رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

العنوان الأفضل لهذه السطور هو: هل الزلازل عقاب إلهى أم ظاهرة طبيعية؟ وهو عنوان يحتل قائمة الموضوعات التى تبحث فى هذا النوع من القضايا كلما حدث زلزال صغر أم كبر فى أى منطقة من مناطق العالم، وآخرها الزلزال الذى ضرب تركيا وسوريا وامتد إلى مناطق أخرى قريبة وشعر به الناس فى مصر فى مرته الثانية منذ أيام.

ما هو مستقر فى العقل المسلم العام منذ صدر الإسلام حتى اللحظة الحالية تقريبا ويؤيده ظاهر الأسانيد الدينية من آيات وأحاديث فى حدود الفهم اللفظى لها هو أن الزلازل إنما تمثل غضبا إلهيا على القوم الذين تحدث بينهم وأن هذه الرسالة مفادها أن هؤلاء يجب أن يعودوا أدراجهم عن الذنوب والمعاصى التى ارتكبوها حتى يحل عليهم رضا الله سبحانه وتعالى.

لست فى موضع تناول آيات قرآنية أو أحاديث بالتفسير والتحليل؛ فذلك ليس من مهمتى ولذلك وحتى أضع نفسى فى حجمى الطبيعى أشرت إلى أن ما أقدمه ليس سوى خواطر، بمعنى أشياء تمر على الذهن، فى العرف العام سواء الدينى أم الإنسانى لا يؤاخذ الإنسان بها!.. غير أن ذلك لا يمنع، وبناء على هذا الفهم لتلك الظواهر المتعلقة بالزلازل من الإشارة إلى أن ذلك إنما يعبر عن أحد جوانب الخلل فى العقل المسلم فى أكثر تجلياته وضوحًا، وأن ذلك العقل إذا أراد أن يكون له مكان فى العالم فعليه أن يتخلى عن مثل هذه النظرة ليس لهذه الظاهرة فقط وإنما لكثير من الظواهر المماثلة.

لا أنكر أن التراث الدينى ملئ بالكثير من المرويات التى تدعم التوجه بفكرة العقاب الإلهى، ومن ذلك الحديث النبوى بأنها من أشراط الساعة «لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم ويتقارب الزمان وتكثر الزلازل» وما رواه أنس بن مالك من أنه دخل على عائشة هو ورجل آخر، فقال لها الرجل: يا أم المؤمنين حدثينا عن الزلزلة؟ فقالت: إذا استباحوا الزنا، وشربوا الخمور، وضربوا بالمعازف، غار الله عز وجل فى سمائه، فقال للأرض: تزلزلى بهم.. إلى آخر الحديث.

فى الإعداد لكتابة هذه السطور هالنى كم الإجماع من شيوخ وعلماء لهم قامتهم ذهبوا إلى فكرة العقاب الإلهى، منهم مثلا الدكتور أحمد عمر هاشم، والدكتور على جمعة الذى حاول أن يمسك العصا من المنتصف دون الحسم برأى محدد مع عدم نفى فكرة العقاب. ليس ذلك فقط بل الغريب أن أستاذ جيولوجيا بجامعة المنصورة وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية هو الدكتور حسنى حمدان كان قد ذكر فى تحقيق أجراه موقع «إسلام أون لاين» منذ سنوات أن الزلزال بمثابة رسالة تحذير من الله. فى حين أن الزلزال كما أشار البعض فى إطار العلم ليس سوى ظاهرة طبيعية تتمثل فى هزّة أرضية سريعة تنتج بسبب حزمة من الأسباب، منها تكسر الصخور وانزياحها عن مكانها الأول، ومنها تراكم الإجهاد داخل الصفائح الأرضية، ومنها نشاط البراكين، ومنها حدوث الانزلاق فى طبقات الأرض.

ويبقى السؤال: هل هناك رابط بين الزلازل وعلاقتنا مع الله؟ وهى الرؤية التى تحاول أن تؤكد عليها الرواية الدينية من قرآن وسنة ومأثورات عن الصحابة وغيرهم؟ فى رأيى نعم.. وهو أن الزلازل مجال للعظة وزيادة الإيمان بقدرة الله وعجز الإنسان مهما بلغت قدرته فى مواجهة الطبيعة.. وجوهر هذه الفكرة وروحها قد تجد تأصيلها الدينى إذا كان لابد من مثل هذه المرجعية فيما ذكره ابن القيم من أن الله قد يأذن للأرض فى بعض الأحيان فتحدث فيها الزلازل العظام فيحدث من ذلك الخوف والخشية والإنابة والإقلاع عن المعاصى والتضرع إلى الله سبحانه والندم.. بهذه النظرة التوافقية ربما يتقبل العقل المسلم دون خوف أو وجل، تجاوز قكرة الزلزال عقاب إلهي!

[email protected]