عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

أحب زيارة معرض القاهرة الدولى للكتاب، وعندما تأتى سيرته أتذكر عندما كنت أزوره صبيا منذ عقود، حينما كان يقام بأرض المعارض فى الأوبرا بالجزيرة. ازداد انغماسى فى انشطة المعرض مع عملى محررا ثقافيا بالوفد، حيث كنت أسهر الليل مع النهار مع الفريق الإعلامى بالهيئة لكى نصدر النشرة اليومية التى تحوى أنشطة المعرض. ولفرط اهتمامى بالمعرض فقد كنت أحرص خلال تواجدى للعمل خارج مصر على أن أرتب جانبا من اجازاتى لتتوافق مع أيام المعرض الذى كنت أعتبره عرسا ثقافيا بامتياز.

بمرور السنوات يتجذر الاهتمام بالمعرض فى كيان المصريين ويتحول إلى ظاهرة عصية على التفسير والمعرض الأخير خير مثال على ذلك. وإذا كانت المقولة التقليدية على ألسنة الكثيرين هى أننا شعب لا يقرأ فإن حال معرض الكتاب هذا العام وربما كل عام يكذب ذلك. ورغم أن المنطقة التى يقام بها تسمى أرض المعارض إلا انه قد يكون من الأصح وصفها بأرض معرض الكتاب، وقد يؤكد ذلك القائمون على الأنشطة هناك، فرغم أنه تقام هناك معارض على مدار العام إلا أن جحافل البشر وأفواج الجماهير لا يمكن أن تراها على هذا النحو الا خلال أيام معرض الكتاب.

كانت زيارتى للمعرض الجمعة الماضية بمثابة مفاجأة عززت كل هذه الخواطر، فرغم أننى تصورت أننى من المبكرين، إلا أنه هالنى أننى لم أجد مكانا لأركن فيه سيارتى سوى على بعد ربع ساعة سيرا على الأقدام. شعرت وكأن مصر قد أتت كلها وبكل أبنائها لـ«الحج» إلى المعرض. وربما كان أفضل تعبير عن المشهد ما ذكرته الوفد فى عنوانها الرئيسى السبت الماضى -وهذا ليس انحيازا لجريدتى التى أعمل بها- من أن صلاة الجمعة فى ذلك اليوم كانت بطعم صلاة العيد.. وأضيف أنها لم تكن بطعمه فقط وإنما كانت عيدا بالفعل وإنما من نوع آخر.

واذا كان البعض يتندر على فكرة الطوابير فى مصر ويربطها بالخبز وفراخ الجمعية، فقد قدم المعرض فكرة لطوابير أخرى هى طوابير تذاكر معرض الكتاب التى كانت تمتد لعشرات الأمتار، رغم تعدد منافذ بيع التذاكر ورغم ان جانبا منها الكترونى. ليس معنى ذلك أبدا أن الثقافة فى مصر بخير وأنه ليس فى الإمكان أبدع مما كان، وإنما حالة عشتها ولمستها بنفسى ورأيتها بعينى وعكستها تلك الصور التى رصدت حركة الجمهور فى أيام المعرض هذه الدورة. صحيح أن البعض يذهب للتنزه والفسحة ومأرب اخرى، ولكن كل الظواهر الناجحة ينتابها مثل هذا الأمر بما فى ذلك المشاعر المقدسة.

فى زيارتى أنتقى بعض دور النشر الرئيسية وعلى رأسها جناحا الهيئتين العامة للكتاب وقصور الثقافة التى يحصل منها الجمهور على الكتب ببلاش، ببلاش بمعنى الكلمة، وللدقة بتراب الفلوس، بينما خرج المركز القومى للترجمة للأسف من هذه الدائرة، أما دور النشر العربية التى أحرص على زيارتها فقد دهشت من كلام القائمين عليها، فقد كنت أتوقع معزوفة أن المشاركة خاسرة وأنها لا تحقق تكلفتها، غير أن الإجابة كانت العكس. مشرف على إحدى هذه الدور اشتكى لى من ارتفاع رسوم الاشتراك للجناح، حوالى 76 ألف جنيه، ولكنه لم ينكر أن الحصيلة مرضية. آخرون راحوا يذكرون لى معضلة التباين الكبير فى سعر الدولار والجنيه، وأنهم يراعون هذا الأمر فى مصر ولكن المبيعات مفاجأة بالنسبة لهم ومربحة، رغم فكرتهم وتخوفهم من ضعف القدرة الشرائية للمصريين، مع التأكيد على صعوبة عدم المشاركة فى معرض القاهرة لا لشىء إلا لأنه «معرض القاهرة» وكفى.

ربما يصعب تقديم تفسير محدد لهذه الحالة التى يمثلها المعرض، ولكن مجمل الأحوال الخاصة به يؤكد أنه أصبح ظاهرة من أبرز ظواهر الحياة الثقافية، ربما ليس فى مصر فقط وإنما فى المنطقة العربية ككل. حفظ الله مصر وجعل رأسها مرفوعا فى كل وقت وحين.

 

 

[email protected]