عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

إسرائيل تضرب دمشق وتقتل طائرتها 15 مدنيا وتزعم استهداف إيرانيين من الحرس الثورى، ولا أحد ينطق أو يحتج. وتقتل بشكل شبه يومى فلسطينيين فى غزة ومدن الضفة بزعم مكافحة الإرهاب، وواشنطن تبدى القلق والأمم المتحدة تدعو لضبط النفس، والعرب يطالبون بعدم التصعيد، ولا أحد يطالبها باحترام القانون الدولى بوقف الاستيطان، وبصون حقوق الشعب الفلسطينى تحت الاحتلال، وتنفيذ اتفاقيات التسوية بينها وبين الفلسطينيين. بت  أعتقد أن من يقولون إن إسرائيل تحكم العالم هم على حق، لكن المؤكد أنها تتحكم فى القرار الدولى الذى أصبح رهينة  فى يد الإدارة  الأمريكية فى كل عهودها!

فى عام 1986 أصدر السياسى الأمركى الشهير  «بول فندلى» -1921-2019- كتابه الجسور  «من يجرؤ على الكلام» الذى كشف فيه من موقعه كعضو فى الكونجرس الأمريكى عن الحزب الجمهورى فى الفترة من عام 1960 وحتى 1982، أن السياسة الخارجية للولايات المتحدة بشأن الشرق الأوسط بشكل عام والصراع العربى -الإسرائيلى على وجه الخصوص، تُصنع فى الكينست الإسرائيلى، وليس فى الكونجرس الأمريكى أو فى البيت الأبيض أو الخارجية الأمريكية، وتصوغها  اللجنة الأمريكية -الإسرائيلية للشئون العامة المعروفة اختصارا بإسم «أيباك». ولقد تمكنت «أيباك» عبر أموالها  الطائلة ونفوذها داخل المجتمع الأمريكى، الممتد فى الصحافة ووسائل الإعلام والمؤسسات البحثية وهيئات التدريس المدرسية والجامعية، وصناعة الأفلام ونجومها، من إسقاط فندلى فى انتخابات الكونجرس بعد 22 عاما متتالية من عضويته، أما السبب  فلأنه اعترض على النفوذ الإسرائيلى الواسع النطاق فى القرار الأمريكى، الذى يتعارض فى أحيان كثيرة مع المصالح القومية  الأمريكية، ولأنه كان وفقا لوصفه من قبل أحد  أعضاء «أيباك» أكثر منتقدى السياسة الإسرائيلية ظهورا للعيان.

وعن طريق التضليل وتزوير الحقائق، وترويض العقول بالوعود والترهيب، تمكنت إيباك من السيطرة على الكونجرس بمجلسيه، النواب والشيوخ، وتوجيهه كيفما  وأينما تشاء، أما الوسائل فمتعددة : إرهاب كل من ينتقد أهداف إيباك، والعصف به وتدميره وكان من بينهم فندلى نفسه، لأنه جرؤ على القول، أن جميع أعضاء مجلسى النواب والشيوخ، يطيعون بلا استثناء أوامر تلك اللجنة، لأن معظمهم كما كان يؤكد «يعتبر إيباك الممثلة المباشرة للكابتول هيل -مقر الكونجرس- وذات القدرة السياسية، التى تتيح أمامهم فرص النجاح فى الانتخابات، أو تقضى عليها»!

فى العام 1984 تبنت «أيباك» تشريعا فى الكونجرس بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، نفذته لها إدارة ترامب قبل رحيلها، فضلا عن تأييدها ضم الجولان السورية إلى إسرائيل. 

ولعل الدهشة قد انتابت «بول فندلى» وهو يروى فى كتابه أن أعضاء الكونجرس لا يسمعون فى العادة غير وجهة النظر الإسرائيلية، فلم تكن هناك لوبيات عربية أمريكية، ولم تكن السفارات العربية تبدى اهتماما كبيرا بأن يكون لها تأثير على الهيئة التشريعية  الأمريكية، وهى تتردد فى استخدام خبراء فى العلاقات العامة، وإذا ما أراد عضو فى الكونجرس الاستماع إلى وجهة النظر العربية، وجد صعوبة فى العثور على متحدث عربى يشرحها له!

قبل ايام استجابت السلطة الوطنية الفلسطينية للضغط الأمريكى، بسحب مشروع قرر من مجلس الأمن يدين المستوطنات، فى مقابل وقف الاجراءات الأحادية للجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، ووقف العدان الإسرئيلى على الأراضى الفلسطينية، ولم تلتزم إسرائيل بأى من  الشرطين.

وفى وسط عالم مشغول بمواصلة الحرب فى أوكرانيا، ولم يكن يعنيه قبلها بتبنى قرار عادل يجعل من إسرائيل دولة كبقية الدول، ويوقف بلطجتها فى المنطقة، لم يعد أمام العرب غير وحدة الموقف العربى  داخل المنطقة  وفى المحافل الدولية، لوقف هذا العدوان حتى يؤون زمان ردعه. ولتكن الخطوة الأولى، هى دعوة سوريا إلى القمة العربية أواخر الشهر القادم فى السعودية، وهو أمر  ممكن إن أرادت له المملكة أن يتحقق.