
معرض للكتاب ومُنتدى للإبداع
03 February 2023 مدحت بشاي
بمناسبة افتتاح الدورة الحالية لمعرض القاهرة الدولى للكتاب، ونحن نثمن دور الكتاب ونتلقف كقراء إبداعات كتابنا بكل شغف ولهفة، لا صحة للادعاء أن «سوق الكتابة جبر»..
وإن كان فى أحيان ليست بالقليلة يستشعر بعض مبدعينا أن رسائلهم الفكرية والإبداعية قد لا تجد الصدى ورد الفعل المنتظر، وهل ننسى ما خلص إليه الكاتب الكبير توفيق الحكيم فى نظرته اليائسة من جدوى الكتابة التى عبر عنها عندما سأله أحدهم «لماذا تكتب؟»، قال: «أنا لا أكتب إلا لهدف واحد هو دفع القارئ للتفكير.. وبعد مائة كتاب.. أعتقد أن أعمالى غير مجدية».
ولكن برغم هذه النظرة المتشائمة ظل «الحكيم» يكتب ويُبدع ويضيف وينتقد ويطور ويفكر ويحاور، وتتلقف إبداعاته دور النشر وتزين أفكاره صفحات إصدارات عصره الصحفية والثقافية، وذلك ببساطة لأنه موجود، وفكره ومنتجه الإبداعى ينتقل من مرحلة إلى مرحلة، ومن شكل إبداعى إلى آخر، وهو ما يؤكد عليه الكاتب الكبير يوسف إدريس للرد على نفس السؤال: «أنا أكتب لأنى أحيا، وأستمر فى الكتابة لأنى أطمح لحياة أفضل، طالما الرغبة فى الكتابة مُلحة»، كما يؤكد الكاتب السودانى الطيب صالح على نفس الإجابة ويضيف «أجدنى ميالاً إلى القول إننى أكتب طالما أنى أرغب فعلاً وأبداً بأن أصبح كاتبًا، فأنا أنتمى لثقافة ممارسة واحترام الكتابة فى تقاليدها».
والكتابة ليست ورطة كما وصفها الشاعر محمود درويش عندما قال «ربما لأننى متورط فى الكتابة بإيقاع لم يسمح لى بالتساؤل عن جدوى الكتابة.. أحياناً أكتب لألعب.. لكن لماذا أكتب.. ربما لأنه لم تعد لى هوية أخرى.. لم تعد لى محبة أخرى وحرية أخرى ولا وطن آخر».
ولكن على جانب ما يخص الكتابة الفكرية والنقدية وبشكل خاص ما يُعرض صحفيًا فهناك الكثير من الأدوار والمهام والمسئوليات المهنية الدورية المنوط القيام بها، والتواصل مع المتلقى طالب الخبر والمعلومة والتحليل والقراءة لأحداث الواقع.
وعليه، تقع مسئولية الالتزام بالقيم الأخلاقية كضرورة حاكمة وضابطة للأداء المهنى الصحفى لخطورة تبعات إخفاق المؤسسات الصحفية لضمان الانحياز الحقيقى لصالح المواطن وأمن ورخاء وتقدم الوطن.
علينا أن نراقب بعين الاهتمام هذا التوسع الخطير فى إنتاج الكتب المزورة، ومتابعة الفكر التضليلى والتكفيرى والمحبط المنتشر للأسف.
أخيرا، إذا كان لنا أن نبث همسات عتاب لحملة الأقلام وصناع الرأى العام، فلتكن دعوة للتذكير بالواجب الذى يجب أن يتحلى به قلم الصحفى وعدسته، وتنشيط لضمير حُجبت عنه الرؤيا أحياناً فراح يتخبط بين وازع للحق يناديه ووازع للإثارة ولفت الأنظار يستدعى أدواته.
وتبقى دومًا التحية واجبة لمن يحملون شرف ومسئولية الكلمة والفكر المستنير والمعلومة الصحيحة والحقيقة الكاشفة والمرشدة فى مسيرة وبناء الوطن فى ظل ما يمر به وطننا من مواجهات لتحديات لا يخفى أمرها على أحد بضمير مهنى وتوجه تنويرى.