رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

زمان كنا ندرس أن هناك فرعا فى فن التحقيقات الصحفية اسمه تحقيق الهروب، وقالو لنا إنه هو من أخطر أنواع التحقيقات إذا ما تم استغلاله لإلهاء الناس وإبعادهم عن التفكير فى مشاكلهم أو قضاياهم، فهو يشد القارئ بعيداً عن مشاكله اليومية، ويهرب به عن اهتماماته السياسية ليقدم له الجوانب والموضوعات التى تدور عن نجوم الفن والمجتمع والرياضة.

ويبدو أن هذا الموضوع انتقل إلى الاعلام المرئى ويستغله السياسيون فى محاولة لشد انظار الناس عن المشاكل الحقيقية.. وبدلا من اشراك الناس فى إيجاد حلول لهذه المشاكل يتم إلهاؤهم عن طريق اثارة قضايا هايفة وتصعيدها إلى المشهد العام أو استخدام بعض الأشخاص فى اثارة المشاكل مع فرض حماية لهم من الملاحقة القانونية حتى يعتقدوا انهم فوق القانون.

وهذه النظرية القديمة تنتج نفسها فى كل فترة وتطورت مع التطور الهائل فى وسائل الإعلام المرئية ومواقع التواصل الاجتماعى، وينجر وراءها الملايين من المتابعين وتستخدم بصورة كبيرة فى محاولة لفت نظر الناس عن المشاكل التى نستطيع حلها، وتزدهر هذه الظاهرة مع غلق المجال العام وما يترتب عليها من انتشار الشائعات والاتهامات التى تطلق بدون دليل على أشخاص عامة، وتصل إلى حد التطاول على مؤسسات الدولة فى محاولة لجذب الرأى العام إلى اتجاه بعيد عن الازمات الحقيقية.

وتتجلى هذه الظاهرة الآن فى ظل الازمات الكبرى التى تعيشها البشرية وعجز الحكومات عن إيجاد حلول سريعة لها، لذا يتم التوسع فيها بصورة كبيرة وبعناية فائقة ليس على المستوى المحلى ولكن على المستوى العالمى.

والغريب أن الحكومات تعلم تماما أن مصارحة الناس بما تعانيه البلاد من أزمات وتفتح باب الحوار الحقيقى امام الشعب يشاركها فى إيجاد حلول لهذه الازمات، خاصة أن أبدت مصداقية حقيقية فى التعامل معها فستجد مئات الاقتراحات من الناس للخروج من هذه الازمات.

ففى علم الإدارة انتهت نظرية المدير الملهم الذى يعرف ويعلم ويعمل كل شيء وانه الموجه الأول والمعلم الأعظم، وأصبحت الأفكار الملهمة تأتى من القاعدة الكبيرة، وهنا اقصد الناس ولنا فى الحوار الوطنى الذى دعا اليه الرئيس عبدالفتاح السيسى تجربة حية، ووفقا لما اعلنه مجلس أمناء الحوار أنه تلقى عشرات الآلاف من الاقتراحات والمطالب من الناس، لعرضها على الحوار الذى لا نعلم موعد انطلاقه حتى الآن، فلو كانت هذه الاقتراحات تم مناقشتها بصورة علنية من خلال جلسات استماع من المتقدمين بها لكان التفاعل اصبح اكبر حولها ووجدنا حلولا عملية للمشاكل التى نواجهها.

فلم يعد إلهاء الناس امرا مجديا الآن خاصة أن بعض الأشخاص الذين يتم استخدامهم فى هذه الحالة يخرجون على السيطرة بعد أن تأخذهم الجلالة والعظمة ويصدقوا انهم فوق القانون، بل البعض يعتقد أنه القانون نفسه.

والمواجهة والمصارحة والمكاشفة والجدية فى طرح المشاكل ونشر المعلومات الحقيقية تساعد على إيجاد حلول، وتخلق حالة تضامن شعبى واسع مع الحكومة حتى يتم العبور من هذه الازمات التى أتت علينا من حيث لا ندرى ورغم انفنا.

فنحن الآن نحتاج إلى تفكير هادئ بعيدا عن محاولة البعض جرنا إلى معارك فرعية، فنحن نحتاج إلى كل رأى من الخبراء الحقيقيين وآراء كل إنسان صادق يحب هذا الوطن للخروج من هذه الأزمات التى لا ذنب لنا فيها.