رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هموم وطن

 

 

كلما أسمع أو أقرأ ما يؤكد اننا لا نشعر بقيمة الأشياء الجميلة فى حياتنا الا عندما نفقدها، أتذكر صديقى الغالى مصطفى أبوحلوة الذى رحل عن دنيانا عام ٢٠٢٠ وبالتحديد ليلة عيد الأضحى المبارك، وأتذكر تفاصيل هذا اليوم الصعب على نفسى منذ بدايته، وذلك عندما قمت كعادتى بالاتصال به بعد صلاة العيد، لتهنئته وترتيب العمل معه فى أيام العيد الثلاثة، وظل الجرس يدوى فى أذنى دون اجابة، تسرب القلق إلى قلبى وعاودت الاتصال مرة أخرى، وأنا فى أشد الشوق لعبارته المعهودة.. صديقى العزيز أبوطارق كل سنة وانت طيب يا صديقى، وما هى الا لحظات الا ووجدت على الجانب الآخر وسمعت صوتًا غير صوته فازدادت دقات قلبى وتسرب العرق فوق جبينى واحسست ببرودة اطرافى، ورعشة فى يدى، أوشك الهاتف ان يقع من يدى ولكننى قاومت، وحاولت استجماع نفسى، حتى سمعت من زوج شقيقته رصاصات ثقبت قلبى، وهو ينعى صديقى الوفى فى كلمات قليلة.. مصطفى توفى إلى رحمة الله، وتم دفنه بمسقط رأسه فجر اليوم ونحن الآن عائدون، لم أرد ولم أدرى هل انهيت المكالمة أم ان زوج شقيقته هو الذى انهاها فى نفس التوقيت الذى امتلأت فيه عيناى بالدموع، واصابنى الوجوم، التف حولى ابنائى الذين بادلونى نفس الشعور، وذرفوا نفس الدموع عندما علموا انه الصديق أبوحلوة كما كنت اسميه لهم.

دقائق قليلة بعد نشر الخبر وتلقيت اتصالا من د. وجدى زين الدين، رئيس التحرير، ولم استطع الرد عليه من البكاء، فوجدته يبادلنى نفس البكاء على رحيل من سماه الطيف الجميل، الغريب فى الأمر ان مصطفى ذهب للجريدة يوم الوقفة وأثناء المغادرة قابل الصديق والشيخ الجليل أحمد طه وطلب منه البحث عن عروسة، رغم اعتكافه عن الزواج ما يقرب من ١٥ عاما بعد تجربة أليمة جعلته يعرض عن الزواج هذه المدة، والأكثر غرابة أيضًا اننا لم نجد له صورة واحدة فى الجريدة ولا الأرشيف، وليس له حسابات على أية وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعى، رغم انه كان نائبا لرئيس التحرير وعضو نقابة الصحفيين وكان يملك هاتفا بلا كاميرا من النوع القديم.

رحل صديقى الذى كنت أنوى رد (جمايله) التى طوقت عنقى، ولم أحدثه يومًا لتكليفه بأى عمل الا وبادرنى بعبارة تحت أمرك يا ريس، رغم اننا دفعة واحدة وكنت أطلب منه معاملتى كزميل وليس كرئيس قسم، ولكنه كان يرفض ولم يقتصر الأمر على حسن خلقه مع الجميع، ولكنه حملنى فى مرضى الذى استمر ما يقرب من ٣ سنوات، وكنت أنوى رد هذه الجمايل له فى افراحه أو حتى فى مرضه، ولكنه -رحمة الله عليه- لم يشتكِ يوما من أى مرض، ولم يطلب اية إجازات، وكان دائم الإيثار لى لأنه يعتبرنى من سكان الأقاليم، وكان دائم الدعاء لى ومطالبتى بالاهتمام بصحتى وعدم الحضور وأنا مريض، وبدلا من رد الجميل له لم يمكننا حتى من حضور جنازته، فقد قضى ليلة عيد الأضحى بين عدة مستشفيات حتى أعلنوا وفاته قرب الفجر، وتعجلت أسرته بدفنه فى الخامسة من صباح يوم العيد ليؤكد للجميع انه لم يتعب احدا من زملائه فى حياته ولا حتى بعد مماته، ولكن دينك فى رقبتى يا صديقى وأدعو لك يوميا بالجنة ونعيمها.