رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بموضوعية

المتابع للإشارات الصادرة عن الدولة المصرية فى نسقها السياسى الأعلى لاسيما تلك الإشارات الصادرة عن الرئيس أو رئيس الوزراء فيما يتعلق بالملف الاقتصادى يستطيع أن يستنتج بسهولة أن ثمة مسارات جديدة تدفعنا إليها الأزمة الحالية وهى مسارات طالما نادى باتباعها الكثيرون وهى العودة للاقتصاد الحقيقى الانتاجى سواء فى المجال الزراعى أو الصناعى.

والتصريح الذى صدر عن الرئيس السيسى خلال مشاركته فى قمة الحكومات فى دبى فى الأسبوع الماضى حول احتياج مصر لنحو ١٠٠ مليار دولار سنويا على مدار ٧ سنوات لسد الفجوة الاستيرادية تعنى بوضوح أن هذا المبلغ هو حجم الاستثمارات المطلوبة سنويا لإنشاء قاعدة صناعية وزراعية جديدة تنتج سلعا تلبى احتياجات الناس وتسد بالوعة الواردات التى تستنزف أكثر من مائة مليار دولار سنويا مرشحة للزيادة فى السنوات القادمة بفعل النمو السكانى وتزايد الاستهلاك وارتفاع الأسعار عالميا.

إذن العودة إلى المسارات الإنتاجية هى عودة صحيحة وإن تأخرت ومن ثم يجب التركيز على حسم هذا الاختيار من جانب الدولة وتحويلة إلى برنامج عمل واضح ومحدد تتوزع فيه الأدوار والمسؤوليات على الحكومة والقطاع الخاص وفقا لما تفعله كل بلاد العالم وليس وفقا لما نراه نحن والذى ثبت خطأه فى أحيان كثيرة.

فإذا تحدثنا عن القطاع الصناعى فإن يد الدولة مطلوبة تماما مثلما هو مطلوب أيدى القطاع الخاص التى يجب أن تكون غالبة لاسيما فى الصناعات الصغيرة والمغذية التى تدخل كحلقات وسيطة فى سلاسل الإمداد والتوريد.

فالدولة عليها أن تختار بعض الصناعات القائدة التى تحتاج إلى استثمارات ضخمة لتدخل فيها فى المرحلة القادمة ليس فقط لتعويض قائمة الأصول الطويلة التى سوف تضطر لبيعها تنفيذا للاتفاق مع صندوق النقد الدولى ولكن لأن هذه الصناعات لو تركت للقطاع الخاص لن يمتلك لا الجرأة ولا المبادرة ولا التمويل اللازم لها على الأقل فى المرحلة الراهنة، وهذا لا يعنى أن تمتلك الدولة كامل هذه المشروعات بل الصحيح هو أن تترك نسبة محددة لاستثمارات القطاع الخاص لاكسابه خبرة التجربة الأولى فى مثل هذه الصناعات الضخمة أما باقى الصناعات فعلى الدولة أن تتركها كاملة للقطاع الخاص لاسيما وأن مصر تزخر بالعديد من الشركات الخاصة والعائلية التى أحرزت نجاحا معقولا فى مجالات صناعية محددة فقط مطلوب إشاعة مناخ من الثقة لتشجيع هذه الشركات على توسيع أعمالها.

أما القطاع الزراعى فليس مطلوبا من الدولة شيئا سوى تركة للمزارع المصرى الذى أطعم العالم كلة لآلاف السنين تبتعد عنه وتتركه لشأنه هو أعلم بما يفعل فاذا أرادت أن تشترى منه محصولا تدفع له السعر العادل بعيدًا عن الأساليب البوليسية والمصادرة والمطاردة التى لا تجدى.

لماذا تدفع الدولة سعرا أعلى للقمح القادم من روسيا وأوكرانيا ولا تدفع نفس السعر للفلاح المصرى وفى اعتقادى أن خروج الدولة كاملا من القطاع الزراعى ربما يعيد تصحيح الأوضاع التى تشوهت بفعل الاحتكارات التى ضاعفت أسعار مدخلات الإنتاج وجعلت العملية الزراعية عبئا على الفلاح وليس مصدرا لرخاؤة وتحسين أحواله.

خلاصة القول إن العودة إلى المسار الانتاجى الصحيح هى عودة محمودة يجب على الجميع تشجيعها فإن تأتى متأخرا أفضل من أن لا تأتى مطلقا وربما تكون هذه العودة هى الحسنة الوحيدة فى الأزمة الحالية التى وضعتنا أمام حقائق الاقتصاد والحياة وجها لوجه.

[email protected]