رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

قال لى صديقى المتشائم: إن الوضع العام صعب، ومحبط، وأن التضخم يأخذ مُنحنى صعوديًا، ومُعدل التشغيل يتراجع، ورغبة المستثمرين فى عمل مشروعات جديدة تتقلص فى ظل المخاطر القائمة، وهو ما يهدد بتفاقم أزمة البطالة، ومزيد من التراجع فى مستوى المعيشة.

وقلت له إننى مؤمن بالفعل بأن هناك أزمة اقتصادية كبيرة، لكنها ليست بلا حلول. وقلت: إنه صحيح أن الطريق صعب، لكنه ليس مسدودا. وكررت ما سبق كتبته وقلته فى لقاءات إعلامية وعامة مرارا من أن باب الإصلاح مازال مفتوحا، وأن تجاوز التحديات الراهنة ممكن بشرط سرعة التحرك، وحشد كافة الطاقات المتاحة لإحداث انتعاش واضح فى الملف الاقتصادي.

إننى واحد من المتشبثين بالأمل، والقابضين على الحلم، والمشجعين للحركة، وأتصور أن الأزمات هى أكبر دافع لتغيير السياسات، ومراجعة الأداء، والسعى للإصلاح والتفكير خارج الصندوق. وفى اعتقادي، فإن مصر بلد كبير وقوى ولديه كفاءات عظيمة وقدرات متنوعة، والأهم من كل ذلك أن هناك رغبة قوية وإرادة جادة للإصلاح الاقتصادى بما يمثل بداية جديدة لمصر الجديدة فكرا وبشرا وإدارة.

من أين نبدأ؟

أتصور أن الأزمة الاقتصادية الراهنة وتبعاتها، والتى بات كل مواطن مصرى يشعر بها بشكل يومى متصاعد، تدفعنا دفعا إلى ضرورة الاستعانة بكوادر اقتصادية حقيقية لديها باع فى الإلمام بتعقيدات الملف الاقتصادي، ومنحها السلطات والصلاحيات اللازمة للعمل وفق خطة محددة. فربما كانت المرحلة السابقة تستلزم الاعتماد على كوادر قوية تنفيذيا، بغض النظر عن وعيها الاقتصادي، لتسريع عملية تحديث البنية التحتية، لكننى أرى أن اللحظة الراهنة تُحتم علينا أن نفكر فى قيادات وعقول جديدة، أكثر انفتاحا على العالم، قادرة على الابتكار، وطرح الحلول وليس مجرد تنفيذ التكليفات المطروحة عليها.

لقد ذكرت من قبل أن أبسط محددات الاصلاح الاقتصادى فى أى بلد هى أن يمتلك خطة إقتصادية واضحة المعالم، تستهدف مؤشرات بعينها، وتقدم المقترحات المفترضة لتحقيق هذه المؤشرات. ومثل هذه الخطة ليست مهمة وزارة محددة، ولا مسئول بعينه، وإنما هى مشروع كامل لحكومة وطنية تعى أن الأزمة تحتاج حلولا أفضل وأنجع من الحلول التقليدية المتمثلة فى الاقتراض من الداخل والخارج أو زيادة عائدات الجباية.

إن الأزمات والمحن تدفع كثيرًا من الدول إلى تغيير أساليبها ومخططاتها وطرق تعاملها فى كافة القضايا، وهناك سعى حثيث فى المنطقة وفى العالم كله لجذب رؤوس الأموال بأفضل الطرق، والتيسيرات الحقيقية، وقبل كل ذلك طمأنة أصحاب المشروعات بأنهم شركاء لا مجرد دافعى ضرائب، وأن مهمتهم الحقيقية هى الانتاج وتحقيق الربح وتشغيل العمالة.

وبالقطع، فإننى متفائل ببرنامج الطروحات الحكومية وخلافا لكثير من المتسرعين، فإننى أرى أن الفائدة الحقيقية منه ليست فى الحصول على عائدات دولارية فقط، وإنما فى تقديم قصص نجاح عملية للاستثمار الخاص، المحلى منه والأجنبي، ليُمكن من خلاله جذب رؤوس أموال كبرى لقطاعات استثمارية عديدة داخل مصر، بما فيها مشروعات البنية الأساسية، وتحويلها إلى مشروعات ذات عائد مالي. إنها أشبه بعملية استعادة للقطاع الخاص الغائب، وتبشير بعودة دوره الذى لعبه فيما مضى وساهم فى تحقيق معدل نمو وصل إلى 7 فى المئة لعدة سنوات متتالية.

إننا قادرون على عبور الأزمة، بل واسترداد طريق النهضة الحقيقية، لكن ذلك يستلزم منا التوقف عن المسكنات، وسرعة التحرك نحو العلاج الحقيقي.

وسلامٌ على الأمة المصرية.