رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

على أحد مرتفعات البر الغربى للنيل فى أسوان، يمكن لزائر المدينة مشاهدة ضريح السلطان محمد شاه الحسينى الشهير بـ«الأغاخان» وزوجته البيجوم «أم حبيبة»، آخر زوجاته الأربع وهى فرنسية وكانت ملكة جمال بلادها، تزوجها بعد قصة غرام عجيب وعنيف عام 1942 لتقفز معه من فوق أسوار القهر والحصار والفقر وتصبح زوجة أغاخان، وتبقى قصة حبهما النادرة حديث العالم.

رافقته فى كل رحلاته حول العالم وزارا 40 دولة وارتبطا بمصر والسودان، وانتشرت قصة «أغاخان والبيجوم» وذاع صيت الفتاه الفرنسية الرقيقة التى أشهرت إسلامها قبل زواجها وسمت نفسها «أم حبيبة»، وشاركت زوجها فى إنشاء عش الزوجية الذى خلده التاريخ -فيما بعد- ضمن أروع قصص الحب والوفاء بين زوجين أو حبيبين فقد كان أغاخان يعشق الورود وخاصةً الحمراء وكان يملأ كل الغرف التى يجلس فيها بالورود، وفى أحد الأيام كانت بائعة الورود «البيجوم» على موعد مع السعادة فيتعرف أغاخان عليها ومن كثرة عشقه للزهور أحبها وأحبته، فتزوجها وحولها من بائعة ورود فرنسية بسيطة إلى واحدة من أغنى أغنياء العالم.

بحثا عن الشفاء حضر أغاخان لأسوان فى مطلع القرن الماضى، فوقع فى غرامها، وقرر أن يزور المدينة كل شتاء، وتطور عشقه لأسوان ليبنى لنفسه مقبرة على ربوة عالية على الطراز الفاطمى، أوصى بأن يدفن فيها بعد وفاته، وهو ما حدث فعلا عام 1959، واستخدم البناؤون فى عمارة الضريح من الداخل الرخام المرمرى الخالص، وبعد وفاته ظلت زوجته «أم حبيبة» حريصة على زيارته كل عام، وفى عام 2000، أمرت بإغلاق المقبرة بعد اعتراضها على سلوكيات بعض الشباب أثناء إحدى الرحلات التى كانت تزور المقبرة، ولم تعد منذ ذلك الحين مزارًا سياحيًا، لتوصى بأن تدفن مع زوجها بعد وفاتها وهو ما حدث بالفعل.

وهاجمت الأغاخان أمراض الروماتيزم وآلام فى العظام، وفشل أعظم أطباء العالم حينها فى علاجه، فنصحه أحد الأصدقاء بزيارة أسوان لشتائها الدافئ حيث حضر أغاخان إلى أسوان عام 1954 بصحبة زوجته وحاشيته وكان أغاخان قد عجز عن المشى ولا يستطيعه إلا بكرسى متحرك، وكان يقيم بفندق كتراكت القديم وأحضروا له أفقه شيوخ النوبة بأمور الطب، فنصحه بدفن نصف جسمه السفلى فى رمال أسوان ثلاث ساعات يومياً لمدة أسبوع، واتبع الأغاخان نصائح الشيخ النوبى وبعد أسبوع من الدفن اليومى عاد أغاخان إلى الفندق ماشياً على قدميه، فقرر الأغاخان زيارة أسوان كل شتاء، حيث عشق أغاخان والبيجوم أم حبيبة نيل أسوان وأقاما فى فيلا تطل على نهر النيل وأشرفت البيجوم على مراسم دفنه وجنازته، وبنت له مقبرته الشهيرة والتى صممها ونفذها شيخ المعماريين العرب ورائد العمارة الإسلامية دكتور مهندس فريد شافعى، أستاذ العمارة فى مصر، الذى جعل من المقبرة تحفة معمارية ومزاراً، فى المنطقة التى شفته من المـرض فصمم المقبرة على الطراز المعمارى الإسلامى الفاطمى.

وكانت أم حبيبة تضع فى التاسعة صباحا يوميا وردة حمراء جديدة من نوع «رونرا بكران» داخل كأس فضية على قبر الأغاخان بواسطة أحد العمال، وكانت تأتى الزوجة الوفية مرة كل عام، لتغير الوردة بيدها، وكانت البيجوم حريصة على الإقامة لفترة بالقصر الذى شيده زوجها فى أسوان، وتنتقل يوميا لزيارته فى قبره ووضع الزهور الحمراء فوقه، ومن أجل ذلك حرصت على زراعة حديقة القصر بالورود الحمراء التى كان يحبها الأغاخان، وكانت تذهب للمقبرة بمركب ذى شراع أصفر، لأن كل المراكب الشراعية ذات أشرعة بيضاء، ليعرف أهالى أسوان أن أُم حبيبة قد جاءت وأنها لم تنس زوجها الحبيب، وتوفيت أم حبيبة فى يوليو عام 2000 بفرنسا وتم نقل جثمانها لتدفن بجوار زوجها ليسدل الستار على قصة وفاء نادرة ورائعة  التقى فيها الحبيبان على عشق المحروسة.

حفظ الله مصر وأهلها

 

[email protected]