عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لا تكون أسباب الفشل المتكرر دائما لضعف فى القدرات البشرية أو الإمكانات المساعدة، لكن هناك أسبابا رئيسية أخرى ومشكلات تتعلق بالأشخاص أنفسهم، فيما يرتبط بالخبرة الحياتية والتكوين النفسى والخوف من التجربة والتغيير، إذ يكون لدى البعض إصرار على اختيار الأساليب ذاتها باتجاه تحقيق هدف ما، لكنه بالرغم من عدم بلوغه لمرمى أحلامه وإذ يحاول مجددا، فإنه يكرر أسلوبه القديم نظرا للاعتياد وخوفًا من اتخاذ مسارات جديدة يمكن أن تختصر عليه الكثير فى مناسبة قدراته، ورغم ذلك فإن مسألة تغيير السلوك والأنماط المعتادة ليس بالأمر الهين الذى يأتى بمجرد الاختيار، لكنه يصبح يسيرًا حين تتشبع النفس الإنسانية بالتعلم من المواقف المختلفة ومن مشاهد موازية لآخرين، فالله سبحانه وتعالى كما خلق لنا الحواس التى ندرك بها تنوع مفردات الحياة، وهبنا العقل والحدس والإحساس كعناصر أساسية للتمييز والتعلم من التجارب.

وليت الأمر يتوقف عند الإصرار على انتهاج أساليب تقليدية بالنسبة لصاحبها تأكد من عدم جدواها وكررها بكل أسف، لكن نجد من هؤلاء من يشعرون بأنهم ضحية ما يجرى حولهم، متجاهلين حقيقة كون الإنسان كائنًا مميزا من قبل الخالق فى التمييز والاختيار واكتساب الفطنة ومن ثم تغيير الأحداث بتغيير سلوكياته إزاءها، ومنهم من يبرر تكرار أخطائه بالخوف من المجهول أو المستقبل، ليكون فى نهاية الأمر تكرار السلوك والتصرفات ذاتها هو الخيار الأسلم والأيسر، فينتقلون إلى مرحلة الانصياع والتخاذل والارتكان إلى فكرة معرفة النتائج البائسة مجددًا وصولا إلى معايشة الحياة بطريقة عبثية يكون فيها هذا الشخص عالة على نفسه ومن حوله، وهو ما يذكرنا بقصة سيزيف الشهيرة عبر الأسطورة الإغريقية، حين عمل سيزيف على تكبيل إله الموت «ثانتوس، فعاقبته الآلهة الأوليمبية بالحكم عليه بأن يعيش حياة أبدية فى عمل غير مجدٍ، بأن يرفع صخرة على كتفه ويصعد بها الجبل فترتد منه ثم يعود ليرفعها وهكذا، وإن كانت الأسطورة توضح أن ذلك كان حكما من الآلهة على سيزيف، غير أن النتيجة مشابهة لما نتعرض إليه من حالة التكرار غير المجدي، فربما كان سيزيف الذى كبل إله الموت بدهاء على دراية بعدم جدوى ما يفعله بعد ذلك ولم يكن أمامه طريق أخرى سوى تنفيذ الحكم، لكن ليس هناك أى مبرر لأشخاص فى الواقع المعيش وُهبوا العقل والتفكير أن يعاودوا الكرّة ويكرروا أخطاءهم حيال صخرة ثقيلةٍ فى حياتهم صعودًا إلى جبل الوهم وخوض رهانات خاسرة.

من ذلك كله ولكى نشق طريقنا الذى نعرفه نحو النجاح بثقة أولا الاهتمام بفكرة التعلّم، ولا أقصد هنا التعليم الذى هو ضرورة مُلحة بالطبع، لكن التعلم وهو مفهوم أشمل يتجاوز مجرد الكتاب والمعرفة إلى خبرة الحياة وقراءة التجارب بعناية، وكذلك عدم المبالغة فى الثقة التى من الممكن أن تؤدى إلى خسارة معلومات ضرورية فى شئوننا المختلفة، مع التركيز على ما نقوم به بشكل جيد وملائم لإمكاناتنا، وكذلك مكافأة النفس كأنها شخص آخر فى حالة تحقيق ولو خطوة واحدة للأمام فى مؤشر على أن الحافز الأساسى من دواخلنا، عدم الخوف أو الاستحياء من طلب المساعدة، فالناس جميعهم بحاجة إلى بعضهم البعض يكملون بعضهم ويتآزرون، والأهم من ذلك الدأب فى العثور أسباب النجاح الفاعلة طالما كانت مشروعة دون الخوف من خوض التجربة ودون استحضار الفشل وإن كان قد تكرر بشكل ما، فتكرر الأخطاء لابد أن يؤخذ كدرس يريد أن نستوعبه، بتجنب أخطاء الماضي، بالحصول على ما يكفى من الممارسة، واليقين بأن هناك من سبقنا إلى اجتياز صعوبات أكبر وهم بشر ونحن كذلك.