عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تاملات

 

 

 

 

دعانى مجموعة من الاصدقاء الصحفيين لقضاء يوم معهم الجمعة الماضى بأرضهم الزراعية فى السويس. ولأن الحالة تتطلب الخروج من الروتين الممل للحياة اليومية فقد وافقت على الفور على أمل أن أقضى يوما ممتعا بين أحضان الطبيعة ووسط الخضرة خاصة وأن المسافة غير بعيدة.

ما إن دخلنا المنطقة المقصودة وعلمت أنها المقصودة بحق وحقيق، حتى أصبت بخيبة أمل حيث الصحراء شاسعة بامتداد البصر، صفراء لونها لا يسر الناظرين، هى الصحراء التى يقول عنها المثل لا زرع فيها ولا ماء. طبعا الكلام بصيغة المبالغة حيث بها زرع ولكنه لا يعدو أن يكون بنسبة ضئيلة لا يمكن أن تساوى على الإطلاق أرضا تم تسليمها منذ أكثر من 30 عاما. أما الماء فهو المشكلة الرئيسية لتلك الأرض رغم وجود ترعة تمر أمام كل مجموعة أراضٍ ولكن الماء يأتيها كل حين. أما ماكينات الرى فقد علاها الصدأ وتمت سرقة أبواب حمايتها من السرقة، على نحو ذكرنى بمقولة رئيس الوزراء الأسبق محلب حينما زار أرض توشكى فراح يتحسر على مليارات الجنيهات التى أنفقت هناك وتحول المعدات إلى خردة بتعبيره آنذاك!

بالجولة على أراضى الأصدقاء لا بد أن ينتابك الحزن على ما تراه من شبكات رى أتلفتها الشمس وقد يكون الهوي!! ورغم أن الكثيرين حرصوا على زراعة التين الشوكى باعتباره لا يتطلب ماء، إلا أن منظر الشجيرات لا يتيح لك مجالا للشك بأنها لم تشرب ماء منذ شهور وليس أياماً! كان من الطبيعى أن أسعى لمعرفة السبب فيما أوصل حال الأرض إلى ما هى عليه.. رغم تعاقب الاجيال عليها بل ورحيل عدد غير قليل ممن تسلموها على أمل زراعتها بعد أن أصبحوا فى حكم المعمرين!

فى البداية تصورت أن هذا هو مصير «المسقعين» حيث كانت الفكرة التى حاول البعض ترويجها أن الصحفيين أخذوا الأرض لكى يسقعوها.. ولكنى عذرت الصحفيين وتصورت أنهم أبطال يجب أن يقام لهم نصب تذكارى على ما فعلوه من مقاومة للإحباط وعوامل التقهقر وصمودهم لتحقيق حلمهم فى زراعة أرض تفتقر لأبسط مقومات الحياة من كهرباء أو بنية تحتية أو حتى ماء الذى هو إكسير الحياة سواء للإنسان أو للزراعة.

بعد السؤال والذى منه.. علمت أن أول شروط نجاح زراعة الأرض هناك هو إقامة خزان مياه لتوفيرها على مدار الساعة يتكلف وحده نحو مائة ألف جنيه. أسقط فى يدى وقلت بينى وبين نفسى: كيف للصحفى الذى ينتظر البدل بلهفة وشوق وحنين أن يوفر هذا المبلغ إلى جانب المبالغ الأخرى لشبكة الرى وماكينتها وغير ذلك من توفير مزارعين واستراحة له ولمن يقوم على متابعة الأرض، وكلها عمليات تتطلب أضعاف المبلغ الأول.

سألت نفسى إذا كنا نسمع كل يوم عن زراعة أراضٍ بمئات الآلاف بل بملايين الأفدنة، فى كل أنحاء مصر من صحراء العلمين إلى صحراء سيناء إلى الظهير الصحراوى للوجه القبلى، فهل جاءت على هذه الأرض ولماذا؟ ألا يستحق هؤلاء نظرة عطف من محافظ السويس لكى يحن عليهم بماء متواصل مستدام يوفر عليهم على الأقل فكرة الخزان؟ عندما علمت أن الأراضى المحيطة بمنطقة الصحفيين خضراء ومزهرة سألت هل المشكلة فيهم.. أم فينا بالضبط؟ وأيا كان فهل يمكن أن يكون هناك تدخل لوقف نزيف الجهد الذى يبذله الأصدقاء وهدر الاموال التى تذهب هنا وهناك والتى تمثل فى النهاية خسارة للاقتصاد القومى؟ وذلك رغم حقيقة أن هناك بضع أراض لا تعد على اصابع اليد الواحدة ربما تدخل فى عداد التجربة الناجحة. عندما سألت أحد الاصدقاء كانت دهشتى عندما حار به الجواب وعندما ألححت راح يؤكد على أن الحكاية فيها: إن!!

[email protected]