى دائماً: ماذا عن مراكز صنع القرار فى دولنا العربية والإسلامية؟! أنا متأكد أن الإجابة من قبل المعنيين ستكون: لا تقلقوا نحن نتابع كل شىء ونضع الخطط لمواجهة كل التطورات والتغلب على كل التحديات!! والحقيقة التى ينبغى أن ننبه إليها أنه لو كان ذلك كذلك ما وجدنا أنفسنا دائماً فى موضع المفعول به وليس الفاعل! لما وجدنا أنفسنا دائماً نتلقى الضربات تلو الضربات دون أن يكون لدينا القدرة الحقيقية على فعل شىء اللهم إلا قبول الأمر الواقع الذى فرض علينا التعامل معه مكتفين بموقف المتفرج الذى يراقب من بعيد لعله يتحين فرصة للنجاة أو يجد منفذاً للشراكة مع أى طرف من الأطراف الفاعلة ليحتمى به!

واذا سئلت الآن عن سبب ذلك الخلل وما الحل؟، لقلت على الفور: إنه غياب الفلسفة– فلسفة التاريخ- فلسفة السياسة وفلسفة الحضارة، نعم إننا لم ندرك بعد أهمية ودور النظرة الفلسفية الاستشرافية التى تتنبأ بالتطورات السياسية والحضارية اللاحقة، ويمكن أن تقدم للمخططين والتنفيذيين الرؤى العامة التى تجعلهم قادرين على مواجهة تحديات المستقبل بثقة وايجابية! وذلك هو جل ما نطمح إليه حينما نادينا ولانزال بالاستفادة من الفلسفة والفلاسفة ونظرتهم الشمولية الاستشرافية للأمور فيما بات يعرف الآن بالمستشار الفلسفى فى كل مراكز الدراسات الاستراتيجية ومراكز صنع القرار فى العالم حتى لقد أصبح وجودهم ضروريا فى كل الهيئات الخدمية والشركات الصناعية. إننا ينبغى أن نسمع للفلاسفة ونتعامل بإيجابية مع رؤاهم وقراءاتهم للمستقبل، فالفلسفة لم تعد نظرات عقلية مجردة فقط، بل أصبحت تواجه مشكلات الواقع من منظور أوسع وأشمل يفيد الناس والمجتمع فى كل مجالات الحياة... فهل من مجيب؟!!