رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

يُدرك كل متابع لبيئة الأعمال فى مصر أن شروخا عديدة أصابت جدار الثقة بين الحكومة والمستثمرين، ودفعت كثيرا من العقول النابهة إلى الإحجام عن الاستثمار فى مشروعات جديدة، وزاد الأمر عن المتوقع خلال السنوات الأخيرة بسبب اتساع الاستثمارات الحكومية وحصولها على النصيب الأكبر من الائتمان.

ورغم إدراكى بأن ظروف الجائحة، وتباطؤ الاقتصاد العالمى دفع كثيرا من الحكومات إلى توسيع استثماراتها بشكل عام لتعويض التراجع فى النمو، ومن ثم تراجع معدلات التوظيف، إلا أننى كُنت أرى ضرورة الحفاظ على دور القطاع الخاص كدور رئيسى فى الاستثمار، ومساندته، وتشجيعه، ليس بتصريحات المسئولين ووعودهم الرسمية فقط، وإنما بإزالة كافة المعوقات البيروقراطية التى تواجهه.

وكتبت فى هذا المكان قبل سنوات محذرا من اتساع نظرة الارتياب والتربص بالقطاع الخاص، واستهجنت بعض التصورات السطحية والمتسرعة التى كانت ترى أن دخول الحكومة بديلا للقطاع الخاص فى بعض القطاعات الاقتصادية يعنى بالضرورة تحول الأرباح التى كانت تحققها شركات القطاع الخاص إلى الحكومة، وإمكانية إعادة استخدامها فى مشروعات قومية وفى دعم قطاعى التعليم والصحة. وقلت وقتها إن التنمية المستدامة المنتظرة لا يمكن أن تتحقق بمعزل عن القطاع الخاص، مهما كانت السلبيات السابقة التى صدرت عن بعض أفراده.

وأثبتت الأزمة الاقتصادية الحالية أن الاستثمارات العامة وحدها، مهما توسعت وتنوعت، لا يُمكن أن تحقق التنمية الاقتصادية الحقيقية، ذلك لأن الإدارات فى القطاع الخاص أكثر نجاحاً منها فى القطاع الحكومى، اعتمادا على تراكم الخبرات والمعارف وتميز الكوادر العاملة فى مجال الإدارة بالاحترافية الشديدة، فضلا عن قانون ثابت ومؤكد يقول بأن ملاك المؤسسات أكثر حرصا على التطوير الدائم ومضاعفة الإنتاج والنهوض بالنظم المستخدمة من أولئك الذين لا يملكونها.

كما ثبت أيضاً أن المشروعات العامة الجديدة التى تم تنفيذها خلال السنوات الأخيرة فى حاجة إلى إدارات احترافية تابعة للقطاع الخاص، حتى تنجو هذه المشروعات من أمراض القطاع الحكومى المزمنة ولا تتحول إلى أعباء إضافية على موازنة الدولة.

من هنا، فإن هناك إجماعا لدى كافة خبراء الاقتصاد، يتوازى الآن مع قناعة حكومية، ورغبة قوية لدى القيادة السياسية فى استعادة دور القطاع الخاص مرة أخرى فى الاقتصاد، ومن يقرأ التصريحات، ويتابع الأخبار يعى جيدا أن خروج مصر من الأزمة يستلزم صناعة قصص نجاح حقيقية للاستثمار الأجنبى والمحلى الخاص فى البلاد، فهو أفضل برنامج ترويجى لمناخ الاستثمار فى مصر.

وإذا كانت الشهور الأخيرة قد شهدت بعض البوادر والمؤشرات الإيجابية المحفزة لاستعادة دور القطاع الخاص، فإننا ما زلنا فى حاجة لمزيد من المحفزات الاستثنائية غير المسبوقة حتى تتمكن مصر من الخروج من كبوتها واستكمال خططها التنموية.

لقد أعلنت الحكومة رسميا عن طرح 32 شركة للبيع لمستثمر رئيسى أو فى البورصة، وتم الانتهاء من وثيقة ملكية الدولة فى المشروعات والأنشطة الاقتصادية، كما تم الإفراج عن البضائع المكدسة بالموانئ وإلغاء العمل بقرار الاعتمادات المستندية فى الاستيراد، فضلا عن الإعلان عن صرف مساندة تصديرية متأخرة لثلاث سنوات لنحو 2500 شركة، وكل هذا جيد للغاية، لكن ما زالت هناك حاجة ماسة لتمهيد الطريق تماما أمام المستثمرين الجدد سعيا لإثبات أن مصر هى بلد الفرص العظيمة الممكنة.

وسلام على الأمة المصرية.