رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

لم يفرق الزلزال الذى ضرب جنوب تركيا والشمال السورى، بين ضحاياه. طال الحجر والبشر وشق الأرض والجبال وهدم والمبانى، ومحا أحياء بكاملها، وعزل غيرها، وصارت أعداد ضحاياه فى اليوم الخامس لوقوعه أكثر من 21 ألف ضحية من الجانبين، ونحو مائة ألف مصاب فضلا عن عشرات الآلاف ممن غدوا مشردين بلا مأوى، ولا عذاء ولا دواء، فى أجواء برد قارس وهطول للأمطار والثلوج، ودرجات حرارة منخفضة، وصلت إلى الصفر، وفى غيبة من المستشفيات والمعدات والبنى التحتية القادرة على مد العون لمعالجة المصابين، والإسراع فى رفع الأنقاض، وانتشال الجثث. والمتوقع طبقًا لمنظمة الصحة العالمية،أن تتضاعف تلك الخسائر والمصائب، على مدار شهر مع الاهتزازت الارتدادية التى تعقب الزلازل عادة، ومع صعوبة العثور على ناجيين، فى كارثة إنسانية وعالمية غير مسبوقة، كما قال خبراء الزلازل، فاقت قدرة أى دولة على المواجهة، وعملت على تحريك مجمل تركيا ثلاثة أمتار نحو الغرب!

وفى قلب هذه المأساة، التى تدمى القلوب، وتستحضرهم الضمائر الحية،غاب الضمير الغربى الإنسانى. الاتحاد الأوروبى حل على قادته صمت الحملان –صغائر الخرفان –ربما انتظارا للإشارات الواردة من البيت الأبيض. وما أن أعلن متحدث باسم الإدارة الأمريكية أنها لن تتعامل فى ملف المعونات مع النظام السورى، الذى ارتكب الفظائع بحق شعبه –كما يقول –حتى بادر الاتحاد الأوروبى على إعلان تضمانه مع تركيا، التى سبق أن أثارت شكوكه وأشعلت غضب واشنطن،عقب شرائها صفقة للصورايخ المضادة للطائرات من روسيا، وأصابه الخرس فى الدعوة الرسمية للحكومة السورية، طلبا لمساعدته.

وفى اليوم التالى، وبعد انقضاء نحو 48 ساعة على الكارثة، بادر عدد من القادة الأوروبيين بتبنى موقف الإدارة الأمريكية بإرسال المساعدات للمنظمات غير الحكومية فقط فى سوريا، لماذا؟ حتى لا يسيس النظام السورى الفاجعة ويستغل تلك المساعدات لصالحه، ويجلب الدعم لمطلبه برفع العقوبات الأمريكية عنه وكأن قصر تقديم المساعدة لمعارضى النظام ببعيد عن التسيس.

 قد يكون النظام السورى قد تضرر من تلك العقوبات، لكن المؤكد أن الضحية الأولى لها هو الشعب السورى بكل طوائفه وفئاته ولاسيما الفقراء منهم. وفى هذه المأساة القائمة، فإن تلك العقوبات تحول بين الحكومة السورية وبين تقديم المساعدات اللوجيستية للمتضررين من الزلزال فى المناطق التى تقع تحت سيطرتها، أو حتى إنقاذ ما تبقى فيها من آثار تاريخية.

ينطوى القرار الغربى الأوروبى والأمريكى على عنصرية فاضحة، فضلا عن إصرار عن التغاضى عن القيم الإنسانية وقواعد العدالة والمساوة التى يشملها القانون الدولى، ويحث فيها على مواجهة أضرار الكوارث الطبيعية، والعمل على الحد من نتائجها على البشر والممتلكات، حين يتلكأ ويبطئ فى اجراءات المواجهة وهو يلوك أسبابا سياسية للتفرقة بين الضحايا.

يبطئ الغربيون فى نفس اللحظة التى يسارعون فيها لضخ مليارات الدولارات للرئيس الأوكرانى «فولوديمير زيلينسكى» ومده بأحدث المعدات العسكرية، لا لشىء سوى إطالة أمد الحرب مع روسيا، بدلا من التوسط لإنهائها، لكى يزعم أمام الاستقبال الدعائى الحار له فى البرلمان الأوروبى، أنه يخوض الحرب دفاعا عن أوروبا. ورغم ما بات مؤكدا أن المستفيد الأكبر من استمرار الحرب هى الولايات المتحدة الأمريكية، وأنها حولت الشعب الأوكرانى إلى لاجئين، وأغضبت الشعوب الأوروبية التى لا تتوقف مظاهرتها احتجاجا على الغلاء والبطالة وسوء الخدمات العامة وساهمت فى رفع معدلات التضخم فى بلادهم.

تغير قانون الجامعة العربية، ولم يعد مطلوبا مبدأ الإجماع لتمرير القرارات، فلتكن تلك المأساة المروعة مناسبة لكى تعيد الدول العربية علاقاتها بسوريا، كجزء من التسهيلات والمساعدات التى بدأت ترسلها إلى الضحايا من الجانبين، ولعودة العلاقات الدبوماسية بين القاهرة وكل من دمشق وأنقرة.