عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مسافة السكة

نشاهد على العالم الافتراضى المتمثل فى مواقع التواصل الاجتماعى أو فى العالم الواقعى أى على أرض الواقع سواء تمثل فى الحوار والنقاش فى الندوات والمؤتمرات أو بين الناس وبعضهم البعض فى أماكن العمل أو غيرها خلافاً دائماً ناتجاً عن اختلاف الآراء حول موضوع معين أياً كان نوع الاختلاف فهو سنة الحياة، ولكن يجب أن نعرف كيف نختلف؟ فهناك اختلاف طبيعى بين الناس، اختلاف ناتج عن نقص المعلومات؛ أى اكتمال المعلومة عند طرف وآخر ينقصه بعض المعلومات، قال الله تعالى: «كان الناس أمة واحدة فاختلفوا»، وهذا الاختلاف طبيعى ناتج عن اختلاف فكر ناتج عن نقص المعلومات عند البعض واكتمالها عند البعض الآخر، فبمجرد العلم بالمعلومات الناقصة تكتمل الصورة ويذهب الخلاف، أما الاختلاف غير الطبيعى وهو المبنى على الجهل أو الشهوات والأهواء والمصالح، هذا الخلاف يكون الغرض من ورائه غير الحق، اختلاف مبنى على الظلم، وذكر الله ذلك فى محكم كتابه فقال: «وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغياً بينهم»، فنجد اليوم اختلافاً وصراعاً بين بعض الناس والبعض الآخر سواء اختلاف عقيدة أو اختلاف لمجرد الاختلاف، فهذا اختلاف مبنى على الأهواء والمصالح، لأن الحق واحد لا يحتاج إلى اختلاف، وهناك اختلاف تنافس، فالبعض يتنافس من أجل أن يفرض رأيه ولو كان غير صحيح، اختلاف من أجل إسقاط الآخرين والانتصار عليهم ظلماً وافتراءً، اختلاف لمجرد الاختلاف «ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا»، فقبل ان تأتى البينات كان الخلاف طبيعياً، أما بعد أن ظهرت البينات إذاً الخلاف من أجل الشهوات والمصالح والمطامع، ولكن اختلفوا «فمنهم من آمن ومنهم من كفر»،إذاً الاختلاف مطلوب ليفرز الله المؤمنين من الكافرين، ليفرز الحق من الباطل، ليميز الخبيث من الطيب، إذاً الاختلاف موجود ومطلوب لحكمة أرادها الله عز وجل، ولكن المهم نعرف كيف نختلف وكيفية التحاور حتى نحقق الفائدة من الاختلاف.

وضرب الله لنا أروع مثل للجدال والحوار وهو الذى دار بين سيدنا إبراهيم والملك، فقال الله سبحانه وتعالى:«ألم ترَ إلى الذى حاجَّ إبراهيم فى ربه»، فالمحاورة والجدال والنقاش لا ينتهى ليوم القيامة، وكل شخص له معتقداته وآراؤه، ولكن حتماً هناك طرفاً على حق وهناك طرفاً يظن أن الحق معه، أى باطل، فعندما يكون هناك موضوع محور نقاش، الذى ينتصر دائماً فى الحوار من كانت حجته أقوى، والحجة تأتى من الحق والإيمان والصدق، فعندما ظن الملك أنه الإله، قال له سيدنا إبراهيم «ربى الذى يحيى ويميت، قال أنا أحيى وأميت»، فهنا حدث خلاف فى التأويل! فالملك يقصد أنه عندما يأمر بقتل إنسان فهو المميت، وعندما يأمر بالعفو عن قتل إنسان فهو المحيى! ولكن سيدنا إبراهيم يقصد أن الله هو من يحيى ويميت بلا قتل! وعندما قال له سيدنا إبراهيم إن الله يأتى بالشمس من المشرق! فلم يستطع الرد على هذه الحجة لأن ليس بها تأويل أو مفهوم أو معنى آخر! فإذا حاورت إنسان فابدأ بحجة قوية لا يستطيع الرد عليها! فالنبى إبراهيم عندما رأى الملك مئولاً أتى له بموضوع غير قابل للتأويل، فيجب أن نتعلم كيف يكون الحوار والنقاش وألا نحوِّله لخلاف بل لإضافة معلومات وتصحيح مفاهيم وأخطاء وأيضاً من خلال محاورة من أمامك تستطيع معرفة شخصيته وآرائه وأيضاً ميوله، ومن ثم قرار الاستمرار فى الحديث معه أم تجنبه.